في تصريحات غير مألوفة، كشف رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزغور أوزيل، الأسبوع الماضي عن خطة جديدة يسعى الحزب لتبنيها خلال الفترة القادمة لمعالجة ملف اللاجئين السوريين في تركيا.
فريق كوزال نت رصد تقريراً لموقع الجزيرة نت رُصد فيه تبعات واحتمالات توافق الحكومة والمعارضة حول ملف اللاجئين السوريين في تركيا.
رؤية جديدة يتجه لها حزب الشعب الجمهوري للتعامل مع ملف اللاجئين السوريين في تركيا
وأوضح أوزغور أوزيل في مقابلة صحفية نية الحزب بدء مفاوضات مع النظام السوري بمشاركة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بهدف تحسين فرص العمل وتوفير الغذاء والسكن للعائدين من تركيا، وعدم الاكتفاء بتوفير المنازل التقليدية من الطوب الحجري على غرار سياسية خصمه اللدود حزب العدالة والتنمية “AKP” خلال الأعوام القليلة الماضية.
وأشار إلى عدد من الامتيازات الإيجابية التي سيحظى بها مليون و500 ألف طفل سوري وُلِدوا في تركيا، والتي تشمل إمكانية دخولهم إلى تركيا بجواز سفر فقط دون الحاجة لتأشيرة دخول، وإعطائهم الأولوية في القبول للتعليم الجامعي. كما تشمل الامتيازات تخفيف الرسوم السياحية وتوفير الدعم اللازم في تأمين السكن الطلابي.
تغير في سياسة أكبر أحزاب المعارضة التركية “حزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض CHP” نحو ملف اللاجئين السوريين في تركيا والعرب بشكل عام!
وفي نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي وبعد فوزها في الانتخابات المحلية التركية في 31 مارس/آذار 2024، بدأت بعض البلديات التركية التابعة للمعارضة بإزالة اللافتات وقوائم الطعام المكتوبة باللغة العربية من المحال التجارية، بحجة أنها تخالف المعايير التي حددها معهد المعايير التركي.
وقد أثارت هذه الحملة غضبًا بين الأوساط التركية والعربية بسبب اقتصارها على اللافتات العربية دون غيرها.
وأعرب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزغور أوزيل، عن قلقه إزاء هذه الإجراءات، مشيرًا إلى مخاوفه من البعد العنصري الذي يتضمنه إزالة اللافتات باللغة العربية دون اللغات الأخرى، وأيضًا البعد الديني لأن اللغة العربية هي لغة القرآن.
كما أشار إلى خرق هذه الإجراءات للقانون التركي الذي يسمح باستخدام لغات أخرى بنسبة 25% من النص على اللافتة، مع الحرص على أن يكون الباقي من النص باللغة التركية.
وحذر رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزغور أوزيل، من ضرورة التخلي عن الخطاب العنصري ضد العرب، مؤكدا أن استخدام كلمة “العربي” كسبيل للإساءة يعد غير مقبول.
وأكد أن رؤساء بلديات المعارضة لن ينخرطوا في أي تصرفات تحرض على الكراهية تجاه الأجانب، مُضيفاً ن اللغة الأم لنحو 6 ملايين مواطن تركي من أصول عربية في تركيا هي العربية، وعدم احترامها يُعد انتهاكاً لكرامتهم.
من جانبه، أشار الرئيس السابق لفرع الشباب في حزب الشعب الجمهوري، جوكشان علوكوش، إلى أن السياسة التي يتبعها أوزيل تمثل مسارًا جديدًا في تاريخ الحزب، مشيراً إلى عدم وجود توافق سابق بين المعارضة وحزب العدالة والتنمية الحاكم بشكلٍ واضح كهذا.
وأشار علوكوش إلى عدم الرضا لدى العديد من أعضاء الحزب، بمن فيهم شخصيات بارزة، عن سياسة أوزغور وتقاربه مع أفكار الحزب الحاكم، مُشيراً إلى انتقادات كليتشدار أوغلو، الرئيس السابق للحزب، الذي أكد ضرورة محاربة القصر الرئاسي بدلاً من التفاوض معه.
