معهد ينظم ندوة لمناقشة مستقبل السوريين في تركيا وآليات مكافحة خطاب الكراهية!

عقد مركز حرمون للدراسات المعاصرة ندوة حوارية مهمة يوم السبت، 20 تموز/يوليو 2024، بعنوان “مستقبل السوريين في تركيا وخطاب الكراهية المتصاعد”. 

ووفقاً لما نقله فريق كوزال نت عن موقع معهد حرمون، شارك في الندوة الأكاديمي والسياسي والكاتب التركي ياسين أكتاي، وأدارتها أسماء صائب أفندي، مديرة منتدى حرمون الثقافي في إسطنبول.

مناقشة أسباب الكراهية المتزايدة ومستقبل السوريين في تركيا

وتناولت الندوة أسباب تزايد خطاب الكراهية ضد السوريين في تركيا في السنوات الأخيرة وناقشت سبل معالجة هذه الظاهرة المقلقة، كما تطرقت إلى العديد من الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بهذا الموضوع الحسّاس، وبحثت في آليات تخفيف حدة مخاوف المجتمع السوري في تركيا.

أحداث قيصري الأخيرة

بدأت الندوة بمناقشة الأحداث الأخيرة في ولاية قيصري التركية والعوامل التي أدّت إلى اندلاع مثل هذه الحوادث التي لا تتناسب مع طبيعة المجتمع التركي المتسامح الذي استضاف المجتمع السوري.

موقف ياسين أكتاي

أكد أكتاي أنه لا يوجد انفجار حقيقي في العنصرية أو الكراهية ضد السوريين، رغم وجود بعض مظاهر العنصرية، وشدّد على أنه من أوائل المناهضين لفكرة العنصرية ضد أي فئة، سواء كانت عربية أو تركية أو كردية، معتبرًا أن العنصرية تمثل “حميّة الجاهلية” التي يجب رفضها، كما تُرفض الأصنام.

رؤية الشعب التركي

أوضح أقطاي أن الغالبية العظمى من الشعب التركي ليست عنصرية، مشيرًا إلى أن هناك بعض الأطراف التي تحاول إعطاء انطباع بوجود انفجار عنصري ضدّ السوريين والعرب، كما أكد أن العنصريين هم أقلية صغيرة جدًا في تركيا، وأن هناك جهات تسعى إلى تفكيك العلاقات بين العرب والأتراك. 

أهمية الاندماج

دعا أقطاي إلى عدم ترك الساحة لهذه الفئة، مؤكدًا أهمية الاندماج بين الأتراك والعرب لمصلحة الطرفين.

في المحور الثاني، تناول أكتاي التغيّر في مفهوم “الأنصار والمهاجرين” الذي ساد في بداية استقبال تركيا للسوريين. 

وأشار إلى أن الوضع اليوم بات مختلفًا، حيث تغيرت النظرة تجاه السوريين الذين كانوا يوصفون في الإعلام التركي بـ “الضيوف”، مؤكدًا أنهم لم يعودوا ضيوفًا، ولم يعد وجودهم مؤقتًا، داعيًا إلى تسمية الأمور بمسمياتها بعيدًا عن العاطفية.

وأقر أكتاي بالتأخر في معالجة هذا الأمر قائلًا: “تأخرنا في هذا الشأن، وحان الوقت اليوم أكثر من أي وقت مضى لمعالجته. فالسوريون لم يعودوا ضيوفًا منذ زمن، وقد ظهرت هذه الحقيقة بعد أربع سنوات من وجودهم”.

 وأوضح أن تركيا كانت تنتظر متغيرات في المنطقة وفي سوريا، وفي مواقف بعض الدول، مُركزة على الدبلوماسية لحل مشكلة السوريين، لكنها تأخرت في تنظيم وضعهم بشكل جديد، حتى وصلت العنصرية إلى مستويات مقلقة.

بشائر للسوريين!

وأضاف أكتاي أن السوريين سيحصلون على حقوقهم، وسيتم استيعابهم بشكل أكبر في المجتمع التركي، مشيرًا إلى وجود دراسات من وزارتي الداخلية والعمل التركية، تتعلق بأوضاع السوريين، ستظهر نتائجها قريبًا. 

وأكد وجود مساعٍ حقوقية ومبادرات من منظمات المجتمع المدني لتحسين أوضاع ومستقبل السوريين في تركيا، إضافة إلى جهود تعزيز العلاقات بين العرب والأتراك بشكل عام.

وأعلن أكتاي وجود بشائر إيجابية قادمة، تخصّ اللاجئين السوريين في تركيا، مشيرًا إلى تأسيس نظام جديد للمعاملات، حيث ستتاح إمكانية تجديد الاقامات عبر الإنترنت.

