تاريخ العلم السوري القديم نسبياً وجذوره التاريخية!

على ضوء انتصار الثورة السورية في إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 بعد 14 سنة على اندلاعها، لفت المؤرخ السوري سامي المبيض الأنظار إلى تاريخ العلم السوري القديم نسبياً والمجهول للكثيرين.

ووفقاً لما نقله وترجمه فريق منصة كوزال نت عن موقع “indyturk” بالتركية، وضح الكاتب المبيض المعروف بالعديد عن مؤلفاته عن تاريخ سوريا الحديث ومدينة دمشق، جذور وتاريخ العلم السوري القديم.

وأوضح الكاتب في مقالته أن العلم الذي أصبح مرادفًا للمعارضة السورية ضد نظام الأسد البائد، كان في الواقع علم الجمهورية السورية الأولى تحت الانتداب الفرنسي.

وأضاف الكاتب أن سوريا تستعد رسميًا للحصول على علم جديد: العلم الثلاثي الألوان للمعارضة السورية، والمعروف أيضًا بـ”علم الاستقلال”، والذي أتى مع إعلان الجمهورية. 

ورغم أن العلم الجديد لم يتم تبنيه بشكل رسمي بعد، فإنه بدأ يُرفع على بعض المباني الحكومية وحتى في السفارة السورية بموسكو.

هذا العلم، الذي اعتمد لأول مرة تحت الانتداب الفرنسي في عام 1932، أُسقط عام 1963 على يد البعثيين، لكنه عاد رسميًا ليُرفرف في 2024 بعد سقوط بشار الأسد، بعد 60 عامًا من التوقف.

في بداية الانتفاضة السورية، زعمت وسائل الإعلام الموالية للنظام أن علم المعارضة “العلم السوري القديم” هو في الأصل “علم الانتداب” أو “علم الاستعمار”، في محاولة لإطلاق حجة لا أساس لها.
ووصل الأمر ببعضهم إلى تسميته “علم المفوضية العليا”، كما ادّعوا خطأً أن النجوم الثلاثة على العلم تمثل ثلاث دول طائفية تحت الانتداب: دولة علوية، ودولة درزية، ودولة سنية، رغم أن مثل هذه الدول لم تكن موجودة أبدًا.

واستندوا في هذا الزعم إلى حقيقة أن العلم اعتمد تحت الانتداب الفرنسي، متجاهلين أن النشيد الوطني السوري الأصلي (والذي لم يُغيَّر أبدًا) اعتمد أيضًا خلال فترة الانتداب. وكثيرًا ما كنت أرد عليهم قائلاً: “هل يعني ذلك أن النشيد الوطني هو أيضًا نشيد الاستعمار؟” وعادةً ما يكتفون برفع أكتافهم دون إجابة، لعدم معرفتهم بالتاريخ السوري.

إليكم القصة الحقيقية التي يجب أن يعرفها كل سوري بينما يرفع علمه الجديد.

تاريخ العلم السوري القديم ” علم الاستقلال”

مع انتخاب محمد علي بي العابد رئيسًا للجمهورية السورية عام 1932، تم تصميم علم جديد يتألف من ثلاثة ألوان: الأخضر والأبيض والأسود، إلى جانب ثلاثة “كواكب حمراء ذات خمس إشعاعات” (وليست نجومًا)، كما ورد في المادة الرابعة من دستور سوريا لعام 1928.

وفقًا للتفسيرات السياسية، لم تكن الكواكب الثلاثة ترمز إلى دول طائفية كما يُشاع، بل كانت تمثل ثلاث ثورات ضد الإدارة الاستعمارية: الأولى في الشمال بقيادة إبراهيم هنانو، والثانية في جبل الدروز بقيادة سلطان الأطرش، والثالثة كانت خلافًا بين ثورة صالح العلي العلوية وانتفاضة صبحي بيك بركات في أنطاكيا.
ولم تكن هذه الرموز تعبيرًا عن الفيدرالية، بل كانت رمزًا للوحدة الوطنية. وقد صممت لجنة برلمانية العلم، وأشارت ألوانه إلى فترات تاريخية في حكم سوريا: الأبيض للأمويين، والأسود للعباسيين، والأخضر للخلفاء الراشدين.

اعتماد العلم السوري القديم لأول مرة

رُفع العلم لأول مرة في 17 أبريل/نيسان 1946 خلال أول يوم للاستقلال السوري من قبل الرئيس شكري القوتلي، ورفعه الجنود السوريون مجددًا خلال حرب فلسطين عام 1948.
وعلى الرغم من الانقلابات العسكرية المتتالية بين عامي 1949 و1951، لم يفكر أحد في تغيير العلم حتى إعلان الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأسيس الجمهورية العربية المتحدة في فبراير 1958.

وقد بدأ عبد الناصر بإلغاء احتفالات عيد الاستقلال السوري واستبدالها بذكرى الانقلاب العسكري ضد الملك فاروق، كما ألغى النشيد الوطني السوري، وفي النهاية استبدل العلم. واستُبدل علم الاستقلال بعلم جديد يحمل نفس الألوان، ولكن مع نجمتين خضراوين بدلًا من ثلاث نجوم حمراء، حيث رمزت النجمتان إلى مصر وسوريا.

وعندما انهار نظام عبد الناصر في سبتمبر/أيلول 1961، عاد السوريون فورًا إلى علمهم القديم. وظل العلم مستخدمًا حتى 1 مايو/آيار 1963، عندما استبدله مجلس قيادة الثورة التابع لحزب البعث.

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

التعليقات مغلقة.