أوزغور أوزيل رئيس حزب الشعب الجمهوري يجتمع مع الرئيس أردوغان لأول مرة منذ 2016!
استقبل رئيس الجمهورية التركية ورئيس حزب العدالة والتنمية “AKP” رجب طيب أردوغان رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، واستمر اللقاء، الذي كان مغلقا أمام الصحافة ووسائل الإعلام، لمدة ساعة و35 دقيقة.
ووفقاً لما تابعه وترجمه فريق كوزال نت عن وكالة الأناضول التركية الرسمية، عُقد اللقاء الخاص بين الرئيس أردوغان و رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل في مقر حزب العدالة والتنمية الرئيسي في العاصمة التركية أنقرة، وكان مغلقاً أمام وسائل الإعلام.
وقد استُقبل أوزغور أوزيل، من قبل نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، مصطفى إليتاش عند وصوله إلى مقر الحزب.
واستمر اللقاء بين الرئيس أردوغان ورئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل لمدة ساعة وخمسة وثلاثين دقيقة.
وقد شارك في اللقاء أيضاً، عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري “CHP” في إسطنبول وعضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان نمك تان، إلى جانب إليتاش.
وأعرب عمر تشيليك الناطق باسم حزب العدالة والتنمية عن ارتياحه لزيارة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل لفخامة الرئيس التركي، مؤكداً أن الزيارة كانت في جو إيجابي.
وأشار فخامة الرئيس إلى ضرورة استمرار الحوار، مشيراً إلى أن العدالة والتنمية سيقوم بزيارة للشعب الجمهوري في الوقت المناسب وفقًا لجدولهم الزمني.
لقاء في ظروف مختلفة!
عندما تسلم زعامة حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، أعلن الصيدلاني والسياسي الشاب أوزغور أوزيل عن وعوده قائلاً: “سنستعيد كل البلديات التي فقدناها، وسنضيف بلديات جديدة… وسنحقق معاً انتصاراً عظيماً”.
وقد تمكن بالفعل، مع حزبه، من تحقيق ذلك، حيث حقق فوزاً كبيراً في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس الماضي، ووجّه ضربة كبيرة لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
والتقى أوزيل بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عصر يوم الخميس في لقاء وصفته وسائل الإعلام التركية بأنه “تاريخي”.
وبينما يتوجه الانتباه نحو نتائج الاجتماع الذي سيجمعهما على طاولة واحدة، تثار تساؤلات حول الأسباب التي دفعت الرجلين لاتخاذ هذه الخطوة، وتساؤلات أخرى تتعلق بشخصية أوزيل ومسيرته التي بلغت ذروتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 حين تولى منصباً سياسياً بارزاً.
وقبل لقاءه مع أردوغان، أطلق رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل تصريحات أمام مبنى بلدية إسطنبول، وقال أمام جموع المحتفلين بعيد العمال: “إذا لم تكن منطقة تقسيم حرة اليوم، فستكون كذلك غدًا.. عاجلاً أم آجلاً.. تقسيم ملك للعمال”.
وأضاف بعد مزاعم منع الشرطة التركية للتجمعات في “ميدان تقسيم”: “إنها ملك للعمال. نحن ندعم مطالب الحرية. يحيا الأول من مايو. يحيا نضال تركيا والطبقة العاملة”.
وبالإضافة إلى ذلك، وجه رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل رسائل أخرى يُعتقد أنها كانت تعبيراً عن رأيه قبيل الاجتماع مع أردوغان، مؤكداً على ضرورة الالتزام بالدستور الحالي، وعلى هذا الأساس يمكن مناقشة كتابة دستور جديد للبلاد.
الملفات التي تناولها اللقاء بين أوزغور أوزيل والرئيس التركي رجب طيب أردوغان
توضح وسائل الإعلام التركية أن زعيم المعارضة، أوزغور أوزيل، سيقدم ملفاً شاملاً خلال لقاءه مع أردوغان، يتناول فيه الأزمات القضائية والمشكلات الاقتصادية والسياسة الخارجية، بالإضافة إلى ديون البلديات التي انتقلت إلى حزبه.
