أوضح المقاتلون البدو في سوريا، المتمركزون خارج مدينة السويداء جنوب البلاد، أنهم ملتزمون بوقف إطلاق النار مع الدروز، لكنهم لم يستبعدوا إمكانية استئناف القتال في المستقبل.
وفقاً لما نقله فريق تحرير منصة كوزال نت عن موقع “BCC بالتركية” قال المقاتلون البدو في سوريا المتمركزون خارج مدينة السويداء جنوب البلاد، إنهم سيحترمون وقف إطلاق النار مع الدروز، لكنهم لا يستبعدون القتال مجدداً.
وبعد أسبوع من الاشتباكات الطائفية مع مقاتلي الدروز وقوات الأمن العام، انسحب البدو من مدينة السويداء وتراجعوا إلى القرى المجاورة.
في الوقت نفسه، نفذ الاحتلال الصهيوني غارات جوية في المنطقة دعماً لمقاتلي الدروز.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن هدوءاً حذراً ساد المنطقة في 20 تموز/يوليو 2025، لكنه أشار لاحقاً إلى أن مقاتلي العشائر شنوا هجمات على بعض القرى.
وسيطرت قوات الأمن العام على بلدة المزارة الدرزية، التي كانت تحت سيطرة البدو الأسبوع الماضي، وسط تصاعد أعمدة الدخان من مدينة السويداء.
وعند نقطة تفتيش قريبة، أغلقت قوات الأمن العام الطريق بكومة من التراب، ووقف عناصرها بأسلحة ثقيلة لمنع عودة البدو إلى البلدة.
وتجمّع المئات من مقاتلي البدو على الطريق، حيث أطلق العديد منهم النار في الهواء.
وقد طالب المقاتلون البدو في سرويا بالإفراج عن جرحاهم المحتجزين في مدينة السويداء، الذين يصفونهم بالرهائن، مهددين بشق طريقهم بالقوة عبر نقطة التفتيش للعودة إلى المدينة إذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم.
وفي تصريح لـ”bbc”، قال أحد زعماء العشائر “نفذنا ما طلبته منا الحكومة ونحن ملتزمون بالاتفاق، ونحن الآن على بعد 35 كيلومتراً من السويداء”.
وأضاف: “رهائننا وجرحانا ما زالوا هناك، وهم لا يقدمون لنا شيئاً، إذا لم يلتزموا بالاتفاق، سندخل المدينة مجدداً، وستكون السويداء مقبرتنا”.
في قرية مربة جنوب غرب السويداء، تجمع اللاجئون البدو داخل مدرسة قديمة تحيط بها مبانٍ مدمرة تحمل آثار سنوات الحرب الأهلية والرصاص.
وفي مراكز توزيع المساعدات، كانت نساء بدويات مسنات يحملن الماء من صهريج خلف شاحنة، في ظل وجود غالبية من النساء والأطفال بين الحضور.
وعندما سُئلت امرأة نازحة من السويداء عن إمكانية تعايش البدو والدروز، أشارت إلى أن الأمر يعتمد على دور الحكومة في دمشق، قائلة: “إذا تولت الحكومة زمام الأمور وضمنت السلام والأمن، يمكنهم العيش معاً.”
إلا أنها شددت على أن غياب سلطة الدولة يزيد من الشكوك، مضيفة: “إنهم خونة، ولا يمكننا العيش معهم دون سلام وأمن.”
من هم البدو في سوريا الذين يشاركون في القتال؟
البدو هم جماعات من السكان الذين يعود أصلهم إلى شبه الجزيرة العربية، واستقروا تاريخياً في المناطق الصحراوية السورية المعروفة باسم البادية، وتشير التقديرات إلى أن جذورهم تعود إلى آلاف السنين.
وتعيش هذه المجتمعات، المعروفة محلياً باسم “العرب” في شكل قبائل، ويعتمد جزء كبير منها على تربية المواشي كمصدر رئيسي للرزق.
ورغم انتقالهم إلى حياة أكثر استقراراً خلال القرن العشرين، فإن البنية القبلية لا تزال تلعب دوراً مؤثراً في حياتهم الاجتماعية والسياسية حتى اليوم.
ويُقدَّر أن البدو يشكّلون أكثر من 10% من عدد السكان في سوريا.
وعلى الرغم من أن جزءاً كبيراً منهم استقر في المدن، فإنهم ما يزالون يحتفظون بهويتهم القبلية.
ويعيش معظم البدو في سوريا اليوم في مدن رئيسية مثل حمص وحماة والرقة ودير الزور.
خلال الثورة السورية التي اندلعت عام 2011، انقسمت مواقف زعماء القبائل البدوية؛ فبينما دعم بعضهم الثورة السورية، فضّل آخرون التعاون مع حكومة الأسد المجرم.
وطوال فترة الثورة، كان للبدو دور فاعل في الأعمال القتالية، كما شاركوا في إدارة الشؤون المحلية وفي منظمات الإغاثة ضمن مناطقهم.
ما وراء التوتر بين الدروز والبدو؟
استقرت القبائل الدرزية والبدوية في جنوب سوريا منذ قرون، بعد أن هاجرت إلى المنطقة، حيث تعايش الطرفان لسنوات طويلة وشهدت علاقاتهما شراكات تجارية، أبرزها تبادل المواشي.
وفي عشرينيات القرن الماضي، توحّدت قبائل من الطرفين في الثورة ضد الانتداب الفرنسي.
لكن في خمسينيات القرن الماضي، وبعد خلافات بين بعض القبائل البدوية والطائفة الدرزية، وعد الرئيس السوري آنذاك أديب الشيشكلي، بمنح القبائل البدوية أراضٍ وقرى درزية.
وقد ساهمت تلك السياسات في تصاعد التوتر، ودفع ببعض القبائل البدوية إلى مهاجمة قرى درزية.
هذا التوتر بين الطرفين أدى على مرّ السنين إلى اندلاع اشتباكات متفرقة، وإلى نزاعات طويلة الأمد حول الأراضي والتجارة والسياسة.
وفي عام 2000، أثار مقتل تاجر درزي على يد أحد رجال القبائل البدوية خلال نزاع محلي احتجاجات واسعة من جانب الدروز.
وعندما ردّت السلطات السورية على تلك الاحتجاجات بالقوة، اتهم الدروز الحكومة بالانحياز للبدو، في حين اتُهم البدو بالتعاون مع الإدارة.
واليوم، تصاعدت هذه التوترات مؤديةً إلى اشتباكات طائفية دامية، بعد حادثة اختطاف تاجر درزي على الطريق المؤدي إلى العاصمة دمشق قبل نحو أسبوع.
وردّت الحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع بنشر قواتها في مدينة السويداء.
وزعم سكان دروز في السويداء لـ”bbc” أنهم شهدوا ما وصفوه بأعمال همجية، حيث هاجمت قوات الأمن والمقاتلون الأجانب المدنيين بأسلحة ثقيلة.
كما نفّذ الاحتلال الصهيوني غارات جوية في المنطقة، في محاولة لحماية الدروز.
ولاحقاً، انسحبت قوات الأمن العام من مدينة السويداء، ما فتح الباب أمام اندلاع اشتباكات مباشرة بين المقاتلين الدروز والبدو.
ووجّهت أصابع الاتهام في أحداث العنف التي شهدتها الأيام السبعة الماضية إلى كل من مقاتلي الدروز والبدو، إلى جانب عناصر من قوات الأمن وأفراد مرتبطين بالإدارة الانتقالية.
وفي يوم السبت، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع وقف إطلاق النار، لتعود قوات الأمن إلى الانتشار داخل مدينة السويداء.
واستعاد المقاتلون الدروز السيطرة على المدينة، رغم ذلك أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره المملكة المتحدة، بأن حصيلة القتلى تجاوزت 1120 شخصاً.
كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد القتلى من الجانب الدرزي وصل إلى 427 مقاتلاً و298 مدنياً، بينهم 194 شخصاً أعدموا خارج نطاق القانون على يد أفراد من وزارتي الدفاع والداخلية.
كما قُتل 354 من قوات الأمن الحكومية، إضافة إلى 21 من البدو السنة، بينهم ثلاثة مدنيين، وأكد المرصد أن هؤلاء “قُتلوا خارج نطاق القانون على يد مقاتلين دروز”.
إلى ذلك، قُتل 15 جندياً حكومياً آخرين في غارات جوية نفذها الاحتلال الصهيوني.
كما أعلنت الأمم المتحدة في 20 تموز/يوليو أن أكثر من 128 ألفاً شخص نزحوا جراء القتال في محافظة السويداء.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى نقص حاد في الإمدادات الطبية داخل المدينة.
ووفقاً للتقارير، وصلت أول قافلة مساعدات إنسانية من الهلال الأحمر السوري إلى المدينة، بينما ذكرت هيئة البث الصهيونية أن الكيان الصهيوني أرسل مساعدات طبية إلى الدروز.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.