كشفت تقارير عن تفاصيل مثيرة حول الأيام الأخيرة للأسد في سوريا، إذ كُشف النقاب عن أربع رحلات خاصة إلى أبو ظبي نُفذت قبيل سقوط النظام كانت محمّلة بأموال نقدية، ووثائق سرية، وأسماء من الدائرة المقرّبة للأسد، ضمن عملية منظمة تمكن فيها المخلوع بشار الأسد من تهريب الأموال والوثائق السرية خارج سوريا.
ووفقاً لما نقله فريق تحرير منصة كوزال نت عن موقع “NTV” وفقاً لادعاء جديد يتعلق بنظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، استُخدمت طائرة خاصة في تهريب أموال نقدية، ممتلكات ثمينة، ووثائق سرية تكشف خريطة الشبكة التجارية التي تقف وراء ثروته، وذلك مع اقتراب قوات إدارة العمليات العسكرية من العاصمة دمشق في ديسمبر/ كانون الأول 2024.
وبحسب ما نقلته وكالة رويترز للأنباء عن أكثر من عشرة مصادر، فإن ياسر إبراهيم، كبير المستشارين الاقتصاديين للأسد، تولى ترتيب استئجار طائرة خاصة لنقل ممتلكات الأسد الثمينة، إلى جانب أقاربه ومستشاريه وموظفي القصر الرئاسي، عبر أربع رحلات جوية باتجاه الإمارات العربية المتحدة، خلال الأيام الأخيرة للأسد في سوريا.
ووفقاً للتقرير، لعب ياسر إبراهيم، الذي كان يترأس المكتب الرئاسي للشؤون الاقتصادية والمالية في عهد الأسد، دوراً محورياً في بناء شبكة الأصول والمنظمات التي مكّنت الأسد من إحكام قبضته على الاقتصاد السوري، وبحسب بيانات تتبّع الرحلات الجوية التي حللتها وكالة رويترز، نفذت طائرة من طراز “إمبراير ليغاسي 600” أربع رحلات إلى سوريا خلال الثماني والأربعين ساعة التي سبقت سقوط النظام، وكانت الطائرة تحمل رقم الذيل “C5-SKY” ومسجّلة في غامبيا.
الأيام الأخيرة للأسد في سوريا.. هكذا جرت عملية تهريب الأموال والوثائق السرية لخارج البلاد!
بناءً على ما ورد، نُفذت الرحلة الرابعة في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، انطلاقاً من قاعدة حميميم الجوية العسكرية التي تخضع لسيطرة روسيا، وهو اليوم ذاته الذي دخلت فيه جماعات المعارضة المسلحة إلى دمشق، وفي التاريخ نفسه غادر الأسد القاعدة ذاتها فاراً إلى روسيا.
وذكرت وكالة رويترز أنها تحدثت إلى 14 مصدراً سورياً مطّلعاً على تفاصيل القصة، من بينهم موظفون في شركة طيران، وضباط مخابرات سابقون، وأفراد من الحرس الرئاسي، وعضو في شبكة الأعمال التابعة للأسد.
كما حللت الوكالة محادثات عبر تطبيق واتساب بين ياسر إبراهيم وشركائه، إلى جانب بيانات تتبّع الرحلات الجوية، وصور أقمار صناعية، وسجلات تجارية، وملفات ملكية الطائرات في ثلاث قارات.
ووفقاً لما ورد في التقرير، كانت الطائرة تحمل ما لا يقل عن 500 ألف دولار نقداً، ووثائقاً داخل حقائب سوداء خالية من أي شعارات أو بيانات تعريف، إضافة إلى أجهزة كمبيوتر محمولة وأقراص صلبة تحوي معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بـ”المجموعة” وهو الاسم الرمزي لشبكة الموالين للأسد وإبراهيم، الناشطين في مجالات البنوك والعقارات والطاقة وغيرها من الأنشطة.
