بعد وقوع أسوأ كارثة في القرن الـ21 في السادس من فبراير/شباط 2023، واجهت تركيا مرة أخرى فاجعة الزلزال، ومنذ ذلك الوقت تتجه الأنظار إلى ما يُعرف بـ “زلزال إسطنبول المحتمل” الذي يُتوقع حدوثه في أي لحظة.
ووفقاً لمتابعة فريق كوزال نت، بينما تستمر جهود التجديد الحضري بسرعة، يُزعم أن الزلازل الكبيرة التي تؤثر على إسطنبول تحدث مرة كل 250 عامًا.
وقد كتب الكاتب في صحيفة “صباح” التركية إرهان أفيونجو أن آخر أربعة زلازل كبيرة أثرت على إسطنبول كانت في أزمان مختلفة. وأشار إلى أن الزلزال الذي وقع في عام 1894، أي قبل 129 عامًا من الآن، دمر سدس إسطنبول. وقدم معلومات حول الزلازل التي وقعت في تاريخ المدينة الكبيرة.
زلزال إسطنبول المحتمل مقارنة مع زلازل إسطنبول تاريخياً!
تستمر جهود التجديد الحضري في مواجهة زلزال إسطنبول المحتمل، ويُقال إن الزلازل الكبيرة التي تؤثر على إسطنبول تحدث بفواصل زمنية تصل إلى 250 عامًا.
ومع ذلك، فإن آخر أربعة زلازل كبيرة أثرت على إسطنبول حدثت في أزمان مختلفة.
وفي عام 1894، دٌمر سدس إسطنبول جراء الزلزال الذي وقع في ذلك الوقت. ومع ذلك، لا يُعتبر هذا الزلزال بوصفه زلزال إسطنبول من قبل الخبراء!
وفي السنوات الأخيرة، شهدت الأبحاث المتعلقة بالزلازل التي وقعت في إسطنبول خلال عصر الدولة العثمانية زيادةً في الأهمية.
إذ أن هناك أبحاث قد قُدِّمت بشأن زلازل إسطنبول من قبل الباحثين التاليين: مصطفى جيزار، كيفورك باموكتشيان، كارولين فينكل – نيكولاس أمبراسيس، إرهان أفيونجو – زيكاي ميتي، دنيز مازلوم، أورهان ساكين، رجب كاراجاكايا، محمد يلدز، بولنت تيريكلي، فاطمة أوركلي، فريها أوزتين، وسيما كوتشوك على أوغلو أوزكيليتش.
خسائر زلزال إسطنبول حسب التسلسل التاريخي:
القيامة الصغرى!
16 يناير/كانون الثاني 1489: حدث أول زلزال في إسطنبول بعد فتح الأتراك لها في عام 1489.
وتشير السجلات التاريخية إلى أن بعض المباني والمآذن قد انهارت خلال هذا الزلزال. ولكن نظرًا لأن المؤرخين لم يكرسوا اهتمامًا كبيرًا لهذا الحدث، يُعتقد أنه لم يكن زلزالًا قويًا جدًا.
10 سبتمبر/أيلول 1509: في الساعة الرابعة فجرًا، اهتزت إسطنبول بزلزال كبير. كان هذا الزلزال هو الأكبر منذ الزلزال الذي وقع في عام 1296.
وقد أثر الزلزال على امتداد المدينة ومن بولو شمال أنقرة إلى أدرنة غرب إسطنبول.
ووفقًا للمصادر المحلية والأجنبية في ذلك الوقت، قتل نحو 5 آلاف إلى 13 ألف شخص، وأصيب أكثر من 10 آلاف آخرين.
وقد تسببت الزلزال في وفاة الكثير من الأشخاص بسبب حدوثه في الليل. وكانت الأضرار الأكبر في الجوامع، إذ انهار 109 مسجدًا تقريبًا وتضررت مآذن معظمها.
وقد تعرضت الأسوار القديمة لإسطنبول لأضرار كبيرة وتضرر49 برجًا من أصل 109 برجًا. كما دُمر 1070 منزلًا وأصيبت العديد من المنازل الأخرى بأضرار كبيرة أو انهارت جزئياً.
وقد كانت هناك أضرار كبيرة في مساجد الفاتح وبايزيد بالفعل، حيث تضررت قبب وأعمدة المسجدين.
بالإضافة إلى ذلك، تضررت بعض أجزاء المدارس والمستشفيات التي كانت بجوار هذين المسجدين.
وبعد الفتح، انهارت المئذنة التي بُنيت في آيا صوفيا وسقف المسجد، وحتى الجص الذي استخدم لتغطية الفسيفساء التي كانت تزين جدران المسجد قد انكسر.
