سياسي وكاتب سوري: حل الأزمة السورية يعاود التأكيد على ضروراته!

على الرغم من أن الاهتمام العالمي بالقضية السورية قد تراجع نسبيًا في السنوات الأخيرة، فإن الأنشطة المتعلقة بمسار حل الأزمة السورية لا تزال مستمرة، وتُناقش جوانب القضية السورية بشكل مفصل من خلال مؤتمرات وندوات واجتماعات ومناقشات تُعقد على مستويات مختلفة وتخصصات متنوعة بحسب السياسي السوري فايز سارة.

وحول حل الأزمة السورية ينقل لكم فريق تحرير كوزال نت ترجمة خاصة لمقالة الصحفي والكاتب السياسي السوري فايز سارة نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط باللغة التركية.

فايز سارة

 

حل الأزمة السورية يعاود التأكيد على ضروراته

وتركز الأنشطة التي تتناول القضية السورية بشكل رئيسي على قضية اللاجئين السوريين وظروفهم، وخاصة في لبنان، والمساعدات الدولية التي تتضاءل بشكل متزايد، والعقوبات المفروضة على نظام الأسد، وقضية حبوب الكبتاغون، بالإضافة إلى الجوانب المختلفة للمشكلة. قائمة المواضيع التي تُناقش في هذه الأنشطة طويلة بقدر طول الصراع الذي يمتد على مدى 13 عامًا.

يتفق المهتمون والمتابعون للقضية السورية على أهمية المواضيع التي تُناقش، وخاصة القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل كبير على حياة السوريين، والتي تنقسم حاليًا إلى فئات مختلفة. السوريون ينقسمون إلى لاجئين ومشردين داخليين يعيشون في مناطق تحت سيطرة سلطات فعلية، ويعانون من العديد من المشكلات التي تؤثر على حياتهم. من بين هذه المشكلات تدهور الظروف المعيشية والفقر والجوع وانعدام الأمن، مما يهدد بقاءهم. أما ظروف اللاجئين، خاصة في الدول المجاورة مثل تركيا ولبنان، فتتجاوز الظروف المعيشية السيئة لتصل إلى تهديدات لحياتهم، بما في ذلك حملات عنصرية تتضمن تفاصيل عن ترحيل وطرد السوريين.

وتنشأ أهمية المواضيع التي تُناقش في الفعاليات من تناولها لظروف وتفاصيل حياة السوريين، الذين يشكلون جزءًا من نتائج القضية السورية وتداعيات الأحداث فيها. ومع ذلك، يمكن تناول هذه القضايا في ظروف مختلفة عن الظروف الحالية، بما في ذلك الصراعات في سوريا وحولها. 

لقد واجه السوريون العديد من التحديات وعاشوا في ظروف أمنية ومعيشية بالغة الصعوبة، وتعرض السوريون في لبنان، وخاصة العمال منهم، لحملات عنصرية وعمليات ترحيل خلال الفترة من 2005 إلى 2008. ولكن وفقًا للحقائق، فإن المشكلات الحالية أكثر انتشارًا وأشد قسوة وتأثيرًا على السوريين.

وعلى الرغم من أهمية هذه المشكلات وتأثيراتها، فإنها تشكل جزءًا من قضية عامة، وهي القضية السورية، التي تتطلب معالجة وحلاً شاملاً لتسهيل وحل العديد من المشكلات والقضايا المرتبطة بها. إن الوصول إلى حل الأزمة السورية سيمكن السوريين من العودة بكرامة وأمان إلى بلادهم من الدول المجاورة. 

وحتى السوريين في أوروبا الذين تقول بعض الحكومات أنهم غير مرحب بهم سيعودون بعد الحل، وبعد الحل، لن يحتاج السوريون إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية، لأنهم بطبيعة الحال سيحصلون على ما يحتاجونه للعيش من الموارد المحلية أو من خلال الاستيراد من الخارج، وإذا تقدمت عملية حل الأزمة السورية بشكل طبيعي، فلن يكون السوريون بحاجة إلى التدخلات الخارجية الحالية أو إلى وجود القوات المحتلة في بلادهم.

لا شك أن جميع الدول والجهات الفاعلة المنخرطة والمتباحثة في حل الأزمة السورية تدرك الحقائق المذكورة أعلاه وأكثر من ذلك، لكن بدلاً من حل المسألة الرئيسية والأساسية التي تم التوافق عليها عالمياً، يقومون بالترويج لحل بعض القضايا الفرعية والمسائل الثانوية. 

السبب لا يقتصر فقط على عدم كفاءة البعض، أو عدم رغبة البعض الآخر في الوصول إلى حل شامل وكامل في سوريا، بل يهدفون أيضًا إلى إشغال السوريين والرأي العام الدولي بالقضايا الفرعية، وإضاعة الوقت على أمل خلق ظروف أفضل تتماشى مع سياساتهم ومصالحهم. إذ تعيش سوريا ومنطقة شرق المتوسط تفاعلات وتخميرات يمكن أن تؤدي إلى تغييرات جذرية في المنطقة وفي علاقاتها مع القوى الكبرى.

وفي ظل الحقيقة أن الولايات المتحدة وروسيا لم تتمكنا من التوصل إلى حل في سوريا وفشلتا، وأيضًا في ظل التوجه نحو القضايا الفرعية التي لا تتناول القضية السورية وانعكاساتها، بل تجعل الصراع داخل سوريا وحولها أكثر تعقيدًا وتشابكًا، تأكد أنه لا يوجد مخرج سوى التوجه نحو حل مباشر يعتمد على ركيزتين أساسيتين في القضية السورية.

ركيزتان أساسيتان نحو الوصول إلى حل الأزمة السورية

 الركيزة الأولى هي التوافق الدولي على القرار 2254. جميع المحاولات لإيجاد بديل لهذا القرار باءت بالفشل. 

الركيزة الثانية هي استمرار قناة الاتصال الخاصة بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا، رغم كل التوترات التي نشأت بين الجانبين في ظل الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا ومعارضة الولايات المتحدة ومكافحتها لها.

ما يزيد من أهمية الركيزتين المذكورتين أعلاه في ضرورة التوجه نحو حل شامل في سوريا، هو النشاط العربي-التركي الجديد الذي يسعى لتولي دور جديد في طريق حل الأزمة السورية.

وفي هذا السياق، يرتبط الطرفان بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد وتوجيه النظام السوري نحو حل قائم على القرار 2254، وهو ما تحظى الولايات المتحدة بأهمية خاصة له أيضًا.

ورغم أن هذا النهج لم يحقق تقدمًا ملموسًا بعد، فقد فتح الأبواب المغلقة في علاقات تركيا والقوى العربية النافذة مع النظام وحلفائه الروس والإيرانيين. 

وقدم للدول الأوروبية والولايات المتحدة خيار الدخول في مبادرة نحو الحل في سوريا أو تقديم دعم فعّال لمبادرة بدأت من جهة معنية. 

ولقد وصل العالم والقوى المنخرطة في القضية السورية إلى نقطة يحتاجون فيها إلى خطوة تفتح باب الحل أو تقود إليه في سوريا. 

والحل لن يكون فقط في مصلحة السوريين، بل سيكون أيضًا ممارسة عملية للأطراف في معالجة المشاكل الدولية المعقدة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وحرب  الإبادة الصهيونية في قطاع غزة.

 

إعداد وتحرير وترجمة: عبد الجواد أمين حميد

التعليقات مغلقة.