الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، ما سر أمريكا مع نظام الحزبين الرئيسين؟

بعد فوز المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، وإعلانه رسمياً الرئيس الأمريكي الـ47 للبلاد، تُثار في الولايات المتحدة، وفي الخارج أيضًا، شكاوى من هيمنة الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، على المشهد السياسي، حيث يتناوبان على السلطة ويوجهان السياسات بشكل يحد من خيارات الناخبين، ويتيح للساسة إمكانية التواطؤ لخدمة مصالحهم الخاصة على حساب مصلحة الشعب.

وبحسب ما نقله فريق كوزال نت عن “سكاي نيوز”، رغم أن التعددية الحزبية، التي تتجاوز الثنائية التقليدية، تبدو نظريًا خيارًا أفضل ويمكن تقييمها عمليًا إن أُتيحت، فإن النظام القائم على الحزبين قد أثبت نجاحه أيضًا، وذلك رغم كل الانتقادات التي شابت الفترة ما قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 للسياسات الأمريكية الرسمية، لا سيما موقفها من حرب الإبادة الجماعية على غزة والدعم المنقطع النظير للكيان الصهيوني.وبعيداً عن قضايا الشرق الأوسط التي بلا شك تحتل هامشاً مهماً في السياسة الأمريكية الخارجية، تستند الدعوات لتجاوز هذا النظام في الغالب إلى إحباط قطاعات واسعة من الشعب المتضررة من التحولات الاقتصادية العميقة، كالعولمة، التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة. كما تتأثر هذه الدعوات أحيانًا بسوء فهم لآلية عمل النظام الحزبي الحالي، فضلاً عن استثمار بعض السياسيين في الهجوم على هذا النظام لأهداف انتخابية، حيث يقدمون أنفسهم كبديل ثالث وجديد، رغم أن المحاولات السابقة لتقديم مثل هذا الخيار لم تحظَ بنجاح يُذكر.

الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024.. محاولات للخروج من عباءة الحزبين الرئيسيين

حزب ناشئ تأسس عام 2010، تحت مسمى “بلا أسماء”، فكر في تقديم مرشح رئاسي يمثل حزبًا ثالثًا ينافس الرئيس جو بايدن وخصمه الجمهوري المحتمل دونالد ترامب، بناءً على حجته بأن الأميركيين سئموا من “الخيارات المتطرفة بين اليسار (الديموقراطي) واليمين (الجمهوري)”.

 وعلى الرغم من أن هذا الحزب لم يتخذ قراره النهائي بخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، فإن احتمالية ترشيحه تمثل تحديًا كبيرًا للحزب الديمقراطي، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى سحب الأصوات من بايدن، مما يزيد من فرص فوز ترامب. بعبارة أخرى، قد يسهم هذا الحزب، دون قصد، في تعزيز هيمنة الثنائية الحزبية بدلًا من تجاوزها، وذلك بترجيح كفة حزب كبير على حساب الآخر.

لكن السؤال الأهم يبقى حول جدوى نظام الثنائية الحزبية وتأثيره على الولايات المتحدة. فعلى الرغم من أن هذا النظام ساهم في توضيح الخيارات الأيديولوجية والسياسية أمام الناخبين، وساعد في صنع القرار والاستقرار السياسي، فإنه يتعرض أيضًا لانتقادات تتعلق بتحديد خيارات الناخبين وتعزيز الاستقطاب السياسي، وإضعاف تمثيل الجماعات الصغيرة. غير أن هذه الثنائية ليست نتيجة لفرض قانوني أو دستوري، بل تعكس خيارات الناخبين الذين يميلون إلى الثقة بالأحزاب الكبيرة المعروفة، بدلًا من أحزاب صغيرة ذات تأثير محدود. كما أن نظام الثنائية الحزبية ليس خاصًا بالولايات المتحدة، بل يظهر أيضًا في دول أخرى مهمة مثل بريطانيا وكندا وأستراليا.

أسباب استفراد الحزبين الرئيسين في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024

ويرجع السبب وراء هيمنة الحزبين الرئيسيين جزئيًا إلى النظام الانتخابي القائم على فوز المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات، مما يحصر التنافس على الأحزاب القادرة على تمويل الحملات الانتخابية ودعم مرشحيها مؤسسيًا وسياسيًا بعد الفوز.
ومع ذلك، يُعزى السبب الأعمق لوجود الحزبين الرئيسيين إلى التاريخ الأميركي، وبالتحديد إلى التوتر المستمر بين النزعة الاتحادية التي تدعم الحكومة المركزية، والنزعة المحلية التي تركز على استقلال الولايات. إذ يميل الحزب الديمقراطي إلى دعم النزعة الاتحادية، بينما يدعم الحزب الجمهوري النزعة المحلية، وهذا الانقسام يعود إلى نهاية القرن الثامن عشر عندما أعلنت 13 مستعمرة بريطانية استقلالها عن بريطانيا في 4 يوليو/تموز 1774، لتأسيس الولايات المتحدة الأميركية. 