كما تعرضت القلاع في اسطنبول أيضًا لأضرار من الزلزال، بما في ذلك قلعة روملي حصار، قلعة الأناضول، قلعة يوروس في أناضول هيساري، وبرج العذراء.
و كان الزلزال مدمرًا لدرجة أنه يُطلق عليه من قبل المؤرخين “القيامة الصغرى” أو “القيامة الصغيرة”.
10 مايو/أيار 1556: وقع زلزال إسطنبول في حينه، في ساعات متأخرة من الليل وتسبب في أضرار كبيرة في جامع الفاتح.
بالإضافة إلى ذلك، تعرض جامع آيا صوفيا وأجزاء من الأسوار إلى التلف.
وقد تضررت بعض المنازل وسقطت الأفران، فيما كانت مرتفعات آيدنجيك واحدة من المناطق الأكثر تضررًا من الزلزال. وقد شعر سكان بورصة وأسبارطة بالزلزال أيضًا، حيث ألحق أضرارًا ببعض المساجد في بورصة.
21 يونيو/حزيران 1648: وقع زلزال إسطنبول في حينه في ساعات متأخرة من الليل وأسفر عن انهيار أسقف وجدران بعض المنازل. وقد فُسر ضعف السجلات التاريخية التي تشير إلى أضرار قليلة في إسطنبول على أن مركز الزلزال كان بعيدًا عن إسطنبول.
11 يوليو/تموز 1690: وقع الزلزال في ساعات المساء ولم يكن شديدًا للغاية، لذلك لم تحدث أضرار كبيرة.
وقد انهارت مئذنة إحدى المساجد في منطقة بيوك تشيكمجيه، وبعض أجزاء من جدران المدينة وبعض المنازل.
25 مايو/أيار 1719: وقع زلزال إسطنبول حينها خلال صلاة الفجر وكان قويًا جدًا.
وقد تسبب الزلزال بأضرار كبيرة في إزميت، سابانجا، أورهان غازي، كارامورسيل، ويالوفا بشكل خاص.
كما أثر الزلزال أيضًا على مدن أخرى مثل بورصة ودوزجه.
وتشير مصادر العصور الوسطى إلى أن معظم مناطق مدينة إزميت قد دمرت تقريبًا بالكامل وأن حوالي 4 آلاف شخص قتلوا.
ونظرًا لأن الزلزال وقع أثناء صلاة الفجر، كان الأشخاص الذين ذهبوا إلى المساجد عالقين تحت الأنقاض بعد انهيار المساجد، كما غرقت العديد من المباني أيضًا في البحر.
وقد أثر الزلزال أيضًا على إسطنبول وعلى الرغم من أنه لم يكن مثل إزميت، فإن بعض الأضرار حدثت في بعض القصور وسقطت أجزاء من 40 مسجدًا و27 برجًا وأجزاء كبيرة من السور.
29 يوليو/تموز 1752: وقع الزلزال مساءً بعد وقت الإفطار وأثر على المنطقة من إسطنبول إلى بلغاريا.
وقد تسبب الزلزال في أضرار كبيرة في أدرنة والمناطق المحيطة بها، بينما لم تتعرض اسطنبول لأضرار كبيرة سوى بعض المنازل التي انهارت.
2 سبتمبر/أيلول 1754: وقع زلزال إسطنبول في ساعات متأخرة من الليل وأسفر عن انهيار الأسوار والأبراج.
وقد انهارت بعض أبراج حصن يديكولي “Yedikule”، كما انهارت قبب جوامع الفاتح وبايزيد، وسقطت مآذن بعض المساجد.
وقد تضررت العديد من المعالم الشهيرة مثل قصر توبكابي، برج غلاتا، وآيا صوفيا، وانهارت بعض النزل الخاص بالمسافرين.
وذكر مؤرخو العصور الوسطى أن عدد القتلى كان حوالي 50-60 شخصًا.
وكان مركز تأثير الزلزال الرئيسي في إزميت ومحيطها، وقد تأثرت أيضًا بورصة وإزنيك وكارادنيز إريغليسي بالزلزال.
زلزال إسطنبول أسفر عن تدمير الجدران!
22 مايو/أيار 1766: في يوم الخميس، 22 مايو، وبعد نصف ساعة من شروق الشمس، ضرب إسطنبول زلزالُ في ثالث أيام عيد الأضحى.
وقد سُمعت أصوات رهيبة خلال الزلزال، وتلاه ارتداد زلزالي استمر لمدة نصف دقيقة تقريباً. ثم تبعه زلزال آخر بشدة أقل، وكانت هناك هزات ارتدادية استمرت لمدة حوالي ثمانية أشهر بعد هذا الزلزال.
وقد سُجلت أضرار كبيرة في المباني في اسطنبول، خصوصًا في مناطق يديكوله وأدرنة كابي، حيث انهارت العديد من المباني، كما انهارت قبة جامع الفاتح، والمستشفيات والمدارس التي بجواره.
