رسمياً: بدء نقل الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا!
بدأ أول أول عمل لنقل الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا، عبر تمرير غاز أذربيجان من خلال خط أنابيب الغاز الطبيعي بين تركيا وسوريا مرورًا بمدينة كيليس.
ووفقاً لما نقله فريق تحرير منصة كوزال نت، استهلّ وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، كلمته خلال حفل افتتاح خط الأنابيب، بتوجيه الشكر لكل من سوريا وأذربيجان وقطر على مساهمتهم في هذا المشروع.
وأشار بيرقدار إلى أن الروابط مع سوريا، التي عانت لسنوات طويلة من ويلات الحرب، قد تعززت بشكل كبير، قائلاً:
“نشهد اليوم لحظة تاريخية في مدينة كيليس التي احتضنت اللاجئين، حيث نفتتح خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا، والذي يُعدّ رمزاً للصداقة بين البلدين في مجال الطاقة. نأمل أن يجلب هذا المشروع الخير والرخاء لشعبي البلدين، والسلام لمنطقتنا.”
وتابع الوزير مذكّراً بتعليمات الرئيس رجب طيب أردوغان بضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في سوريا، مؤكداً أنه تم التركيز على أهم الاحتياجات الأساسية، وهي تأمين الكهرباء، وخاصة من حيث البنية التحتية للطاقة.
وأوضح بيرقدار:
“أرسلنا فريقين من الخبراء من وزارتنا إلى دمشق، وحددنا ما يمكن القيام به على المدى القصير والمتوسط والطويل. ومنذ عام 2017، نؤمن أمن إمدادات الطاقة في مناطق مثل عفرين وإدلب. نحن نصدر حالياً الكهرباء إلى سوريا من 8 نقاط مختلفة. وسنرفع قدرتنا التصديرية في المرحلة الأولى بنسبة 25%، ثم سنضاعفها أكثر من مرتين بفضل الخطوط الجديدة التي سنضيفها لاحقاً. وعند اكتمال هذه الأعمال، ستصل القدرة الإجمالية للربط إلى 861 ميغاواط، ما سيلبّي احتياجات 1.6 مليون منزل سوري من الكهرباء.”
“ليس فقط نقل الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا، مستعدون لكل أشكال التعاون البنّاء”
أشار وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إلى لقائه بوزير الطاقة السوري محمد البشير في شهر أيار/مايو 2025، حيث ناقشا سبل تقديم الدعم الفني والتعاون في تعزيز البنية التحتية للكهرباء والغاز الطبيعي في سوريا ضمن جهود إعادة الإعمار بعد الحرب.
وأكد بيرقدار أن تركيا منفتحة على كل أشكال التعاون البنّاء الذي يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب السوري في مجال الطاقة، وقال:
“قمنا بزيارة إلى دمشق، وبحثنا ملفات مهمة مثل الكهرباء، والغاز الطبيعي، والنفط. ووقعنا مذكرة تفاهم في مجالات الطاقة، والتعدين، والموارد الهيدروكربونية، شكلت إطاراً للتعاون المستقبلي بين البلدين. كما اتخذنا خطوة مهمة لنقل الغاز الطبيعي إلى محطات الكهرباء في حلب عبر خط أنابيب من تركيا.”
خط نقل الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا
وأوضح الوزير أن خط الأنابيب، الذي يبلغ قطره 36 إنشاً وطوله نحو 93 كيلومتراً، ينطلق من قضاء “تورك أوغلو” في كهرمان مرعش، ويمتد حتى الأراضي السورية.
وأشار إلى أن هذا الخط وصل إلى محطة القياس “Yavuzlu” الواقعة في قرية “Yavuzlu” الحدودية التابعة لولاية كيليس، مضيفاً:
“شركة بوتاش التركية تعاونت مع شركة الغاز السورية SGC لتجهيز البنية التحتية للجزء السوري من الخط، وقدمنا كل الدعم الفني اللازم. ومن خلال هذه المحطة، سنبدأ ضخ الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا عبر كيليس، بطاقة تصل إلى 6 ملايين متر مكعب يوميًا. وبإذن الله، سننقل الغاز إلى حلب ثم إلى حمص، ما يتيح إعادة تشغيل محطات الكهرباء هناك في وقت قريب.”
خط نقل الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا سُيلبي احتياجات 5 ملايين منزل
وأوضح بيرقدار أنه من المتوقع تصدير ما يصل إلى 2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا سنوياً في المرحلة الأولى.
وأضاف أن هذا الغاز سيمكن من تشغيل محطات كهرباء بطاقة إجمالية تبلغ نحو 1200 ميغاواط، وهو ما يكفي لتغطية احتياجات نحو 5 ملايين منزل، مما يشكل مساهمة كبيرة في تطبيع الحياة داخل سوريا.