سياسة ناعمة للحزب المعارض
وفي لقاء نادر وغير مسبوق منذ حوالي 8 سنوات بين رئيسي الحزبين الأبرز في تركيا، استضاف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأسبوع الماضي، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، في مقر الحزب الحاكم الرئيسي بأنقرة، مما يمثل بداية مرحلة جديدة في الساحة السياسية التركية، وقد وُصِفت هذه المرحلة بأنها مرحلة “السياسة الناعمة” و”التطبيع”.
وبحسب آراء الباحث في الشأن التركي، أحمد أوزغور، فإن هذه اللقاءات الأخيرة بين قادة الأحزاب السياسية تختلف تماماً عن المشهد الذي كان مسيطراً بعد محاولة الانقلاب في عام 2016، وتأتي في ظل ظروف سياسية مستقرة وخالية من الأزمات الكبرى، مما يجعلها ذات أهمية بالغة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أشار أوزغور إلى أن الأوساط السياسية التركية ترى في أوزيل تمثيلاً لتيار جديد يسعى لتحقيق التوافقات السياسية بعيداً عن التقلبات والخلافات السابقة، مما يعزز فرص حزب الشعب الجمهوري في أن يصبح بديلاً قوياً للسلطة الحالية في المستقبل، وفقاً لتقديره.
وأكد الباحث أوزغور أن هذا التحول نحو مرحلة جديدة من التهدئة قد يغير المشهد السياسي في تركيا، مما يتيح فرصاً لنقاشات أوسع حول القضايا الرئيسية بطريقة تتجاوز الجمود السياسي الحالي.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا تحت بند “الحماية المؤقتة” 3 ملايين و115 ألفاً و844 شخصاً، وفقاً للبيانات الصادرة عن رئاسة الهجرة التركية في أوائل شهر مايو/أيار 2024.
فوائد قد تنجم عن توافق الحكومة والمعارضة حول ملف اللاجئين السوريين في تركيا
في تصريحاته الأخيرة، دافع نعمان كورتولموش، رئيس البرلمان التركي الحالي، بقوة عن وجود اللاجئين السوريين في تركيا، معتبرا ذلك الخيار الوحيد المتاح لهم “لضمان البقاء على قيد الحياة”.
وأكد أن تركيا تستضيف أكبر عدد من المهاجرين في العالم منذ عام 2014، مشيرا إلى الدور الكبير الذي تلعبه البلاد في مجال المساعدات الإنسانية، خاصة تجاه اللاجئين.
وتتسم السياسة التركية بالترحيب باللاجئين السوريين، كما أكدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عدة مناسبات، مستنكرا المحاولات التي تستغل قضية اللاجئين لأغراض دعائية وحزبية.
وفي خطابه الأخير، تعهد أردوغان باتخاذ إجراءات أكثر حزما لمواجهة جرائم الكراهية، مؤكدا أن الوطنية لا تعني قمع المضطهدين الذين لجؤوا إلى بلادهم، وأن حماية الوطن لا تعني التمييز ضد الأجانب.
ووفقا للمحلل السياسي جوكهان بولوت، فإن المرحلة الحالية من التقارب السياسي قد تعود بفوائد كبيرة على اللاجئين السوريين في تركيا، إذ تبذل الحكومة التركية جهودا ملموسة لتحسين ظروفهم المعيشية، بينما تظهر المعارضة استعدادا للتخلي عن سياسات التضييق المفروضة عليهم.
وحذر بولوت من وجود معارضين للسياسات الحالية داخل حزب الشعب الجمهوري وزعماء أحزاب أخرى، مما يمكن أن يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها، بما في ذلك إطلاق حملات إلكترونية جديدة تستهدف اللاجئين السوريين في المستقبل القريب.
إعداد وتحرير: عبد الجواد حميد
التعليقات مغلقة.