وكان الاستقلال ناتجًا عن غياب تمثيل تلك المستعمرات في البرلمان البريطاني، فضلًا عن رغبة المؤثرين اقتصاديًا في الاستقلال بسبب السياسة البريطانية التي حاولت منعهم من التوسع غربًا على حساب أراضي القبائل المحلية. 

وتعمق هذا الخلاف خلال حرب الاستقلال التي استمرت ثماني سنوات وانتهت عام 1783 بتوقيع معاهدة باريس، والتي اعترفت بموجبها بريطانيا باستقلال الولايات المتحدة.

وبدأ هذا الصراع حول توزيع السلطات بين الحكومة المركزية والولايات المكونة لها، إذ تميزت المرحلة الأولى بترسيخ هيمنة الولايات على الدولة الناشئة.

 ففي عام 1778، تم إقرار أول دستور أميركي، ودخل حيز التنفيذ في 1781، مؤكدًا استقلالية الولايات الـ13 وسيادتها، وموحدًا إياها تحت “رابط الصداقة”. 

هذا الدستور حدّ من صلاحيات الحكومة المركزية، فلم يسمح بإنشاء جيش وطني ولا بفرض الضرائب أو تنظيم التجارة بين الولايات، وأبقى لكل ولاية الحق في رفض القوانين التي يصدرها الكونغرس. 

لكن سرعان ما أدركت هذه الولايات أن النظام الكونفدرالي يضعفها، إذ أدى إلى تدهور اقتصادي وفشل الحكومة في قمع التمردات المسلحة لافتقارها إلى جيش مركزي. 

وفي عام 1789، جاء الدستور الثاني ليعزز سلطة الحكومة المركزية ويمنحها صلاحيات تأسيس جيش وبحرية، وفرض الضرائب، وإدارة العلاقات الخارجية، مما شكّل انتصارًا للاتجاه الاتحادي.

لم يختفِ الصراع بين “الاتحاديين” و”الولايتيين” رغم الدستور الجديد. كان الحزب الاتحادي، بقيادة ألكساندر هاملتون، أول حزب وطني أميركي، ودعا إلى حكومة مركزية قوية، وتنظيم الاقتصاد والتجارة، ودعم الصناعة، وتعزيز العلاقات مع بريطانيا. أثناء توليه وزارة الخزانة بين 1789 و1795 في عهد جورج واشنطن، أسس أول مصرف اتحادي بوجود فروع في جميع الولايات.

في المقابل، ظهر الحزب الديمقراطي-الجمهوري، بقيادة توماس جيفرسون في 1792، كرد فعل للسياسات الاتحادية. 

ونادى هذا الحزب بمزيد من اللامركزية وحقوق الولايات، ودعم الحياة الزراعية والمزارعين، والتقارب مع فرنسا الثورية.

ورغم تفكك هذين الحزبين لاحقًا، بقيت قيمهما حية، لتستقر في النهاية في الحزبين الرئيسيين اليوم: الديمقراطي، الذي تأسس في 1828، والجمهوري، الذي تأسس في 1854. وقد استطاع كل من الحزبين مواكبة التحولات السياسية والاجتماعية، وبناء قواعد شعبية ممتدة عبر الأجيال، مما عزز هيمنتهما على الساحة السياسية الأميركية. الأهم من ذلك هو نجاح كل منهما في بناء إطار مؤسسي مرن يعيد تعريف قيمه بما يتناسب مع حياة المواطنين، وهو تحدٍ يندر تحقيقه في الشرق الأوسط.

فوز الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024

وقد فاز الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة بعد تجاوزه عتبة الـ270 صوتًا في المجمع الانتخابي، متفوقًا على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس التي بادرت بالاتصال به لتهنئته وإقرارها بالهزيمة.

وفي وقت سابق، صرّح ترامب في كلمة ألقاها من مقر حملته الانتخابية بولاية فلوريدا قائلاً: “حققنا فوزًا تاريخيًا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024؛ انتصرنا في الولايات المتأرجحة ونلنا الأصوات الشعبية، حيث وصلنا إلى 315 صوتًا. إنه شعور رائع يعكس محبة الشعب.”

وأضاف أمام حشد من مؤيديه: “الرب أنقذني لأتمكن من إنقاذ البلاد. هذا النصر غير مسبوق في تاريخنا السياسي، وهو توافق تاريخي يُبرز شرفًا كبيرًا لنا بانتخابي رئيسًا من جديد. اليوم هو انتصار للديمقراطية؛ لقد صنعنا التاريخ وتجاوزنا العديد من التحديات.”

أعاد تحريرها: عبد الجواد أمين حميد

الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024التنافس في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024الحزب الجمهوري في الولايات المتحدةالحزب الديقراطي في الولايات المتحدةالنظام ثنائي الحزبية في الولايات المتحدةجذور التنافس بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري في الولايات المتحدةفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024فوز دونالد ترامب للمرة الثانية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطيمرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024نظام الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة