كاتب مصري ينشر مقالة عن تصاعد العنصرية ضد العرب في تركيا

نشر موقع “Independent Türkçe” مقالة باللغة التركية توضح أسباب انتشار العنصرية ضد العرب في تركيا، نشرها كاتب مصري يُدعى د.حسن أبو طالب أمس مقالة بعنوان “هل الأتراك لا يحبون العرب؟”

وفي هذه الصدد يقدم لكم فريق كوزال نت، ترجمة خاصة للمقالة التي تضمنت سرداً منطقياً لأسباب تصاعد خطاب العنصرية ضد العرب في تركيا في الآونة الأخيرة، مع طرح حلول لمواجهة المشكلة.

الكاتب المصري د.-حسن-أبو-طالب.

“هل الأتراك لا يحبون العرب؟”

وقد استفتح الكاتب المصري حسن أبو طالب مقالته على النحو التالي..

“الحكومة التركية لم تكن مهتمة بمواجهة جميع التوجهات العنصرية المتزايدة في المجتمع السياسي، إذ اكتفت بمحاولة إصدار قانون لمعاقبة الأشخاص الذين يروجون للشائعات والدعوات المتطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتابع: 

ثلاث سنوات مضت، لم يكن أحد يستطيع تخيل أن أي شخص يتابع تركيا سيرى أن السياح العرب يتعرضون لهجمات عنصرية هذا الصيف كما حدث.

هذا الوضع دفع معظم العرب، بداية من دول الخليج، إلى إلغاء حجوزاتهم إلى تركيا.

ووفقًا للبيانات الرسمية التي نشرتها الغرف الصناعية التركية، فإن العديد من المستثمرين العرب مترددون حيال إكمال الأعمال التي بدأوها.

بالطبع، هذا التطور يعد ضربة لجميع الأطراف، إذ أن العديد من العوامل التي انتشرت في المجتمع التركي مثل التوجه الوطني المتطرف تشجع على هذا الوضع.

هذا التوجه ازداد قوة خلال السنتين الماضيتين، ووصل إلى ذروته خلال حملة الانتخابات الرئاسية قبل عام واحد.

انتهت هذه الانتخابات بفوز الرئيس أردوغان وهزيمة المعارضة ذات التوجه القومي واليساري.

ولكن الشعارات المستمرة ضد اللاجئين السوريين والأفغان وكل ما يرتبط بالثقافة واللغة العربية لا تزال فعالة ومستمرة.

د.-حسن-أبو-طالب

الكاتب المصري يشرح عوامل تصاعد العنصرية ضد العرب في تركيا

وقد بدأت الحملة تظهر نفسها من خلال الممارسات العنيفة العنصرية ضد العرب في تركيا التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

هذه الممارسات العنيفة، على الرغم من أهميتها، عند ربطها فقط بحملة انتخابات الرئاسة والبرلمان، لا تقدم شرحًا شاملاً للموضوع، بل تمثل جزءًا صغيرًا فقط من المزيج الاجتماعي والسياسي والثقافي الأكثر تعقيدًا في المجتمع التركي.

ويتكون الخليط المسؤول عن هذا التوجه السلبي تجاه العرب بشكل خاص وغير الأتراك بشكل عام من العناصر التالية:

1-العوامل التاريخية في المناهج التعليمية التركية التي اتبعت القيم العلمانية التي كانت مرتبطة بها حتى وقت قريب وكرهها للعرب والعربية.

 2-تأثير الأزمة الاقتصادية الناتجة عن السياسات التي اتبعتها حكومة تركيا خلال الثلاث سنوات الماضية، والدور الذي لعبه وسائل التواصل الاجتماعي.

3-عامل آخر في هذا المزيج هو الخطاب المتطرف الذي اعتمدته العديد من الأحزاب الصغيرة مثل حزب النصر والحزب الجيد.

جانب من حادثة الاعتداء على سائح كويتي في طرابزون

تركز هذا الخطاب على سياسات الهجرة الخاطئة التي يرونها كسبب رئيسي للأزمة الاقتصادية في تركيا، ووجود حوالى 5 ملايين لاجئ سوري.

من وجهة نظرهم، هؤلاء اللاجئين استنزفوا فرص العمل وحرموا شباب تركيا من حقوقهم الطبيعية بسبب الفرص الوظيفية المحدودة لديهم.

يعكس هذا المزيج مسؤولية كل من المؤسسات الرسمية والمدنية.

لأنه في مواجهة النزعات العنصرية وخطاب الكراهية الذي يكتسب المزيد من الزخم يوماً بعد يوم، تبقى الأول خاملة والثانية ضعيفة.

محللون أتراك يحذرون من مخاطر العنصرية ضد العرب في تركيا

ونتيجة لذلك، بدأ المحللون الأتراك يحذرون من التهديد الكبير الذي يواجهه المجتمع التركي جراء استمرار خطاب العنصرية ضد العرب في تركيا.

المسألة لم تعد مجرد عمليات الترحيل القسري التي تم إجراؤها بواسطة الهيئات الرسمية في إطار تنفيذ السياسة التي أعلنتها وزارة الداخلية، بل أصبحت تشمل اعتداءات الشباب الأتراك المتأثرين بخطاب العنصرية القومية ضد السوريين، وكذلك الانتهاكات المزعجة مثل الهجمات على العرب والتلاعب والابتزاز والمحتوى العنيف الذي أسفر في بعض المناطق والمناطق السياحية الشهيرة عن وفاة عدة سياح عرب، وهذا ليس سوى جزء صغير من هذه التجاوزات.

ووصلت الأمور إلى الحد الذي تزداد فيه درجة العنف في التصرفات اليومية للأتراك تجاه الآخرين، سواء كانوا أتراكًا أو عربًا.


