العقبة الأكبر أمام عودة السوريين إلى سوريا هي الاقتصاد والبنية التحتية!

لا تزال سوريا، التي دمرتها الحرب التي استمرت لسنوات بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية في عام 2011، ساحة لخراب وتدمير شبه كامل، وهو ما يثير مخاوف عديدة من الظروف الصعبة ويقف عائقاً حقيقاً أمام عودة السوريين إلى سوريا.

 فريق كوزال نت رصد تقريراً لصحيفة “voaturkce” يرصد حجم الدمار في سوريا، متناولاً دمشق العاصمة على سبيل المثال لا الحصر.

ووفقاً للتقرير فإن هناك آلاف الأحياء والقرى والمدن المهجورة بالكامل، في العاصمة دمشق ومناطق أخرى من البلاد.

في دمشق، وبعد سقوط نظام الأسد، لا تزال مظاهر الفرح مستمرة، بينما يبقى الموضوع الأهم الذي يتناقشه الناس هو ضرورة إنهاء الأزمة الاقتصادية.

وفي الدول التي يعيش فيها اللاجئون السوريون بشكل كثيف، مثل تركيا، بدأ يظهر رأي يفيد بأنه “بعد سقوط نظام الأسد، يجب على اللاجئين العودة إلى بلادهم”، وسط تحديات كبيرة تواجه قضية قضية عودة السوريين إلى سوريا.

ومع ذلك، يبدو أن التدمير الهائل داخل سوريا والأزمة الاقتصادية سيكونان من أصعب التحديات التي ستواجهها هيئة تحرير الشام (HTŞ) التي تولت زمام الأمور في البلاد.

حتى تًصبح عودة السوريين إلى سوريا ممكنة..كيف سيتم تحقيق إعادة الإعمار؟

خلال فترة الحرب الأهلية في سوريا، جرى تدمير مئات الآلاف من المباني والملايين من الوحدات السكنية بشكل كامل أو تضررت بشكل كبير لدرجة أنها أصبحت غير صالحة للاستخدام.
ومع المنازل، تدمرت أيضًا الشبكات الأساسية مثل الكهرباء والماء والهاتف والصرف الصحي، وأصبحت غير قابلة للاستخدام.

في العاصمة دمشق، تمتد الأحياء المهجورة تمامًا نتيجة للدمار الشديد، حيث كانت هذه الأحياء في الماضي موطنًا لمئات الآلاف من الأشخاص.

ووفقاً للتقرير، فمن غير الممكن إصلاح المنازل أو المباني في هذه الأحياء من قبل مالكيها، لأن إصلاحها يتطلب أيضًا إعادة بناء الأنظمة الأساسية مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يُقال إنه من دون إعادة بناء البنى التحتية الحيوية مثل الطرق والمستشفيات والمدارس والمباني الحكومية، فإن فرص عودة السوريين إلى سوريا تبدو غير ممكنة.

تكلفة الهدم غير معروفة

وبالعموم، على الرغم من الوضع العام في سوريا، فإن تكلفة الدمار في المنطقة التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (HTŞ) لم يتم حسابها بدقة حتى الآن.

إلى جانب الحرب، تستمر العقوبات المفروضة على سوريا من قبل عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتشكل هذه العقوبات أكبر عائق أمام شراء المواد الخام والتقنيات اللازمة لإعادة تنشيط الصناعات داخل البلاد، حيث تشمل العقوبات النظام المصرفي أيضًا.

يؤثر هذا الوضع على كافة القطاعات، من إعادة تشغيل مصنع للأسمنت داخل سوريا إلى بناء ملايين الوحدات السكنية المدمرة. في هذا السياق، يمكن العثور على مواد مثل الأسمنت والحديد في سوريا، ولكن بسبب الطرق الصعبة والأسعار المرتفعة الناتجة عن استيراد هذه المواد من الخارج، لا يستطيع الجميع شراؤها.

بالإضافة إلى المنازل، تأثرت المحلات التجارية، الورش، المصانع، والشركات الخاصة أيضًا بالدمار. ولذلك، يشكل الحظر الاقتصادي العامل الأبرز الذي يقيّد الجميع، بدءًا من بائع الحي وصولًا إلى صاحب السوبرماركت أو شركة البناء أو شركة الأدوية.

حتى رجال الأعمال القلائل داخل سوريا، رغم امتلاكهم للأموال، يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم بسهولة، ولا يستطيعون ملء رفوف المتاجر أو اتخاذ خطوات لخلق فرص عمل.

وبعد سقوط نظام الأسد، هناك توقعات بأن تقدم بعض الدول الخليجية مثل السعودية والإمارات مساعدات لإعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام في دمشق. ومع ذلك، لم تصدر أي إشارات واضحة من دول الخليج بشأن هذا الموضوع، وتُطرح سيناريوهات تشير إلى أن عملية إعادة الإعمار قد تمتد لسنوات بسبب حجم الدمار الكبير، وهو ما يعقد أكثر احتمالات عودة السوريين إلى سوريا.

هل سيتم رفع العقوبات المفروضة على سوريا؟

من جهة أخرى، يبدو أن واحدة من أهم وأعقد الملفات التي ستواجهها هيئة تحرير الشام (HTŞ) ستكون الاقتصاد، فكل مشكلة تتعلق بإعادة الإعمار داخل البلاد، من تنشيط الاقتصاد إلى ضمان عودة السوريين في الخارج، مرتبطة بشكل وثيق بالحالة الاقتصادية.

وعلى الرغم من أن العديد من الدول أبدت رضاها عن سقوط نظام الأسد، فإن سياسة العقوبات التي تفرضها بعض الدول على سوريا لا تزال قيد المراجعة، ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الدول ستغير سياساتها أم لا.

كما أن وجود هيئة تحرير الشام في قائمة الإرهاب الأمريكية يزيد من المخاوف المتعلقة بالوضع الاقتصادي.
ووفقًا للوضع الحالي، فإن إقامة علاقات تجارية مع سوريا المدرجة في قائمة العقوبات، أو التواصل مع هيئة تحرير الشام المدرجة في قائمة الإرهاب، يُعتبر من قبل الولايات المتحدة دعمًا للإرهاب.

من جهة أخرى، لا يزال من غير الواضح السياسة الاقتصادية التي ستتبناها هيئة تحرير الشام أو من سيكون الفريق المسؤول عن إدارة الاقتصاد.

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

التعليقات مغلقة.