الأيام الأخيرة للأسد في سوريا..التحقيق في مصير الأموال المهربة قبل انهيار نظام الأسد
قال مسؤول رفيع المستوى لوكالة رويترز إن الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، عازمة على استعادة الأموال العامة التي جرى تهريبها إلى خارج البلاد في الأيام الأخيرة للأسد في سوريا، وأوضح المسؤول أن الأموال تم تهريبها قبل سقوط النظام، لكنه لم يكشف عن تفاصيل الطريقة التي تم بها ذلك، مشيراً إلى أن التحقيقات ما تزال جارية لمعرفة مصير تلك الأموال.
لم تتمكن الوكالة من التحقق مما إذا كان الأسد قد أشرف شخصياً على عملية الهروب، إلا أن عدة مصادر مطّلعة على التفاصيل أكدت أنه من المستحيل أن تتم العملية دون موافقته المباشرة.
وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، بينما كانت إدارة العمليات العسكرية تواصل تقدمها نحو دمشق، اقتربت طائرة إمبراير ذات الـ 13 مقعداً من مطار دمشق الدولي، وفي تلك اللحظات تحرك أكثر من 10 عناصر من المخابرات الجوية السورية، يرتدون ملابس مموهة، لتأمين ساحة العرض، وقسم كبار الشخصيات في المطار، وطريق الوصول، وفقًا لثلاثة شهود كانوا هناك، اقتربت مجموعة من السيارات المدنية ذات النوافذ المصورة من المنطقة في ذلك الوقت، وبحسب مصدرين، كانت هذه السيارات تابعة للحرس الجمهوري المسؤول عن حماية الأسد والقصر الرئاسي، ويُعتقد أن وجود الحرس يشير إلى أن الأسد كان يعطي الأوامر خلال تلك اللحظات.
وقال اللواء غدير علي، رئيس أمن المطار، إن أفراد المخابرات الجوية سيتولون أمر الطائرة: “ستهبط الطائرة وسنتولى أمرها، لم تروا هذه الطائرة”.
الأيام الأخيرة للأسد في سوريا..هروب أقارب الأسد على متن أول طائرتين
أظهرت بيانات Flightradar 24 أن الطائرة C5-SKY كانت تتجه في كل مرة إلى مطار البطين الإداري في أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، والذي كان يستخدم بشكل حصري من قبل كبار الشخصيات وكان يتمتع بالسرية التامة.
في 6 كانون الأول/ديسمبر 2024، هبطت الطائرة أولاً في دمشق قبل أن تتوجه إلى البطين، وبعد الساعة العاشرة من نفس اليوم، عادت الطائرة إلى دمشق.
وقال أحد المصادر الخمسة في المطار إن الطائرة كانت تتوقف في كل مرة، حيث كانت المركبات تتجه نحوها، تبقى لبعض الوقت ثم تغادر قبل الإقلاع مباشرة.
وأفاد اللواء غدير علي أن المخابرات الجوية أبلغت موظفي القصر الرئاسي وأقارب الأسد، بما فيهم الشباب، بضرورة استقلال أول طائرتين تغادران دمشق في 6 كانون الأول/ديسمبر، ويزعم أن الطائرة حملت أيضاً مبالغ نقدية، بالإضافة إلى لوحات فنية وبعض المنحوتات الصغيرة التي كانت على متن الطائرة الأولى التي غادرت دمشق.
7 ديسمبر/كانون الأول 2024: عودة الطائرة إلى دمشق
وقبل إسدال الستار على الأيام الأخيرة للأسد في سوريا وانتهاء حكمه، عادت الطائرة إلى دمشق في 7 ديسمبر/كانون الأول، حيث وصلت إلى العاصمة السورية حوالي الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي، قبل أن تقلع إلى البطين للمرة الثالثة بعد ساعة، وفي هذه المرة حملت الطائرة أيضاً حقائباً تحتوي على نقود وأقراص صلبة وأجهزة إلكترونية تحتوي على معلومات عن شبكة أعمال الأسد.
وذكرت المصادر أن البيانات الموجودة على الأقراص الصلبة تضمنت سجلات مالية، مذكرات اجتماعات، هياكل ملكية الشركات والعقارات والشراكات، بالإضافة إلى التحويلات المالية والحسابات والشركات الخارجية.
