اتفاق الشرع وعبدي بشأن “دمج قسد في الجيش السوري”، ما يزال يراوح مكانه!
قال المبعوث الأمريكي لسوريا، توم باراك، يوم الأربعاء إن الحكومة المركزية السورية في دمشق والأكراد لا يزالون على خلاف بشأن خطط دمج قسد في الجيش السوري، وذلك بعد الجولة الأخيرة من المحادثات، وهو ما يُعد عقبة مستمرة أمام الجهود التي تبذلها السلطات الجديدة في دمشق لتكريس سيطرتها عقب الثورة السورية التي قمعها النظام السوري البائد المستمرة منذ سنوات.
ووفقاً لما نقله فريق تحرير منصة كوزال نت، أوضح السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس عقب اجتماعات عقدها في العاصمة دمشق، أن هناك “خلافات كبيرة لا تزال قائمة” بين الطرفين.
وكان باراك قد أجرى محادثات مع مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة، وكذلك مع أحمد الشرع، الرئيس السوري.
وتأتي هذه التطورات عقب قرار اتخذته إدارة ترامب ودخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع، يقضي بإلغاء تصنيف جماعة المتمردين السابقة التي يقودها الشرع كـ”منظمة إرهابية”، وهي الجماعة التي قادت هجومًا خاطفًا في ديسمبر الماضي أطاح بالرئيس السوري البائد بشار الأسد.
وقد جاء إلغاء التصنيف كجزء من انخراط أمريكي أوسع مع حكومة الشرع الانتقالية الجديدة.
اتفاق دمج قسد في الجيش السوري..غامض في التفاصيل!
في مطلع مارس/آذار 2025، وقّعت السلطات الجديدة في دمشق – وهي نفسها فصائل الثورة السورية سابقًا – اتفاقًا تاريخيًا مع قوات سوريا الديمقراطية، وهي قوة بقيادة كردية قاتلت إلى جانب القوات الأمريكية ضد تنظيم “داعش”، وتسيطر حاليًا على معظم شمال شرق سوريا.
وينص الاتفاق على دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش الوطني السوري الجديد. ومن المقرر تنفيذ اتفاق دمج قسد في الجيش السوري الجديد بحلول نهاية العام، ويتضمن أيضًا تسليم المعابر الحدودية مع العراق وتركيا، والمطارات، وحقول النفط في الشمال الشرقي إلى سيطرة الحكومة المركزية، بعد أن كانت خاضعة سابقًا لقوات سوريا الديمقراطية.
كما سيتم نقل السيطرة على مراكز الاحتجاز التي تضم آلاف المعتقلين من عناصر تنظيم داعش – والتي كانت حتى الآن تحت حراسة قوات سوريا الديمقراطية – إلى الحكومة السورية.
مع ذلك، ترك الاتفاق على دمج قسد في الجيش السوري الكثير من التفاصيل غامضة، وكان التقدم في تنفيذ بنوده بطيئًا. وتتمثل إحدى العقبات الرئيسية في ما إذا كانت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ستظل ككيان موحد ضمن الجيش السوري الجديد – وهو ما يطالب به الأكراد السوريون – أم سيتم حل هذه القوة ودمج أفرادها بشكل فردي في الجيش الوطني الجديد.
وصرّح باراك بأن هذه المسألة لا تزال “قضية كبيرة” بين الطرفين.
خطوات تدريجية
وقال باراك عقب اجتماعات الأربعاء: “لا أعتقد أننا أمام اختراق حقيقي، أرى أن هذه الأمور تسير بخطوات صغيرة، لأنها تُبنى على الثقة والالتزام والتفاهم”.
وأضاف: “عندما يكون هناك طرفان كان بينهما انفصال أو حتى خصومة لفترة، فإن بناء الثقة بينهما يتطلب خطوات تدريجية”.
وعلى صعيد آخر، كانت الفصائل المدعومة من تركيا، والمرتبطة بالحكومة السورية الجديدة، قد اشتبكت مرارًا مع قوات سوريا الديمقراطية على مرّ السنوات.
وتعتبر تركيا قسد جماعة إرهابية بسبب ارتباطها بحزب العمال الكردستاني (PKK)، وهو تنظيم انفصالي كردي خاض تمردًا طويل الأمد داخل تركيا قبل أن يعلن مؤخرًا تخليه عن السلاح.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كذلك تصنف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية، لكنها في الوقت ذاته حليفة لقوات سوريا الديمقراطية.
وذكر باراك أن “دمشق لم تصل بعد إلى النقطة المنشودة، لكنها قامت بعمل جيد في تقديم خيارات لقسد للنظر فيها”، وأضاف: “آمل أن يستجيبوا لها، وآمل أن يتم ذلك بسرعة”.
من الشك إلى الثقة
وكان التحول المحوري في المشهد السوري قد حدث عندما التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في السعودية خلال شهر مايو/آيار 2025، حيث أعلن ترامب عن رفع العقوبات الأميركية المفروضة منذ عقود بسبب نظام الأسد.
وعقب هذا اللقاء، اتخذ ترامب سلسلة خطوات فعلية باتجاه رفع تلك العقوبات، لتقوم الولايات المتحدة لاحقًا بإزالة اسم “هيئة تحرير الشام” – وهي القوة التي كان يقودها الشرع وكانت رأس الحربة في الهجوم على الأسد – من قائمة المنظمات الإرهابية.
وقد لعبت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في التوسط لإبرام الاتفاق الذي أُعلن عنه في مارس بين حكومة الشرع وقوات سوريا الديمقراطية، كما حثت القيادات الكردية في الشمال الشرقي على الاندماج مع دمشق، وعلى المضي قدماً في اتفاق دمج قسد في الجيش السوري.
وأكد باراك أن واشنطن “لديها ثقة كاملة بالحكومة السورية الجديدة وجيشها”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن قوات سوريا الديمقراطية كانت “شريكًا مهمًا” في محاربة تنظيم الدولة (داعش)، وأن الولايات المتحدة “تريد أن تضمن حصولهم على فرصة للاندماج في الحكومة الجديدة بطريقة تحفظ كرامتهم”.
ورغم أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل في تقليص وجود قواتها في سوريا – حيث لا يزال هناك نحو 1,300 جندي أميركي – فإن باراك شدد على أن واشنطن “ليست في عجلة من أمرها للانسحاب الكامل”.
إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.