كما تضرر 173 مسجدًا وحمامًا، كما أن القصر العثماني والقصر القديم كانا من بين المباني التي تعرضت للأضرار.
وتقول المصادر التاريخية إن حوالي 4-5 ألف شخص قضوا في هذا الزلزال.
كما تأثرت جدران المدينة بالزلزال وتهدمت في بعض المناطق، مما أدى إلى تلف المنازل والمحلات والمطاحن القريبة منها، وتضررت العديد من النزل أيضًا.
وقد تضرر البازار الكبير وسوق الأسرى وسوق النساجين، وحدثت انهيارات في القبوهات الخاصة بها.
وانهارت إحدى دعامات مستودع بطن السمك، وتضررت شبكات المياه في مناطق عديدة في المدينة.
الزلزال كان له تأثير كبير أيضًا في منطقة البحر الأبيض المتوسط “غرب تركيا”، ومن إزميت إلى تكيرداغ وجنوب بحر مرمرة. تأثرت مدن مثل تشورلو ولولي بورغاز بالزلزال.
وأثر الزلزال أيضًا على مناطق شرق إسطنبول وأثر بشكل أقل على هضبة إزميت، حيث دمر العديد من القرى والبلدات، وكان هناك أضرار طفيفة في مناطق ما وراء ولاية تكيرداغ.
5 أغسطس/آب 1766: بعد ثلاثة أشهر من الزلزال الذي ضرب إسطنبول، وقع زلزال ثاني أثر أيضًا على إسطنبول.
منطقة الزلزال الرئيسية كانت في منطقة تكيرداغ-غازيكوي-جيليبولو.
وقد تضررت تشاناكالي، وجزيرة بوزجادا، وليسبوس بشكل كبير من الزلزال.
وعلى إثر زلزال إسطنبول، انهارت بعض الأسواق والخانات، وحدثت وفيات وإصابات في منطقة كوجا مصطفى باشا، وقد أثر الزلزال أيضًا على بورصة وإزميت ويالوفا وكارامورسيل.
27 أكتوبر/تشرين الأول 1802: في زلزال أثر بشكل ضئيل على إسطنبول، انهارت بعض الأقواس والمنازل القديمة في السوق الكبير المسقوف.
28 فبراير/شباط 1855: وقع زلزال إسطنبول هذه المرة في الصباح الباكر حوالي الساعة 09:15، وقد دمر الزلزال بورصة.
وكان تأثيره في اسطنبول ضئيلاً، إذ انهارت بعض الجدران وانهارت قبة كنيسة داوود باشا في مكان الصلاة الأخيرة.
كما كانت هناك أضرار طفيفة في بعض المباني في أماكن مثل فاتح، وبايزيد، وساراتش هانه، وساماتيا، ويني باهتشه، وغلاتا، وأونكاباني.
الزلزال الكبير الأخير في إسطنبول!
زلزال إسطنبول في 10 يوليو/تموز 1894 أو باسمه الآخر(زلزال 1310):
اهتزت اسطنبول بزلزال عنيف عند الساعة 12:19 ظهرًا بينما كان يُؤذن للصلاة.
وقد استمر الزلزال لمدة 18 ثانية وتأثرت المنطقة بثلاث موجات ارتدادية متتالية.
وأثر الزلزال على مناطق مثل أدابازاري “سكاريا”، وإزميت، وجيبزي، وكاراتال، والجزر “جزر الأميرات”، وأوسكودار، وإسطنبول، وبيوك تشيكميجي، وكوتشوك تشيكميجي، وتشاتالجا، وجزء من بحر مرمرة، وبوزبورون، ويالوفا، وكارامورسيل، وسابانجا.
وقد لقي 161 شخصًا حتفهم وأصيب 378 آخرون في الزلزال. وقد كان حدوث الزلزال في وقت النهار وبمدة قصيرة نسبيًا، سبباً في تقليل عدد الوفيات.
وقد تضرر واحداً من كل ستة منازل في اسطنبول نتيجة للزلزال.
وبلغ إجمالي الهياكل المدنية التي تعرضت للأذى في زلزال إسطنبول، 20 ألفاً و959 مبنى، منها 20 ألف و300 هيكل في إسطنبول.
كما أن 10 آلاف و171 منها تعرضت لأضرار جسيمة.
وقد شهدت مناطق جراح باشا انهياراً أو تلفا كبيرا لـ4 آلاف و926 من المباني التي تعرضت للزلزال.
ومن بين الهياكل الـ 20 ألفاً و300 التي تضررت في إسطنبول، كان هناك 12 ألف و762 هيكلاً في منطقة سوريتشي (منطقة فاتح الحالية).