ووفقًا للتقرير، اقتربت سيارات تابعة لسفارة الإمارات العربية المتحدة في دمشق من منطقة مطار كبار الشخصيات قبل إقلاع الطائرة هذه المرة، ويُزعم أن هذا يشير إلى أن الإمارات كانت على علم بالعملية أيضاً.
وصول الطائرة للمرة الأخيرة في 8 ديسمبر/كانون الأول
في 8 ديسمبر/كانون الأول الذي شهد على نهاية حكم الأسد، وصلت قوات إدارة العمليات العسكرية إلى دمشق، بينما فرّ الأسد بالتنسيق مع القوات الروسية باتجاه اللاذقية، بعد منتصف ليل اليوم نفسه، وغادرت طائرة C5-SKY البطين للمرة الأخيرة، وأطفأت الطائرة نظام تتبع الطيران الخاص بها أثناء مرورها فوق حمص حوالي الساعة 03:00 بالتوقيت المحلي، ثم عادت للظهور فوق حمص بعد ست ساعات، ووفقاً لموقع “فلايت رادار 24″، كانت الطائرة في طريق عودتها إلى أبوظبي بعد ذلك.
وفقاً لمسؤول استخباراتي سابق، هبطت الطائرة في قاعدة حميميم في اللاذقية، وأكدت صورة التقطتها الأقمار الصناعية من قبل شركة “بلانيت لابز” أن الطائرة كانت موجودة في القاعدة الساعة 09:11. كما أكدت رويترز أن الطائرة من طراز إمبراير C5-SKY، وهي الطائرة الخاصة الوحيدة التي قامت برحلات من وإلى سوريا في الفترة بين 6 و8 كانون الأول/ديسمبر.
ووفقاً لمسؤول في المخابرات الجوية، كان أحمد خليل خليل، المقرب من ياسر إبراهيم، كبير المستشارين الاقتصاديين للأسد على متن الطائرة.
وقد فرضت الدول الغربية عقوبات على أحمد خليل خليل، حيث كان الشخص المعني الذي قد وصل إلى القاعدة الروسية في سيارة مصفحة تابعة لسفارة الإمارات العربية المتحدة، وكان يحمل مبلغ 500 ألف دولار نقدًا، وقد سحب خليل الأموال من بنك سوريا الدولي الإسلامي قبل يومين من وصوله، وقال شخص مقرب من الأسد إن الأموال تعود إلى شركة “البرج للاستثمار”، التي يقع مقرها في دمشق، ولاحظت المصادر أن نصف الشركة مملوك لإبراهيم، ووفقاً لوكالة رويترز، وصل إبراهيم إلى أبوظبي في 11 ديسمبر/كانون الأول 2024.
الطائرة اللبنانية ودورها في عملية التهريب
في التفاصيل المثيرة حول الأيام الأخيرة للأسد في سوريا، يُزعم أن إبراهيم استأجر الطائرة من رجل الأعمال اللبناني محمد وهبي، وفي محادثات واتساب، وصف أحد الأشخاص المقربين من إبراهيم الطائرة بأنها “طائرة لبنانية”، ووفقًا لملفه الشخصي على موقع LinkedIn، فإن شركة “Flying Airline FZCO” المسجلة في منطقة حرة بدبي مملوكة لوهبي.
في أبريل/نيسان 2024، نشر وهبي صوراً للطائرة من طراز C5-SKY على موقع LinkedIn مع تعليق “مرحبًا بك”.
واعتباراً من أبريل/نيسان 2024، كانت الطائرة مسجلة في غامبيا تحت اسم شركة محلية تدعى “شركة الطيران الطائر”، وبحسب سجلات غامبيا، كان أسامة وهبي يمتلك 30% من أسهم الشركة، في حين كانت النسبة المتبقية 70% مملوكة لمواطنة عراقية تدعى صفا أحمد صالح، وتشير وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن لمحمد وهبي ابناً يدعى أسامة ويعمل في مجال الطيران، من جانبه، نفى محمد وهبي الذي تواصلت معه رويترز، أي علاقة له برحلات طائرة C5-SKY، مؤكداً أنه لم يكن مالكاً للطائرة بل استأجرها أحياناً، دون أن يذكر الجهة التي قام بالاستئجار منها.