لائحة اتهام للتستر على مقتل طفل سوري عامل في تركيا!

في لائحة الاتهام المتعلقة بجريمة مقتل طفل سوري عامل في تركيا، الذي يُدعى أحمد هاسكيرو البالغ من العمر 11 عاماً، والذي علق في المصعد أثناء عمله في شركة داغ تيكستيل في أضنة، تمت تبرئة صاحب العمل الرئيسي، وصدر قرار بعدم الملاحقة القضائية للشخص الذي قال إنه المسؤول.

ونقل فريق تحرير كوزال نت عن موقع “evrensel” التركية، مقالاً ينتقد العدالة التركية في هذه القضية.

ووفقاً لما نشره الموقع، قال ماركوس أوريليوس، الذي عاش قبل 1900 عام: “القوانين تشبه شبكة العنكبوت، حيث تعلق فيها الذباب الصغير، بينما يستطيع الذباب الكبير اختراقها.”

في ذلك الوقت، كان هناك بالفعل نظام العبودية في روما. أما في الديمقراطيات الحديثة اليوم، فهناك الدستور، واستقلال القضاء، وفصل السلطات، ومبادئ متفق عليها من قبل الجميع. هناك الانتخابات، ووسائل الإعلام. على الرغم من رغبتنا الشديدة في الاعتقاد أن العدالة ستتحقق في هذا العصر، وأن كل شخص سيحصل على العقوبة التي يستحقها، وأن القوانين ستطبق على الجميع بشكل متساوي، فإن الحقيقة، للأسف، ليست كذلك. وأوضح أحدث وأوضح مثال على الظلم الذي نواجهه في كل مجال هو قضية أحمد هاسكرو.

مقتل طفل سوري عامل في تركيا!

لا تزال الشكوك وحالة الجدل مستمرة على حادثة مروعة أدت إلى مقتل طفل سوري عامل في تركيا.

القصة بدأت مع انتقال الطفل السوري أحمد هاسكرو، البالغ من العمر 11 عامًا، مع عائلته من سوريا إلى  تركيا، إلى أن لقى حتفه في 11 يونيو/حزيران 2024، بعد أن علق في المصعد أثناء عمله في ورشة ملابس.

وكان أحمد هاسكرو يعمل في مصنع شركة داغ تيكستيل في أضنة، الذي يعرف بارتباطه الوثيق بنواب وسياسيين من حزب العدالة والتنمية (AKP)، وكان يعمل مع والدته وشقيقته في هذا المصنع.

أصحاب المصنع الذي توفي فيه الطفل أحمد هاسكيرو

 

تحقيق الشرطة حول جريمة مقتل الطفل السوري أحمد هاسكيرو

وقد فتحت النيابة العامة في أضنة تحقيقًا حول جريمة مقتل طفل سوري عامل في تركيا التي انتشرت أخبارها في وسائل الإعلام. 

وذكر تشيتين تشيليكال، الذي كان يعمل كعامل في ورشة  داغ تيكستيل حيث وقعت الحادثة، في أقواله للشرطة والنيابة، أنه كان يدير مكان الحادث، وأن الحادث وقع أثناء زيارة الطفل لوالدته، التي كانت تعمل بجانبه. كما يحدث في هذه الأراضي، فإن “الرب الكبير لم يستطع قضاء العقوبة في السجن، لذا تحمل العبد جريمة القتل.”

النيابة العامة والشرطة، المعروفة بطرح أسئلة معقدة ومشكوكة، تصرفت على افتراض أن جميع الشهادات التي جمعتها كانت صحيحة، دون أن تسأل الأسئلة الحاسمة. 

ولم يشعر المُدعي العام بالحاجة إلى طلب أو فحص دفاتر وسجلات العمل الخاصة بالمكان الذي زعم تشيتين تشيليكال ملكيته.

كما أن موظفًا آخر يدعى عمر إنجي، الذي كان يدير الحسابات في المبنى ويقول إن صيانة المصعد كانت من مسؤوليته، قام بتشكيل حماية إضافية أمام صاحب العمل.

 لسوء الحظ، لم يخطر ببال المدعي العام طرح أسئلة مثل “ما هو العمل المتعلق بحسابات المبنى؟ هل يوجد شخص آخر في تركيا يتولى حسابات المباني غيرك؟ باسم من تقوم بهذه المهمة، ومن يدفع لك أجرها؟”

وقد جمعت الشرطة التركية تسجيلات كاميرات الأمان من المبنى والمناطق المحيطة به لتقديمها في ملف التحقيق حول قضية مقتل طفل سوري عامل في تركيا، ولكنهم عادوا بعد أن صدقوا قول أصحاب العمل بأن “كاميراتنا معطلة ولا تقوم بتسجيل أي شيء”. فلم يكن من الممكن أن يكذب أصحاب العمل الكبار على الشرط التركية.

