هكذا سقط وسيم الأسد… من وهم الثروة إلى قبضة الاستخبارات السورية!

في واحدة من أبرز العمليات الاستخباراتية وأكثرها دهاءً منذ سقوط النظام السابق، نجح جهاز الاستخبارات السوري العام، وتحت إشراف مباشر من وزارة الداخلية السورية الجديدة، في استدراج واعتقال وسيم الأسد، ابن عم بشار الأسد وأحد أبرز وجوه النظام المنهار، وذلك بعد الإيقاع به ضمن كمين محكم، تم خلاله خداعه بوجود “ضابط فاسد” داخل الجهاز الأمني الجديد.

ووفقاً لما نقله فريق تحرير منصة كوزال نت، فإن العملية التي أُطلق عليها الاسم الرمزي “كمين الذهب الأسود” لم تكن مجرد عملية اعتقال تقليدية، بل شكّلت نموذجًا متكاملًا لعملية نفسية وميدانية عالية الدقة، جرى فيها خداع وسيم الأسد بإتقان مذهل، ليُوهم بأن الطريق لاستعادة ثرواته القديمة أصبح سالكًا، وأن بعض “الضباط الجدد” في المنظومة الأمنية باتوا قابلين للشراء. غير أن الحقيقة كانت مغايرة تمامًا؛ إذ كانت أعين الاستخبارات تراقبه عن كثب منذ اللحظة الأولى، وتنسج حوله شباك الإطباق بخيوط محكمة، واحدًا تلو الآخر.

‏تفاصيل الخطة: كيف تمت عملية الإيقاع بابن عم رئيس النظام المخلوع، وسيم الأسد؟

وفي التفاصيل المثيرة التي أعلنت عنها الداخلية السورية، انطلقت العملية في أوائل فبراير/شباط 2025، حين التقطت أجهزة المراقبة التابعة للاستخبارات السورية إشارات دقيقة تشير إلى تحركات مشبوهة لوسيم الأسد في منطقة جبل محسن بمدينة طرابلس اللبنانية، إلى جانب محاولاته إعادة التواصل مع بعض من رجاله السابقين داخل سوريا، في مسعى لاسترجاع مبالغ نقدية وسبائك ذهبية كان قد أخفاها قرب الساحل السوري قبل فراره.

عند هذه النقطة، شرع جهاز الاستخبارات العامة، بالتعاون الوثيق مع وزارة الداخلية، في وضع خطة خداع محكمة التنفيذ. وتم زرع عميل مزدوج داخل شبكة وسيم الأسد، أوكلت إليه مهمة لعب دور الوسيط مع “ضابط فاسد” مختلق، زُعم أنه على استعداد لتقديم ما يلي:

  • بطاقات أمنية مزورة
  • زي رسمي تابع لجهاز الأمن العام
  • مواكب أمنية وهمية تحمل لوحات حكومية مزيفة لتأمين الغطاء اللازم للتحرك.

وسيم الأسد، وقد استحوذت عليه أوهام استعادة النفوذ والثروة، انطلى عليه السيناريو بالكامل، إذ أبدى ثقة تامة بالعرض، ورتّب دخوله إلى سوريا عبر نقطة تهريب في منطقة “وادي العريضة” قرب تلكلخ، متجهًا بعدها مباشرة نحو مزرعة مهجورة كان قد أخفى فيها كنزه القديم.

 

دهاء أمني لا يشترى من رجال الاستخبارات السورية

ما لم يكن في حسبان وسيم الأسد أن كل حركة قام بها، وكل اتصال أجراه، كانت تخضع لرقابة دقيقة ولحظة بلحظة من قبل الأجهزة الأمنية، فَالضابط الفاسد الذي ظنه مفتاح عودته إلى الساحة لم يكن سوى شخصية وهمية، صاغتها ببراعة وحدة التخطيط النفسي في شعبة العمليات الخاصة، ضمن سيناريو محكم نُسج بعناية فائقة.

حتى أن البطاقات المزيفة، والزي الرسمي، والمواكب الأمنية المزودة بأجهزة تتبع دقيقة، لم تكن سوى أدوات خُدع بها، صنعت خصيصًا داخل قسم تقني متقدم في جهاز الاستخبارات، بهدف مراقبة وتحليل كل تفصيل بدقة متناهية.

وعندما حانت لحظة الحسم، وبعد أن استخرج وسيم الأسد كنزه المدفون من سبائك وأموال، وقبل أن يخطو أولى خطوات العودة نحو الحدود اللبنانية، أُسدل الستار فجأة: أغلقت ثلاث وحدات أمنية الطريق من ثلاث جهات، لتُغلق بذلك آخر منفذ للهروب… وتنتهي الحكاية حيث لم يكن يتوقع.

لحظة الحسم والقبض على الصيد الثمين

 

عند الساعة 04:20 فجرًا من صباح السبت الموافق 21 يونيو/حزيران 2025 وبعد عملية تتبع دقيقة استمرت مدة 4 أشهر، تحركت وحدة العمليات الخاصة بهدوء ودقة نحو الهدف، واقتحمت الموقع دون أن تطلق رصاصة واحدة. 

كان المشهد صادمًا: وسيم الأسد واقف في مكانه، مذهولًا، قابضًا على مفتاح الصندوق الحديدي الذي ظنه بوابة العودة… ليكتشف، في لحظة خاطفة، أن الطعنة لم تأتِ من رجاله، بل من الثقة الزائفة التي زرعتها فيه الدولة السورية الجديدة بدهاء بالغ.

وبينما كانت القيود تُغلق على معصميه، اقترب منه أحد الضباط، وهمس بعبارة لا تُنسى:

“عفوًا يا وسيم… الضابط الفاسد لم يوجد يومًا. هذا هو الضابط الحقيقي.”

تقدير أمني عالي المستوى: جهاز استخبارات لا يعرف طعم النوم، ولا يغفل له جفن!

وأدلى مسؤول رفيع في وزارة الداخلية السورية بتعليق حول العملية جاء فيه:

“ما حدث لم يكن مجرد إلقاء القبض على مجرم فارّ، بل كان صفعة مدوّية لوجوه الاستهتار بسيادة الدولة. رسالتنا واضحة لا لبس فيها: الدولة السورية الجديدة ليست للبيع، وأجهزتها الأمنية عصية على التلاعب، ومن يظن أنه سيعود لاسترجاع ما نهبه، فلن يجد سوى المحاسبة بوزن جرائمه.”

وأضاف:
“كل ما توهّم وسيم الأسد أنه خطة محكمة للفرار، لم يكن إلا فصولًا من سيناريو كتبناه بدقة متناهية… مشهداً بعد مشهد، حتى إسدال الستار.”


ويرى مراقبون، أن “كمين الذهب الأسود” لم يكن مجرد إجراء أمني، بل مثّل لحظة فاصلة في العقل الاستراتيجي للدولة السورية الجديدة.
إذ أن عملية الإيقاع بابن عم الطاغية بشار الأسد، عملية بُنيت على دقة المعلومة، وذكاء الحيلة، وهدوء الأعصاب، فحققت أهدافها كاملة دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة.

لتبرهن بذلك وزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات على أن الدولة لا تكتفي بإسقاط رموز الماضي، بل تمتلك القدرة على تفكيك شبكاتهم الممتدة عبر الحدود، ومواجهة الفساد ليس بالعنف… بل بتفوق العقل.

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.