المجموعات الدرزية المسلحة تعرقل عملية نزع السلاح في سوريا!

يواصل الاحتلال الصهيوني استغلال دور الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، لتأجيج التوتر بين الدروز والدولة السورية، مما يجعل القضية الدرزية تعرقل ملف نزع السلاح في سوريا.

وفقاً لما نقله فريق تحير منصة كوزال نت عن “وكالة الأناضول التركية الرسمية” كتب الباحث والكاتب الدكتور إرسين أكسوي عن خلفية الاشتباكات بين المجموعات الدرزية والجيش السوري في محافظة السويداء في تحليل له.

تأثير القضية الدرزية على ملف نزع السلاح في سوريا وسط تصاعد التوترات المحلية

وكانت الإدارة السورية الجديدة قد اتخذت خطوات مهمة لضمان الاستقرار السياسي في البلاد، حيث ركّزت على دفع الجماعات المسلحة خارج الجيش إلى إلقاء السلاح.

ورغم هذه الجهود المكثفة، لم تستجب الطائفة الدرزية لدعوات نزع السلاح في سوريا، فيما حرصت الإدارة على معالجة المشاكل بالطرق السلمية لتفادي خسائر بشرية.

على صعيد آخر، أدت الاشتباكات الأخيرة بين القبائل البدوية وبعض المجموعات الدرزية إلى تفاقم التوتر المحلي، وتبع ذلك تدخل سريع للجيش السوري في السويداء، التي تشكل مركزاً تاريخياً وثقافياً للطائفة الدرزية، لفرض السيطرة العسكرية.

 هذه التطورات أثارت تساؤلات واسعة حول أسباب امتناع الدروز عن نزع السلاح في سوريا وأسباب الصراع الأخير، ما أضفى على القضية الدرزية بعداً إعلامياً كبيراً.

لماذا لا تلقي الجماعات الدرزية السلاح؟

يقول الكاتب التركي إرسين أكسوي إن التوتر القائم بين الطائفة الدرزية والحكومة المركزية ليس مجرد حادثة عابرة، بل هو انعكاس لديناميكيات سياسية معقدة.

إذ لعب خطاب حكمت الهجري، أحد الزعماء الروحيين للدروز، دوراً مهماً في تصعيد التوتر الاجتماعي، كما يُعد موقفه الرافض للمصالحة من أبرز أسباب عدم إلقاء الدروز سلاحهم.

ولم يكن الهجري من القادة الذين دعموا المعارضة بشكل فعال خلال الحرب ضد نظام الأسد المجرم.

تاريخ الهجري في الطائفة

 وُلد الهجري في فنزويلا وتولى منصب الزعيم الديني للطائفة الدرزية بعد وفاة أحمد الهجري في عام 2012.

وعلى الرغم من أن الهجري كان متوافقاً مع نظام الأسد المجرم لفترة طويلة، فإنه بدأ ينتقد النظام علناً منذ عام 2021.

 ويرجع ذلك جزئياً إلى السلوك المهين الذي تعرضت له المرجعية الدينية الدرزية من قبل بعض ضباط النظام خلال المفاوضات.

رغم أن النظام السابق أصدر بيان اعتذار عن هذه الانتقادات، فإن الهجري حافظ على موقفه النقدي.

 فيما بعد، ظهرت تقارير في وسائل الإعلام السورية المحلية تفيد بأن الهجري كان على اتصال وثيق مع الدول الغربية والدوائر الدبلوماسية، بعيداً عن جماعات المعارضة. ولوحظ أنه عزز اتصالاته مع بعض الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، وأقام علاقات مباشرة معها خاصة منذ عام 2024.

منذ عام 2024، طورت القيادة الدرزية علاقات مباشرة مع عدة دول، منها الاحتلال الصهيوني والجهات الغربية الفاعلة، مما شكّل نقطة تحوّل مهمة في صراعات القوى داخل سوريا.