أيضًا، قبِل المدعي العام تصريح صفاء هاسكرو، والدة أحمد، الذي قالت فيه “ابني لم يكن يعمل في الورشة، بل جاء لزيارتي عندما وقع الحادث”. رغم وجود شكوك حول احتمال تلقي صفاء هاسكرو تعويضًا ماليًا مقابل تقديم هذا التصريح، فإن الأطراف اتفقت على تسوية القضية بسلام.

كما قدم العمال الآخرون في المصنع شهادات مشابهة تفيد بأن أحمد هاسكرو لم يكن يعمل في الورشة، وحتى بعد تقديم شهادة قد تؤدي إلى سجن أصحاب العمل، لم يكن من الممكن لهؤلاء العمال العثور على عمل في نفس القطاع مرة أخرى، واعتبرت شهاداتهم صحيحة. 

وأظهرت جميع الأدلة في ملف التحقيق أن أحمد هاسكرو لم يكن يعمل في ذلك المكان، وأن ارتباط أصحاب مصنع داغ تيكستل بالقضية كان مقتصرًا على كونهم مالكي المبنى فقط.

وبناءً على الأدلة المتاحة، قرر المدعي العام عدم فتح تحقيق ضد Özcan Dağ (أوزجان داغ) صاحب مصنع Dağ Tekstil (داغ تكستيل) وÇetin Çelikal (تشيتين تشيليكال) الذي يزعم أنه مدير الورشة. 

وقد جرى فتح قضية في محكمة الجنح ضد Ömer İnce (عمر إينجي) المسؤول عن محاسبة المبنى وصيانة المصعد، بالإضافة إلى الشركة المسؤولة عن صيانة المصعد بتهمة التسبب في وفاة غير مقصودة.

 جريمة مقتل طفل سوري عامل في تركيا صُنفت “كحادثة بسيطة” وفق المُدعي العام

وقام المدعي العام بتصنيف جريمة وفاة أحمد هاسكيرو كحادثة بسيطة للمصعد. بينما لم يتم فتح قضية ضد المسؤولين الرئيسيين، من المتوقع أن يتعرض عمر إينجي، الذي تحمل مسؤولية الجريمة نيابة عن أصحاب المصنع، لغرامة مالية تُقسم على 12 قسطاً.

ولم يغير من حقيقة أن الورشة التي توفي فيها أحمد هاسكيرو أثناء عمله كانت تدار من قبل مصنع داغ تيكستل. 

ورغم أن أصحاب المصنع قد جمعوا ثروات طائلة بسرعة من خلال استغلال عمالة الأطفال، فقد تمكنوا من الإفلات من المحاكمة بفضل استخدامهم لقوة المال لتوجيه شهادات جميع المعنيين، بما في ذلك عائلة الطفل السوري أحمد هاسكيرو.

ويرى أصحاب العمل الذين لا يُفتح ضدهم دعاوى حتى في حال وفاة الأطفال الذين يعملون لديهم، أن تكاليف العمالة الرخيصة تجعلهم يواصلون استخدام الأطفال في العمل، وبما أن المسؤولين لم يتعرضوا للعقوبات، واستطاعوا الإفلات من القوانين بفضل قوة المال، فإن المزيد من الحوادث المميتة مثل حالة أحمد ستستمر في المستقبل.

يتعين على نقابات المحامين والنقابات العمالية ووزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية الطعن في قرار عدم المتابعة الصادر ضد أصحاب مصنع داغ تكستيل، الذين يجب أن يكونوا المُتهمين الرئيسيين في جريمة قتل أحمد هاسكيرو.

لا يمكن للعمال تحقيق العدالة بمفردهم، لكنهم يمكنهم أن يصبحوا أقوياء في مواجهة “الحشرات الكبيرة” من خلال النضال الجماعي. 

ولتحقيق أجر يكفي للعيش الكريم وظروف عمل إنسانية، من الضروري وجود تنظيم نقابي حقيقي لتحقيق العدالة. كما قال برتولت بريخت:

 

“العدالة خبز الشعب،

كما أن الخبز ضروري كل يوم،

العدالة كذلك ضرورية كل يوم،

وأحيانًا ضرورية عدة مرات في اليوم.”

 

إعداد وتحرير وترجمة: عبد الجواد حميد

التعليقات مغلقة.