أخيراً، فإن الهياكل المدنية التي تعرضت للأذى في الزلزال بلغت 22 ألف و500 منزل، بما في ذلك المباني الحكومية والأوقاف.
وقد تسبب زلزال إسطنبول الكبير الأخير، في تضرر 472 مسجدًا ومصلى، و97 ديرًا وزاوية وصوفية، و37 كنيسة ودير وكنيس، و54 ضريحًا، و139 مدرسة دينية، و17 مكتباً لحساب أوقات الصلاة، و144 مدرسة عامة، و101 مركز شرطة وحاجز للشرطة ومركز للدرك ومكتب للأمن البلدي، و34 موقعاً عسكرياً، و47 مبنى حكومي، و20 مطبخًا خيريًا، و12 مستشفى، و22 نافورة وبركة ومشرب، و14 مكتبة، و21 حمامًا عامًا، و4 مبانٍ سفارة، و171 محلاً تجاريًا، و65 نُزلاً، و22 مخبزًا، و15 مصنعًا، و10 فندقًا.
وفي المناطق الأخرى، كانت الأضرار أقل من إسطنبول، ففي إقليم إزميت (اسطنبول، أدابازاري، كارامورسيل، جيفيه، كاندرا)، كان هناك 600 مبنى بأضرار من الدرجة ثانية، في حين كان هناك 49 مبنى قد دمروا في بورصة.
9 أغسطس/آب 1912: كان أخر زلزال كبير تأثرت به إسطنبول خلال العصور العثمانية، وقد وقع في شاركوي-مورفتي.
وقد وقع زلزال إسطنبول هذا في الليل في تمام الساعة 01:19 وبلغت قوته 7.3 درجة.
وقد استمر لمدة حوالي 50 ثانية وحدثت 288 هزة ارتدادية حتى 4 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام.
وقد أسفر الزلزال عن وفاة 707 شخص في مورفتي، 183 في شاركوي، 33 في بولو، 3 في تشناق قلعة، 1 في ليمني، 1 في إرديك، و 110 في تكيرداغ.
وفقًا للأطباء الذين زاروا المنطقة لاحقًا، بلغت الخسائر الإجمالية 1115 شخصًا، فيما دُمرت 83٪ من المنازل في شاركوي-مورفتي. أما بولو فقد دُمر فيها 2890 من أصل 6699 منزل.
الزلزال الذي تسبب في أضرار كبيرة في جنوب محافظة أدرنة أيضًا، تسبب في سقوط بعض أفران المنازل في إسطنبول، وتصدع الجدران، وسقوط أعمدة الهاتف.
وقد انهارت بعض المتاجر ومصانع الجلود في مناطق إديرنيكابي وساراتشهانه ويديكولي.
وقد تعرضت بعض المباني والجسور في تشاتالجا وبيوك تشيكميجي لأضرار، كما تعرض برج بايازيت والمدرسة القرآنية التابعة لمسجد الفاتح لأضرار أيضًا، وحدثت تشققات في بعض المباني الحكومية أيضًا.
يجب دراسة زلزال 1894 مرة أخرى!
وبشكل متكرر، يُتداول محلياً في تركيا بأن الزلازل الكبيرة التي أثرت على إسطنبول تحدث كل 250 عامًا.
ومع ذلك، كانت أربع زلازل كبيرة ضربت اسطنبول ودمرتها في أعوام (1296، 1509، 1766، و 1894)، وفي فترات زمنية مختلفة جدًا تراوحت بين (213، 257، 128 سنة).
إذ يجب إعادة مناقشة ما إذا كان من الصحيح تحديد فترة زمنية لوقوع زلزال إسطنبول.
وقد كان الزلزال الأخير الذي ضرب إسطنبول والذي وقع قبل 129 عامًا ولكنه لم يُعترف به من قبل الخبراء بصيغة زلزال إسطنبول، إذ أن زلزال إسطنبول عام 1894، قد دمر سدس مساحة اسطنبول.
وفي حين أنه في زلزال عام 1766، تضرر 173 مسجدًا فقط، إلا أن زلزال إسطنبول 1894 شهد تضرر 472 مسجدًا، بالإضافة إلى ذلك، كان تأثير هذا الزلزال في إزميت غير كبير على الإطلاق.
ويختتم كاتب جريدة صباح بأنه يجب إعادة دراسة زلزال إسطنبول 1894 مرة أخرى والبحث في مسألة عدم تصنيفه على أنه زلزال إسطنبول، خاصة وأنه سبب أضرارًا هائلة في اسطنبول في عام 1894 بينما كانت الأضرار أقل في إزميت (بالإضافة إلى أن المباني هناك كانت تعاني من أضرار من الدرجة الثانية).
إعداد وتحرير وترجمة: عبد الجواد أمين حميد