دبلوماسي تركي سابق: التقارب بين تركيا ونظام الأسد من عمل بوتين!

نشر الكاتب التركي والدبلوماسي السابق محمد أوتشو مقالة جديدة تناول فيها تحليله لجهود التقارب بين تركيا ونظام الأسد.

وقال الكاتب في مستهل مقالته أنه خلال الأسبوع الماضي، تداولت مختلف صحف العالم إمكانية لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس النظام السوري بشار الأسد على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في أستانا في خطوة جديدة بشأن التقارب بين تركيا ونظام الأسد، حيث كان أردوغان حاضرًا كشريك في الحوار. 

ووفقاً لما نقله وترجمه فريق تحرير منصة كوزال نت عن موقع “yetkinreport” التركي، التقى أردوغان بالعديد من القادة من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة من أذربيجان وباكستان ومنغوليا، لكنه لم يلتقط أي صورة مع الأسد.

ومع ذلك، قدم أردوغان رسائل مهمة حول تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق خلال عودته على متن الطائرة. 

وقال أردوغان للصحفيين إنه دعا بوتين والأسد إلى تركيا، مما جعل الجميع يعتقدون، بما فيهم أنا، أن القمة ستعقد في أنقرة.

محمد أوتشو

 

التقارب بين تركيا ونظام الأسد: أين سيُعقد اللقاء؟

ثم وصلنا خبر مسرب استناداً إلى وسائل الإعلام السورية، كان يُفيد بأن أردوغان والأسد سيلتقيان في بغداد بوساطة عراقية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

في ذلك اليوم كنت أجري مقابلة مع قناة i24 الصهيونية، ونقلت هذا الخبر كما لو كان حقيقياً، وأجريت تقييمي بناءً على ذلك. لم يكن هناك أي تكذيب من أي طرف، ولم يكن زملائي السابقون في وزارة الخارجية التركية يعرفون ما يحدث.

قبل يومين، أدرجتني قناة روسيا اليوم الدولية في برنامجها كـ “أهم خبر” لإجراء مقابلة حصرية مع “دبلوماسي سابق”.

وبينما كنت أستعد لنقل آخر المستجدات، أشار المذيع إلى أن لقاء الأسد وأردوغان سيتم بوساطة بوتين في موسكو في سبتمبر/أيلول 2024، وسألني عن النتائج المتوقعة من القمة، والعقبات أمام التطبيع، والفرص المحتملة.

 

هل بغداد هي الأكثر منطقية؟

وحول التقارب بين تركيا ونظام الأسد الآن تشير المؤشرات نحو موسكو. لا يمكن للتلفزيون الروسي استخدام مثل هذه المعلومات دون تأكيد واضح من الكرملين. 

وإذا سألتموني عن رأيي الصريح في ظل هذا الازدحام المعقد، فإن قمة تركيا-سوريا في بغداد هي الأكثر منطقية.

في السابع من يوليو/تموز2024 ، بينما كان أردوغان عائداً من برلين، قال إن تركيا ستتخذ خطوة إذا اتخذ الأسد خطوة، وأن الدعوة قريبة.

ذلك لأن تولي العراق، الذي يمثل العالم العربي ويجاور البلدين، لهذه المهمة كان طبيعياً للغاية. ربما كانوا يهدفون إلى إرسال رسالة إلى تركيا بأن “العالم العربي يقف خلف نظام الأسد”.

علاوة على ذلك، كانت تعكس قرار دول المنطقة بعدم إشراك القوى الخارجية، بما في ذلك روسيا، في القضايا الإقليمية.

الخيار الآخر، وهو زيارة الأسد لتركيا، بدا لي منذ البداية احتمالية ضعيفة للغاية. زيارة أنقرة رسمياً بينما جزء من أراضي بلاده تحت سيطرة تركيا لا يتوافق مع التقاليد الدبلوماسية، ويجرح كرامة الأسد. يمكن النظر في زيارة الأسد فقط بعد تحقيق تقدم جدي في المفاوضات، وربما في مرحلة توقيع الاتفاقية.

عمل بوتين

يبدو أن خيار العاصمة المحايدة هو الأنسب في هذه المرحلة. وهنا تبرز موسكو وبوتين.

بوتين يستطيع التأثير على أردوغان، فبينهما كيمياء جيدة جرى اختبارها لسنوات، رغم الاختلافات الجادة في المصالح والآراء.

وبالمثل، لدى روسيا قواعد وقوات عسكرية في سوريا، كما لديها القوة لإجبار الأسد، ولا تحتاج إلى تذكيره بأنها أنقذته من السقوط من السلطة بتدخلها في اللحظة الأخيرة.

النفوذ الروسي لا يزال قوياً في المناطق التي يسيطر عليها الأسد في سوريا، ويبدو أنه سيستمر كذلك في المستقبل القريب.

بوتين والأسد لا يريدان أن تبرز الجهود المصطنعة للسلام في سوريا من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.

ويبدو أن بوتين يسعى لحل هذه القضية من خلال تفاهم مشترك بين إيران وسوريا وروسيا وتركيا. بالنسبة لي، بوتين وموسكو هما الخيار الأكثر إقناعًا للوساطة ومكان الاجتماع في ظل الظروف الحالية بخصوص التقارب بين تركيا ونظام الأسد.

الظروف تفرض التصالح بين الطرفين

في هذه الحالة، إذا لم تتغير الأمور بحلول نهاية الصيف، يجب على الأطراف القيام بتحضيرات جيدة قبل قمة أردوغان-الأسد في سبتمبر/أيلول 2024 لضمان نجاحها.

هناك العديد من العوامل التي تدفع أنقرة نحو السلام العاجل، مثل الاستياء العام الذي يسببه اللاجئون السوريون، والمخاطر الأمنية التي يشكلها تنظيم “بي واي دي” في شمال سوريا، وكذلك قيام الجماعات المعارضة السورية المدعومة من تركيا بحرق الأعلام التركية على الحدود.

وفي المقابل، يسعى نظام الأسد لتحقيق عدة أهداف منها التصدي لتهديدات التوسع الصهيوني، فرض السيادة الكاملة على أراضيها، طرد القوى الأجنبية، وإعادة إعمار البلاد المدمرة، مما يجعلها ترغب في تحقيق سلام مشرف مع تركيا.

ليت روسيا توافق، -في الوقت الذي تحاول فيه دفعنا للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع سوريا-، على أن تلعب تركيا الدور نفسه في الحرب الأوكرانية الروسية التي تستنزف الطرفين وتسير ببطء في طريق “خاسر – خاسر”…

 

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

التعليقات مغلقة.