ماذا يعني تحذير وزير الخارجية الأمريكي من اندلاع الحرب الأهلية في سوريا؟
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الحرب الأهلية في سوريا على بعد أسابيع قليلة، مشدداً على ضرورة دعم الإدارة الانتقالية قبل فوات الأوان.
وفقاً لما نقله فريق تحرير منصة كوزال نت عن موقع “BBC NEWS TÜRKÇE” قال روبيو خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ إن الإدارة الانتقالية في سوريا تواجه خطر الانهيار خلال أسابيع قليلة، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى حرب أهلية شاملة وانقسام واسع للبلاد.
ودافع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات المفروضة على سوريا، مؤكداً على أهمية الانفتاح على الحكومة في دمشق والتعامل معها مباشرة، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات السورية حتى اللحظة.
وزير الخارجية الأمريكي يحذر من الحرب الأهلية في سوريا
في 13 مايو/أيار 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية، قراره برفع العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة مفاجئة أثارت تساؤلات داخل الأوساط السياسية.
وفي اليوم التالي، التقى ترامب بشكل مباشر مع الرئيس السوري أحمد الشرع، مشيراً إلى أن الشرع يمتلك فرصة حقيقية لإعادة سوريا إلى الوقوف على قدميها، في إشارة إلى دعم واضح له في المرحلة الانتقالية.
وفي تعليقها على تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو، قالت الدكتورة ريم تركماني، مديرة برنامج سوريا في وحدة أبحاث النزاعات والمجتمع المدني في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن، لموقع “bbc türkçe” إن روبيو لجأ إلى أمثلة متطرفة خلال حديثه في مجلس الشيوخ، بهدف إقناع أعضائه بدعم القرار.
وأضافت: “كان من الضروري أن يبرر للكونغرس كيف يمكن لقاء أحمد الشرع، الذي لا يزال مدرجاً على قوائم الإرهاب الأمريكية والدولية، بل واتخاذ خطوات لتعزيزه سياسياً عبر رفع العقوبات”.
وترى الدكتورة ريم تركماني أن تحذير وزير الخارجية روبيو بشأن الحرب الأهلية في سوريا صدر قبل قرار رفع العقوبات والتعامل المباشر مع القيادة السورية.
وأضافت أن روبيو قصد أن سوريا كانت قريبة جداً من الانهيار خلال أسابيع قليلة لو لم يتم التدخل، مشيرة إلى أن احتمال الانهيار لا يزال قائماً، لكن تدخل الإدارة الأمريكية خفّض من هذا الخطر، كما ربطت استقرار سوريا باستقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وردًا على سؤال من موقع “bbc türkçe”، وصف برودريك ماكدونالد الخبير في مركز دراسة التطرف الدولي بكلية كينغز كوليدج لندن، تقييم وزير الخارجية الأمريكي روبيو بشأن الحرب الأهلية في سوريا بأنه مبالغ فيه إلى حد ما، مشيراً إلى أن روبيو يستخدم هذا التقييم لإقناع زملائه في الكونغرس بضرورة رفع العقوبات.
ومن وجهة نظر ماكدونالد، وبالنظر إلى توسع سيطرة أحمد الشرع، فإن احتمال اندلاع الحرب الأهلية في سوريا خلال أسابيع قليلة غير مرجح.
ومع ذلك، أكد على أن سوريا بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية ورفع العقوبات، مشيراً إلى أن الدافع الرئيسي لوزير الخارجية الأمريكي من رفع العقوبات هو تسهيل دخول هذه المساعدات إلى البلاد.
وقال ماكدونالد: “دول المنطقة ترغب في تقديم المساعدات، لكنها تواجه صعوبة في ذلك بسبب الخوف من العقوبات الأمريكية”.
توقع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن يؤدي رفع العقوبات إلى تمهيد الطريق أمام الاستثمار الأجنبي في سوريا.
وقالت الدكتورة ريم تركماني إن هذه الخطوة تعني أيضاً فتح المجال للدولة المجاورة “تركيا”، للعمل مع الرئيس السوري للحفاظ على استقرار البلاد.
وفي خطابه، أشار روبيو إلى أن استقرار سوريا يؤثر بشكل مباشر على استقرار المنطقة بأسرها، مذكراً بأن انتفاضات الربيع العربي بدأت من هناك.
وأضاف أن ما يحدث في سوريا سيكون له تأثيرات على لبنان أيضاً، مشيراً إلى أن استقرار البلدين سيفتح الباب أمام فرص هائلة لتحقيق السلام والأمن.
رويترز: السفير الأمريكي في أنقرة يعين مبعوثاً خاصاً لسوريا
وأفادت وكالة رويترز للأنباء في 21 مايو/أيار 2025، استناداً إلى مصادر داخلية، بأن السفير الأمريكي لدى أنقرة توماس باراك، سيتم تعيينه مبعوثاً خاصاً لشؤون سوريا.
ويأتي هذا التعيين في إطار الجهود الأمريكية لتعزيز التنسيق والعمل الميداني في الملف السوري.
وكان باراك قد شارك في اجتماعات مجموعة العمل التركية السورية التي عقدت في واشنطن بتاريخ 20 مايو/أيار، والتي تناقش سبل دعم الاستقرار والتعاون بين الطرفين.