ويتابع الاحتلال الصهيوني، الذي يرتكب إبادة جماعية في غزة، هذه التطورات عن كثب ويهدف إلى استغلال القادة الدروز لتعزيز حالة عدم الاستقرار في سوريا، مع وضع منع تقوية الإدارة السورية الجديدة كأولوية رئيسية لديه.

ويرى الاحتلال الصهيوني في تقوية الحكومة السورية، التي تتعاون بشكل وثيق مع تركيا، تهديداً استراتيجياً.

 فبعد تدخل الجيش السوري في النزاعات بين القبائل البدوية والدروز وفرض سيطرته على المنطقة، استمر الاحتلال الصهيوني في شن غارات جوية ضد الجيش دعماً للمجموعات الدرزية.

في البداية، رحب الشيخ حكمت الهجري بتدخل الجيش السوري في السويداء ودعا الجماعات المسلحة إلى إلقاء السلاح، لكنه سرعان ما غير موقفه، ودعا أنصاره إلى مقاومة تدخل الجيش، مدعياً أن دعوته الأولى لإلقاء السلاح كانت نابعة من ضغوط خارجية.

وخلال هذه الاشتباكات، فقد أكثر من 100 شخص حياتهم حتى 15 يوليو/تموز 2025، وعلى الرغم من سيطرة الجيش السوري على مركز مدينة السويداء، يواصل الاحتلال الصهيوني دعم الجماعات الدرزية، مستغلاً علاقاته الوثيقة مع الهجري لزيادة التوترات بين الدروز والإدارة السورية الجديدة، ما يشكل عقبة رئيسية أمام سياسة نزع السلاح في سوريا التي تنتهجها الحكومة السورية الانتقالية.

خلافات في القيادة الدرزية 

يشير موقف حكمت الهجري، الذي غاب عن مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في سوريا، إلى تراجع سلطته السياسية وتأثيره داخل الطائفة الدرزية، ما يعكس بروز اتجاهات سياسية وتفاهمات قيادية متباينة داخل الطائفة.

في المقابل، برز بعض الزعماء الدروز الذين ينسقون مع الحكومة السورية ويؤيدون عملية الاندماج ونزع السلاح، أبرزهم سليمان عبد الباقي، الذي اكتسب نفوذاً سياسياً متزايداً بدعم من الإدارة الجديدة.

 غير أن هذا الموقف جعله هدفاً لمحاولات اغتيال خارجية بسبب مواقفه.

الملف الدرزي بين الحسم العسكري والحلول الدبلوماسية

في هذه المرحلة، لا تؤيد العديد من الدول الغربية استمرار وجود الدروز كجماعة مسلحة منفصلة، وتسمح مشاركة تركيا كلاعب إقليمي بزيادة الضغط الدبلوماسي الدولي على الاحتلال الصهيوني.

وبينما تتواصل هذه الجهود الدبلوماسية، تسهم فعالية الجيش السوري المتزايدة في الميدان،- خاصة في المناطق ذات الغالبية الدرزية-، في معالجة قضايا الطائفة الدرزية على الأرض.

 هذا التوازن في القوة يعزز سلطة الإدارة المركزية ويسهّل عملية نزع سلاح الجماعات المحلية ودمجها، كما تحمل مقاربة الإدارة الجديدة لحل القضية الدرزية، رسالة واضحة حول ضرورة إنهاء التهديدات الأمنية الأخرى، بما في ذلك نزع سلاح منظمة حزب العمال الكردستاني / حزب الاتحاد الديمقراطي الإرهابية.

على المدى البعيد، فإن دمج جميع المكونات، بما فيها الطائفة الدرزية، في الهيكل الوحدوي لسوريا الجديدة سيُسهم في ترسيخ السلام والاستقرار في ظل التنوع العرقي والثقافي.

 كما أن تعزيز شرعية القيادات المحلية سيفتح الطريق أمام الحد من التوترات السياسية عبر توطيد العلاقة مع الإدارة المركزية.

 ولذلك، يبقى التنفيذ المنسق للاستراتيجيات الدبلوماسية والعسكرية ضرورة لتحقيق حل دائم لسياسات نزع السلاح.

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.