اتفاق تبادل الغاز مع أذربيجان
واختتم بيرقدار حديثه بالإشارة إلى دور أذربيجان، قائلاً:
“نخصّ أذربيجان الشقيقة بمكانة خاصة. لقد وقعنا اتفاق تبادل (Swap) مع شركة الطاقة الوطنية الأذربيجانية SOCAR لتسليم الغاز الأذربيجاني عند الحدود التركية-السورية. كما تعلمون، كنا قد نفذنا مشروعاً مشابهاً في آذار/مارس مع نخجوان عبر خط الغاز إغدير–نخجوان، الذي أمن تدفق الغاز إليها دون انقطاع. واليوم، نشارك وزير الاقتصاد الأذربيجاني ميكائيل جباروف في افتتاح مشروع جديد، تحت شعار ’دولتان، أمة واحدة‘. وبإذن الله، سنبدأ اليوم إرسال الغاز الأذربيجاني الذي سيغذي محطات الكهرباء السورية.”
يذكر أن شركة “SOCAR” واجهت احتجاجات عدة في تركيا، بسبب نقلها الغاز للكيان الصهيوني عبر تركيا.
وزير الاقتصاد الأذربيجاني “جاباروف” يصف توريد الغاز إلى سوريا بأنه “نقطة تحول”
أعرب الوزير جاباروف عن فخره بوجوده في تركيا لحضور حفل افتتاح خط أنابيب الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا، مشيرًا إلى أن افتتاح هذا الخط يُعدّ أفضل دليل على التعاون المثمر.
وأكد أن هذا المشروع يُمثّل جزءًا من عملية تطبيع الأوضاع في سوريا، معبرًا عن ارتياحه لتوريد الغاز الأذربيجاني إلى سوريا بالتعاون مع حكومتي تركيا وسوريا، مشيرًا إلى دعم دولة قطر لهذا المسار.
وأوضح جاباروف أن هذه المسألة كانت محور نقاش في العديد من اللقاءات بين الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مضيفًا: “هذا المشروع هو نتيجة للأخوة والصداقة والتعاون الوثيق بين بلداننا.”
وأضاف أن الدول الشقيقة تعمل معًا من أجل إعادة إعمار سوريا، قائلاً: “لو لم تكن بيئة الأعمال في تركيا مناسبة لرأس المال الأذربيجاني، ولو لم تحقق شركة سوكار (شركة النفط الحكومية الأذربيجانية) نجاحًا في عملياتها داخل تركيا بدعم من الحكومة التركية، لما تمكنا من إنجاز هذا المشروع الناجح في فترة قصيرة كهذه.”
ولفت جاباروف إلى أن إيصال الطاقة إلى كل من أوروبا وسوريا في الوقت نفسه يُظهر نجاح الشراكة بين أذربيجان وتركيا، قائلاً:
“نقل الغاز الأذربيجاني إلى سوريا عبر تركيا يُعدّ نقطة تحول في تاريخ الطاقة بالنسبة لنا. ويمثل هذا المشروع خطوة مهمة في إنشاء جسر طاقي في منطقة القوقاز الجنوبي والمناطق المجاورة.”
وأضاف أن المشروع يُمهّد الطريق للتعاون المستقبلي بين سوريا وأذربيجان، مؤكدًا إيمانه بأن افتتاح خط أنابيب الغاز الطبيعي سيكون أساسًا للسلام في المنطقة.
“متوسط الوصول اليومي للكهرباء في سوريا سيرتفع بمقدار 4 ساعات”
من جانبه، صرّح وزير الطاقة السوري محمد بشير خلال كلمته في الحفل أن هذه الخطوة لا تمثل مجرد مشروع بنية تحتية فنية، بل هي نقطة تحول مهمة في مسار خروج الشعب السوري من سنوات طويلة من الظلام والمعاناة.
وأوضح الوزير أن المرحلة الأولى من مشروع نقل الغاز الطبيعي من تركيا إلى سوريا تتضمن توريد 3.4 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميًا، مع التخطيط لرفع هذه الكمية إلى 6 ملايين متر مكعب في المستقبل.
وأشار إلى أن الغاز المورَّد سيمكن من إنتاج نحو 750 ميغاواط إضافية من الطاقة، مما سيؤدي إلى زيادة متوسط ساعات الوصول إلى الكهرباء في البلاد بنحو 4 ساعات يوميًا. وأكد أن هذا التطور سيسهم في تنشيط الأنشطة الاقتصادية، وزيادة الإنتاج الصناعي، وتشجيع عودة النازحين إلى مناطقهم.