وفي ذات السياق، صرح وزير الخارجية الأمريكي أن موظفي السفارة الأمريكية في تركيا سيعملون بشكل مباشر مع المسؤولين المحليين في سوريا لتحديد نوع المساعدات التي تحتاجها المناطق المختلفة في البلاد، مما يعكس توجهًا عملياً لتقديم الدعم الإنساني وفقاً للاحتياجات الفعلية على الأرض، فيما لم يصدر أي بيان رسمي من الولايات المتحدة أو تركيا بشأن هذه التطورات.
أحمد الشرع، الذي يشغل حالياً منصب رئيس الإدارة الحكومة السورية الجديدة، كان قد قاد إدارة العمليات العسكرية، التي لعبت دوراً في الإطاحة ببشار الأسد، وقد أعلن انسحابه من تنظيم القاعدة عام 2016، إلا أن اسمه لا يزال مدرجاً على قوائم الإرهاب في عدد من الدول.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن خلفيات أعضاء الإدارة الانتقالية بما فيهم الشرع، لم يتم التحقق منها بعد من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI).
كما أشار روبيو إلى أوضاع الأقليات في البلاد، في ظل استمرار العقوبات الأمريكية المفروضة منذ بداية الثورة قبل ثلاثة عشر عاماً، والتي أسفرت عن مقتل ستمائة ألف شخص وتشريد نحو اثني عشر مليوناً.
وأضاف روبيو: أن “المكونات داخل سوريا تعاني من انعدام عميق في الأمن، بسبب السياسات التي اتبعها الأسد، والتي تعمدت تأجيج التوتر بين الجماعات المختلفة”.
وبحسب روبيو، فإن وزارة الخارجية الأمريكية سعت إلى رفع العقوبات وفق شروط محددة، من بينها ضمان حماية الأقليات الدينية والعرقية.
ورغم تأكيد رئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع، التزامه بهذه المبادئ، شهدت البلاد مؤخراً موجة جديدة من العنف الطائفي.
ووفقاً لتقارير إعلامية لم يتحقق من صحتها، قُتل المئات خلال عمليات إعدام استهدفت الأقلية العلوية في مارس/آذار، كما اندلعت اشتباكات عنيفة بين الدروز وقوات موالية للحكومة في مايو/أيار، أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا.
وفي جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بتاريخ 20 مايو/أيار، قال روبيو: “قد ينجح التعامل مع هذه الأطراف، وقد لا ينجح، لكن المؤكد أنه لن ينجح إذا لم نتدخل”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في تقييمه للوضع الداخلي في سوريا: “الخبر السار هو أن سوريا لا تزال تملك هوية وطنية”، وأشار إلى أن جميع المكونات الاجتماعية في البلاد، من الأكراد إلى العلويين والدروز، كانوا يعيشون في حالة من التعايش، إلى أن بدأ النظام السوري في تأجيج الخلافات بينهم عمدًا.
من جهتها، علّقت تركماني، على هذه التصريحات مشيرةً إلى أن الانقسامات الداخلية لا تزال تُشكّل تهديدًا حقيقيًا بعودة الصراع الأهلي.
وقالت تركماني إن “إدارة أحمد الشرع أدخلت تحسينات على الخطاب السياسي مقارنة بالخطاب الطائفي في الماضي”، لكنها حذرت من أن “إعطاء الأولوية للمسلمين السنة في بناء بعض مؤسسات الدولة، وخاصة قوات الأمن، يمكن أن ينظر إليه باعتباره ممارسة طائفية”.
وأضافت: “خطر الحرب الأهلية في سوريا لا يزال قائماً، والحل لا يكمن فقط في التدخلات الاقتصادية، بل في حوار وطني حقيقي يضم جميع الأطراف”.
غياب الاستقرار الاقتصادي يعزز الصراع
يرى برودريك ماكدونالد، أن غياب الاستقرار الاقتصادي في سوريا ساهم بشكل كبير في تفاقم حالة عدم الاستقرار التي أعقبت الإطاحة ببشار الأسد.
وأوضح ماكدونالد أن “الاقتصادات الضعيفة في الدول الخارجة من صراعات تكون أكثر عرضة لعودة العنف”، مشيرًا إلى أن البلاد شهدت توترات في الجنوب، وعلى الساحل، وفي المناطق الشرقية التي تسيطر عليها جماعات كردية مسلحة، قبل أن يتم احتواء بعضها جزئياً.
كما لفت إلى وجود استياء متزايد داخل بعض الأوساط المحافظة، خاصة بين المقاتلين الأجانب المنتمين إلى إدارة العمليات العسكرية وفصائل تابعة لها، نتيجة ما وصفوه بانحرافات دينية وتنازلات غير مقبولة من قبل قيادة أحمد الشرع.
ماكدونالد قدم مثالاً على ذلك، حيث ذكر انتقادات تنظيم داعش لأحمد الشرع ومحاولات التنظيم استغلال التوترات الحالية، بما في ذلك دعوته الأخيرة للمقاتلين الأجانب والمحافظين للانضمام إليه للمرة الأولى منذ سنوات.
وقال ماكدونالد: “رغم أن الحكومة الجديدة بدأت في معالجة بعض التحديات، إلا أن غياب استقرار اقتصادي حقيقي يبقي خطر اندلاع صراع جديد قائماً، حتى لو لم يصل إلى مستوى حرب أهلية شاملة”.
وأضاف: “رفع العقوبات وإيصال المساعدات الاقتصادية بشكل عاجل أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار في سوريا”.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.