وفي المقابل، يركز جدول أعمال أردوغان على مسألة “الدستور الجديد” وضرورة الاستمرار في هذا الاتجاه، بالتشاور مع باقي الأحزاب في تركيا.
وذكرت صحيفة “جمهورييت” المعارضة يوم الخميس أن أوزيل قام بالاتصال بالرؤساء السابقين لحزب الشعب الجمهوري قبل الاجتماع، واستشارهم حول آرائهم ومقترحاتهم، وهم ألتان أويمن وحكمت جيتين وكمال كليتشدار أوغلو ومراد كارايالسين.
وأشارت صحيفة “حُرييت“، المقربة من الحكومة، إلى أن زعيم الشعب الجمهوري سيناقش قضية الناشط التركي المعتقل، عثمان كافالا، والمعتقلين في قضية أحداث “غيزي بارك” التي وقعت عام 2013.
من ناحية أخرى، ستشمل جدول أعمال اللقاء مشاريع البلديات المنتظرة الموافقة عليها من الحكومة المركزية، وتكاليف المعيشة، والمعاشات التقاعدية، والمعلمين الذين ينتظرون التعيين، وفقًا لموقع “خبر تورك”.
ويعتقد المحلل السياسي التركي، جواد غوك، أن قضية “الدستور الجديد” ستكون الأبرز على طاولة الحوار بين أردوغان وأوزيل.
ويشير إلى أن “الحكومة والحزب الحاكم يرغبان في دعم من المعارضة لتغيير الدستور العسكري الذي يسري تطبيقه منذ الثمانينات، ويقترحان أنه يجب علينا التحرك معًا في هذا الاتجاه”.
ومع ذلك، تمتلك المعارضة “خطة مختلفة”، وفقًا لغوك.
ويضيف أن “أنصارها يعولون على أوزيل في عدم الموافقة على مطالب الرئيس التركي، خاصةً أن الأخير يرغب في تمديد فترة ولايته الرئاسية مرة أخرى”.
ويعتبر هذا اللقاء هو الأول بين قادة الحزبين الأكبر في تركيا منذ عام 2016.
ومنذ ذلك الحين، كان أردوغان دائمًا يوجه انتقادات حادة للمعارضة، وتتبعه الأخيرة نفس المسار، مما أدى إلى تصاعد التوتر بينهما.
وتأتي هذه الاجتماعات بعد شهر من انتهاء الانتخابات المحلية، التي شهدت فوزًا كبيراً للمعارضة وهزيمة للحزب الحاكم وحليفه “الحركة القومية”.
ولم يكن متوقعًا لدى أوساط الحزب الحاكم في 31 مارس/آذار 2024 أن تكون النتائج كما كانت، خاصةً بعدما فشل في الفوز بالبلديات الكبرى وخسر بلديات أخرى كان يديرها منذ سنوات.
ويعتقد المحلل السياسي غوك، بحسب تعبيره، أن “أحزاب المعارضة، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري، لن تتبع مطالب الرئيس التركي بتغيير الدستور الحالي”.
ويضيف أنهم “يعتقدون أن ما يقوم به أردوغان بعد الخسارة الأخيرة في انتخابات البلديات يهدف إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من فترة حكمه”.
من هو رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل؟
وعلى عكس سلفه كمال كليتشدار أوغلو، الذي خسر أمام إردوغان في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العام الماضي، تمكن أوزغور أوزيل من تحقيق نتائج فعلية على أرض الواقع.
ومن بين تلك النتائج، حقق حزبه فوزًا عريضاً في انتخابات البلديات وحصد الأصوات التي جعلته الحزب الأكبر والأول في تركيا، متخطيًا حزب “العدالة والتنمية” الذي تحول لأول مرة منذ تأسيسه عام 2001 إلى المرتبة الثانية.