كما ذكّر البشير بأن البنية التحتية للطاقة في البلاد تعرضت لدمار كبير، مؤكدًا أن جهود إعادة الإعمار مستمرة بإصرار بعد سنوات من الظلام والحرمان.
ولفت إلى أنهم يعملون بجد على إنجاز المشاريع بأسرع وقت ممكن، بما في ذلك خط التزويد بالكهرباء الجديد الممتد من مدينة ريحانلي التركية إلى شمال إدلب.
وأكد البشير أن تحقيق أمن واستدامة إمدادات الطاقة سيُسرّع انتقال سوريا من الظلام إلى النور بشكل دائم.
واختتم الوزير حديثه بالإشارة إلى التقدم الملحوظ في مجالات متعددة من إنتاج الطاقة إلى البنية التحتية للنقل والتوزيع، موجّهًا شكره لدولة قطر على دعمها المالي للمشروع، ولتركيا وأذربيجان على تعاونهما في الترانزيت والدعم الفني.
“أكثر من 5 ملايين مشترك سيستفيدون بشكل مباشر”
أوضح رئيس صندوق التنمية القطري، فهد حمد السليطي، أن ما يقارب 3.4 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سيتم نقله يومياً عبر الخط الذي تم تأهيله بالكامل من قِبل الجهات المختصة في تركيا، مشيراً إلى أن هذا الرقم يعادل نحو 1.2 مليار متر مكعب سنوياً.
وأشار السليطي إلى أن الغاز الطبيعي سيُستخدم في سوريا لأغراض توليد الكهرباء، وقال:
“وبذلك، سيرتفع متوسط ساعات الوصول إلى الكهرباء في البلاد إلى نحو 5 ساعات يومياً، ما يعني تحسناً بنسبة 40% مقارنة بالوضع الحالي، وسينعكس هذا التحسن بشكل مباشر على أكثر من 5 ملايين مشترك.”
وأكد أن دولة قطر، بوصفها المموّل الرئيسي للمشروع، لا تملأ فقط فراغاً تقنياً بهذا التحرك الاستراتيجي، بل تسعى في الوقت ذاته إلى ترسيخ رؤيتها لدعم السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة.
وشدد السليطي على أن هذه الخطوة ليست تدخلاً مؤقتاً، بل تمثل خطوة تنموية جدية وطويلة الأمد يتم تنفيذها في سوريا بالتعاون مع شركاء من تركيا وأذربيجان.
وقدّم السليطي شكره لكافة الأطراف المساهمة في المشروع، وللفرق التقنية التي عملت بجد ليلاً ونهاراً، ولجميع الجهات التي ساهمت في إيصال الغاز إلى سوريا دون عقبات، مؤكداً إيمانه بأن هذا النوع من المبادرات الإنسانية، القائم على الشراكة الاستراتيجية والتضامن، سيفتح آفاقاً لتغييرات دائمة وذات مغزى، لا تمس الحاضر فحسب، بل ترسم ملامح المستقبل أيضاً.
وأضاف أن توفير الكهرباء بشكل منتظم ومستمر يعد عنصراً أساسياً في عملية إعادة بناء المجتمعات وتحقيق الرفاه، مشيراً إلى أن مثل هذه المشاريع تسهم مباشرة في تعزيز الأمن والاستقرار والتحسن المجتمعي.
من جانبه، صرّح مدير عام الشركة السورية للغاز، يوسف اليوسف، لوكالة الأناضول، أن نحو 4 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً يتم نقلها عبر الشبكة التركية، حيث يُستقبل الغاز في محطة خاصة ويُدمج مع شبكة الغاز السورية.
وأكد اليوسف أن الهدف هو توجيه هذا الغاز إلى محطات التوليد الحرارية بهدف زيادة القدرة الإنتاجية للكهرباء، مضيفاً:
“نتوقع تحسناً ملحوظاً في خدمات الكهرباء، لا سيما في القطاع السكني، خلال فترة وجيزة.”
ولفت إلى أن البنية التحتية للغاز في سوريا تواجه مشكلات تقنية كبيرة نتيجة سنوات من الهجمات والتخريب، قائلاً:
“نقوم حالياً بجهود مكثفة لاستكمال المعدات الناقصة وإعادة تأهيل خطوط الأنابيب. وعلى المدى القصير، نستخدم البنية الحالية، بينما نعمل على خطة إعادة تأهيل شاملة طويلة الأمد.”
وأشار اليوسف إلى أن من بين الخطط المستقبلية إيصال الغاز الطبيعي إلى المناطق الصناعية، لكنه أكد في الوقت ذاته أن الأولوية حالياً هي تأمين الكهرباء للمنازل بشكل مستقر ودائم، مضيفاً:
“مع بدء تدفق الغاز، نتوقع تحسناً ملموساً في إمدادات الطاقة على مستوى البلاد.”
إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.