وشدّد أكتاي على أهمية الوصول إلى هدف مهمّ، وهو منح كل من يحمل الإقامة السياحية أو بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) من السوريين إذن العمل بشكل تلقائي، موضحًا أن هذا الإجراء سيعود بالنفع على تركيا، من حيث زيادة الإيرادات الضريبية وتنظيم الضمان الاجتماعي بشكل أفضل.

مُستقبل السوريين في تركيا في ظل التطبيع المحتمل بين تركيا والنظام السوري

وفي ما يخص مسألة إعادة العلاقات بين تركيا والنظام السوري، أكّد أن الرئيس أردوغان وحكومته لن يتراجعوا عن سياستهم تجاه السوريين، وأنه لن يكون هناك ترحيل قسري للسوريين، وأن إعادة العلاقات بين تركيا والنظام السوري -إن حدثت- لن يكون لها أي تأثير سلبي في وضع السوريين المقيمين في تركيا.

وأكّد أن تركيا لن تُجبر أي لاجئ على العودة، مؤكدًا أن مشكلة اللاجئين السوريين هي في الأساس بين الشعب السوري والنظام السوري، وليست بين تركيا والنظام.

وفي محور آخر، تطرقت الندوة إلى ضرورة وجود تمثيل سياسي للسوريين تعترف به الحكومة التركية، يتولى متابعة أمورهم ومشاكلهم. فأعداد السوريين في تركيا ليست قليلة، إذ تبلغ نحو 3 ملايين سوري، والهدف من هذا التمثيل هو إطلاع الحكومة التركية على معاناة السوريين ومشاكلهم بشكل مباشر ودقيق.

وأشار أكتاي إلى أن ما يحدث من ترحيل لبعض السوريين إلى الشمال السوري مرتبطٌ في الغالب ببعض المخالفات القانونية، مثل عدم امتلاك بطاقة حماية، أو التنقّل دون إذن سفر، وغيرها من المخالفات الإدارية.

واختتم أكتاي حديثه بتوجيه رسالة للسوريين قائلًا: “اعتبروا أنفسكم جزءًا من هذا المجتمع التركي، فنار العنصرية هي فتنة، وقضيتنا الأساسية هي أن نغيّر هذا الواقع نحو الأفضل”.

وقد حظيت هذه الندوة الحوارية باهتمام واسع وتفاعل استثنائي، سواء من الحضور في القاعة أو عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة. تجلى هذا الاهتمام في حجم المشاركات والتعليقات والنقاشات التي أعقبت الندوة، مما يعكس أهمية الموضوع وحساسيته في الوقت الراهن.

نجحت الندوة في تسليط الضوء على قضية بالغة الأهمية والحساسية، حيث قدمت تحليلات معمقة ورؤى شاملة حول الوضع الراهن بالإضافة إلى مستقبل السوريين في تركيا.

كما تناولت بشكل موضوعي ودقيق التحديات المتعددة التي يواجهها السوريون في حياتهم اليومية، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو قانونية.

ولم تقتصر الندوة على تشخيص الواقع فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى استشراف الآفاق المستقبلية لوجود السوريين في المجتمع التركي، مستندة في ذلك إلى معطيات واقعية وتحليلات علمية. أثار هذا الجانب الاستشرافي اهتمامًا خاصًا لدى المتابعين، نظرًا لأهميته في رسم صورة أوضح فيما يتعلق بوضع ومستقبل السوريين في تركيا.

وقد أجمع الحضور والمتابعون للندوة، سواء من الأتراك أو السوريين أو المهتمين من جنسيات أخرى، على الأهمية البالغة لمثل هذه الحوارات المفتوحة والبناءة.

و تُعد هذه الحوارات خطوة جوهرية نحو تعميق الفهم المشترك للقضية بكل أبعادها وتعقيداتها، وتمهّد الطريق نحو صياغة حلول عملية ومستدامة.

وأكد الحضور أن مثل هذه المبادرات الحوارية تُسهم إسهامًا فعالًا في تعزيز أسس التعايش السلمي بين المجتمعين التركي والسوري، وتفتح آفاقًا جديدة للاندماج الإيجابي الذي يحترم خصوصيات كل مجتمع، ويعزز في الوقت نفسه القواسم المشتركة بينهما.

وفي ختام الندوة، دعا العديد من المشاركين والمتابعين إلى تكثيف مثل هذه اللقاءات والحوارات، مؤكدين أنها تشكل جسرًا للتواصل والتفاهم، وأداة فعالة لمواجهة التحديات المشتركة وبناء مستقبل أفضل للجميع، في ظل الاحترام المتبادل والتعاون البناء.

 

أعاد تحريرها: عبد الجواد أمين حميد

التعليقات مغلقة.