ولد أوزغور أوزيل في 21 سبتمبر/أيلول 1974 في مدينة مانيسا، وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في إزمير، ثم تخرج من كلية الصيدلة في جامعة إيجة عام 1997، كما تشير السيرة الذاتية المنشورة على موقع “الشعب الجمهوري” الرسمي.
وقد عمل كصيدلاني حتى دخل المجال السياسي في عام 2009، وعندما ترشح لمنصب عمدة مدينة مانيسا في الانتخابات المحلية آنذاك، ورغم عدم فوزه في تلك الفترة، فقد استمر في النضال السياسي حتى دخل البرلمان كنائب عن مدينة مانيسا في الانتخابات العامة التي جرت بعد عام واحد من انتخاب كليتشدار أوغلو كرئيس للحزب في عام 2010.
أوزيل متزوج من ديديم أوزيل ولديه طفل واحد، ويجيد التحدث باللغة الألمانية والإنجليزية بطلاقة.
وتشير وسائل الإعلام التركية، بما في ذلك صحيفة “سوزجو“، إلى أن أوزيل بنى سمعته تدريجيًا في الساحة السياسية، وأصبح معروفًا بخطاباته المؤثرة، وكذلك تنبأ لكارثة منجم “سوما” في عام 2014، قبل حدوثها بأسبوعين فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن منجم “سوما” كان موقعًا لإحدى أهم الحوادث المفجعة في تركيا، وبصفته عضوًا في البرلمان عن مدينة مانيسا، قدم أوزيل اقتراحًا بإنشاء لجنة برلمانية لفحص المناجم في المنطقة، لكن تلقى رفضًا من الحكومة، وفي أعقاب ذلك وقعت الكارثة التي أودت بحياة نحو 300 عامل على الأقل.
وقد لعب أوزيل أيضًا دورًا فاعلًا في “مسيرة العدالة” التي أطلقها كليتشدار أوغلو في عام 2017.
وتشير السيرة الذاتية له أيضًا إلى أنه شغل في السابق منصب نائب رئيس مجموعة حزب “الشعب الجمهوري” في البرلمان التركي بدءاً من 24 يونيو/حزيران 2015، وظل في هذا المنصب حتى 14 و28 مايو/آيار 2023، تاريخ انتخابات الرئاسة والبرلمان في تركيا، وبعدها قاد حملة “تغيير” داخل حزبه بالتعاون مع عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بعد الهزيمة التي مني بها كليتشدار أوغلو أمام منافسه إردوغان.
وفي المؤتمر الأول الذي عقد في “القرن الثاني” لتركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، انتخب أوزيل رئيسًا لحزب “الشعب الجمهوري”.
مختلفٌ عن سابقيه!
وعندما فاز أوزغور أوزيل برئاسة “الشعب الجمهوري” قبل ستة أشهر، كانت هذه الانتخابات نهاية لفترة حكم دامت 13 عامًا تحت إدارة كليتشدار أوغلو.
يشير إسماعيل كوتشوك كايا، كاتب العمود في موقع “هالك تي في” المعارض، إلى أن “المعارضة السابقة كانت مجرد صوت هامشي لم يكن له تأثير حقيقي على الساحة السياسية، حيث كان زعماؤها غير فعَّالين”.
ويضيف: “كانوا يكتفون بالانتقادات والمظاهرات الرمزية دون اتخاذ إجراءات فعالة، ولكن مع تولي أوزيل السلطة، تغير هذا الواقع تمامًا”.
في مقالته التي نُشرت الخميس، يعتبر كايا أن موقف أوزيل الصلب مع العمال ورؤساء النقابات أمام مبنى البلدية في إسطنبول يوم الأربعاء يُظهر هذا التحول، ويؤكد أن زعيم “الشعب الجمهوري” بعث برسالة واضحة: “سأكون هنا في الأول من مايو، لأعبر عن موقفي، ثم ألتقي إردوغان في اليوم التالي”.
إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد
التعليقات مغلقة.