وبدأ العديد من الأتراك العقلاء يناشدون ويطالبون بالوقوف ضد هذه السلوكيات التي تهدد الأمن الاجتماعي في تركيا، والتي تنتهك المبادئ الديمقراطية التي يزعم الجميع اتباعها، والتي أثرت على الاقتصاد التركي كما يظهر من إلغاء الحجوزات السياحية الكبيرة وتوقف بعض الاستثمارات.

والأهم من ذلك، فإن هذه السلوكيات تضر بالنموذج التركي الذي يحاول الرئيس أردوغان بناؤه، وخاصةً الدعم التركي للمظلومين والمستند إلى لسياسة “الأنصار والمهاجرين” التي اعتمدت لتبرير وصول الكثير من السوريين والأفغان الذين لا ينتمون للعرب (من هؤلاء ليسوا عربًا).

من بين النداءات العقلانية، هناك دعوات لإعادة النظر في سياسات الحكومة التركية بعد الانتخابات، حيث لم تكن الحكومة مهتمة كثيرًا بمواجهة جميع التوجهات العنصرية المتزايدة في المجتمع السياسي. 

وسبب ذلك أن الحكومة لم تهتم كثيرًا باتخاذ إجراءات ضد جميع الاتجاهات العنصرية المتزايدة في المجتمع السياسي؛ إذ حاولت فقط إصدار قانون لمعاقبة الأشخاص الذين ينشرون الشائعات والنداءات المتطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها تنفذ ذلك جزئيا وبشكل غير فاعل.

أحد الانتقادات الموجهة لسلوك الحكومة الذي يُشجع على التوجهات العنصرية المتزايدة هو الجهود التي بذلتها المؤسسات الثقافية المدنية في محاولة لكبح هذه التوجهات العنصرية من خلال الأنشطة الثقافية التي نُظمت لتقريب الثقافات بين بعضها البعض، ولشرح العلاقات التاريخية بين تركيا والعرب والمحيط الإقليمي بأسره. 

ولكن تظل جهود هذه المؤسسات الثقافية المدنية تواجه صعوبات في الحصول على الدعم الرسمي الكافي، مما يجعل جهودها تذهب هباءً.

ولذلك، عند الحديث عن التطورات التاريخية بين الحركة القومية التركية قبل أكثر من 150 عاماً والحركة القومية العربية المقابلة لها، تسود عبارات غير لائقة مبنية على معايير غير صحيحة.

وللأسف، جرى تضمين معظم هذه المعايير الخاطئة في المناهج التعليمية التي ربطت انهيار الإمبراطورية العثمانية بـ “خيانة العرب”.

هذه الخيانة كانت واحدة من أهم التصريحات التي ركز عليها كمال أتاتورك، والذي حاول فيها بناء الأيديولوجيا العلمانية التي لا تحب الثقافة العربية والشرقية، والانتقال إلى عملية غربنة كبيرة حيث حاول أن يجعل تركيا دولة غربية تحقق التقدم والحداثة وتمحو تاريخ الدولة العثمانية بالكامل.

وكان هدفه تحويل تركيا إلى دولة غربية تحقق التقدم والحداثة، وكان يخطط لذلك من خلال اتفاقيات مع المستعمرين البريطانيين والفرنسيين، وتجسيد هذه الاتفاقيات في اتفاق لوزان الذي أسس لما نعرفه اليوم بتركيا الحديثة في عام 1923.

مجموعة من السوريين في تركيا “أرشيف”

 

بعد حوادث العنصرية ضد العرب في تركيا..كيف تصرفت الحكومة التركية؟ وما المطلوب منها؟
التركيز الرسمي هو أن العنف الذي يُشاهد “بالصوت والصورة” ضد الآخر غير التركي يأتي في شكل أحداث “تتطور بشكل فردي وعفوي نتيجة ظروف معيشية مؤقتة”.

أو كما تقول أوساط حزب العدالة والتنمية الحاكم، فإن هذه الأحداث هي جزء من مخطط خارجي يستهدف النموذج التركي والعلاقات مع العرب، كما تشاركه مجموعات إلكترونية تديرها عناصر أجنبية مثل العنصر الإيراني المعتقل حاليا. 

من جهة أخرى، أحد الانتقادات الموجهة للحكومة هو أن هذه الأحداث تشكل جزءًا من خطة خارجية تستهدف نموذج تركيا وعلاقتها مع العرب، وتديرها عناصر أجنبية مثل الإيرانيين المحتجزين حاليًا، كما يزعمه الأوساط المحيطة بحزب العدالة والتنمية.

هذه التصريحات لم يقتنع بها أحد في العالم العربي الخارجي.

وقد اعترف العنصر الإيراني بالفعل بأنه يعمل لحساب حزب النصر، الذي يعتبر زعيمه أوزداغ، الذي كثيراً ما يطلق خطابات الكراهية ضد العرب والإسلام وكل ما هو غير تركي.

بالرغم من جميع السياسات التي جرى تنفيذها في الثمانين سنة الماضية قبل ظهور حزب العدالة والتنمية الذي سيطر على المشهد السياسي لمدة عشرين عامًا والذي بأحد الوسائل شكل الهوية التركية، تحتاج تركيا إلى تغيير حقيقي في العديد من المكونات الفكرية والسياسية للتخلص من التراث العلماني الذي يستبعد الثقافات والحضارات المستمرة حتى الآن.

هذا هو أحد أكبر التحديات التي يواجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال فترة رئاسته الحالية.

 

إعداد وتحرير: عبد الجواد حميد

التعليقات مغلقة.