قرر الاتحاد الأوروبي رفع جميع العقوبات الأوروبية على سوريا.
ووفقاً لما نقله وترجمه فريق تحرير منصة كوزال نت عن موقع “BBC Türkçe” جاء قرار رفع العقوبات الأوروبية على سوريا نتيجة عدم تحقيق التخفيف الجزئي للعقوبات الأثر المرجو منه، ضمن نهج “خطوة مقابل خطوة” الذي تبناه الاتحاد الأوروبي في تعاطيه مع الملف السوري حتى الآن.
وفي أعقاب اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، صرّحت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، قائلة: “نرغب في مساعدة الشعب السوري على إعادة بناء سوريا جديدة، شاملة وسلمية. لقد كان الاتحاد الأوروبي، على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية، إلى جانب السوريين، وسيواصل دعمه لهم.”
من جانبه، أشار وزير الخارجية السوري، أسد حسن الشيباني، إلى أن القرار من شأنه أن يدعم أمن واستقرار بلاده.
وتُعقد آمال على أن يسهم رفع العقوبات الأوروبية على سوريا، التي فُرضت خلال حكم بشار الأسد، في تسريع عملية تعافي البلاد.
ومع هذا القرار، تُطرح تحليلات تفيد بأن وتيرة الاستثمارات في سوريا ستتسارع.
ويُعد رفع التجميد عن أصول البنك المركزي السوري وإعادة دمج النظام المصرفي السوري في الأوساط المالية الدولية من أبرز عناصر قرار الاتحاد الأوروبي.
تذكير بأفغانستان
وظلّ موضوع رفع العقوبات الأوروبية على سوريا محلّ نقاش واسع منذ فترة طويلة. وكان أداء الإدارة السورية الجديدة في تلبية توقعات الاتحاد الأوروبي مثار جدل دائم بين الدول الأعضاء، في ظل تفاوت وجهات النظر حول مدى جدارة النظام الحالي بالتعامل الإيجابي.
ورغم تنفيذ بعض خطوات التخفيف الجزئي للعقوبات، فإن النتائج المتحققة لم تكن كافية، مما جعل اتخاذ خطوة أكثر شمولاً أمراً لا مفر منه.
وفي تصريح لها قبيل بدء الاجتماع، قالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس:
“أعتقد أنه ليس لدينا خيار آخر، إما أن نتيح لهم فرصة تحقيق الاستقرار في البلاد، أو نمتنع عن ذلك ونواجه وضعاً مشابهاً لما حدث في أفغانستان.”
وقد عكست هذه التصريحات إلى حدّ بعيد وجهة نظر غالبية دول الاتحاد الأوروبي.
وخلال الاجتماع، دار نقاش مكثف حول ما إذا كانت الأوضاع كافية لرفع العقوبات الأوروبية على سوريا، وهو ما تجلى في تصريح كالاس:
“هل الأمور مثالية هناك؟ لا، هذا واضح جداً. لكن علينا أن نعطي الشعب السوري فرصة.”
هل تأثر الاتحاد الأوروبي بالولايات المتحدة؟
التحول من تخفيف العقوبات الأوروبية على سوريا إلى رفعها بالكامل حدث بوتيرة غير معتادة من السرعة في أروقة الاتحاد الأوروبي، وهو ما أثار تساؤلات حول الخلفيات.
وجاء القرار الأوروبي بعد فترة وجيزة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عزمه رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
وخلال انعقاد الاجتماع الأوروبي، حذر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، من أن النظام السوري قد يواجه خلال أسابيع “انهياراً محتملاً، أو حرباً أهلية شاملة، أو حتى تفككاً للدولة.”
مع ذلك، ينفي مسؤولو الاتحاد الأوروبي وجود أي ارتباط بين قرارهم والسياسات الأمريكية أو تصريحات المسؤولين الأمريكيين.
الاتحاد الأوروبي لا يمنح شيكاً على بياض
أكد الاتحاد الأوروبي أن قراره قابل للتراجع ومرتبط بشروط واضحة، وبالتالي فهو لا يقدّم شيكاً على بياض للنظام السوري.
وعلى الرغم من أن العقوبات الاقتصادية ستُرفع، فإن بروكسل شددت على أنها ستواصل مراقبة الوضع عن كثب، وتتابع باهتمام تحركات الإدارة السورية الجديدة.
وجاء في البيان الكتابي الصادر بعد الاجتماع:
“سيواصل الاتحاد الأوروبي متابعة التطورات الميدانية، بما في ذلك التقدم المحرز في مسألة المساءلة عن أعمال العنف الأخيرة، وتأثيرات هذا القرار.”
كما أعلن الاتحاد أنه سيواصل اتصالاته مع الحكومة الانتقالية بهدف اتخاذ خطوات تلبي تطلعات جميع السوريين دون تمييز، وتحافظ على حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
العقوبات الأوروبية على سوريا على طاولة الاجتماعات المقبلة
من المؤكد أن ملف العقوبات على سوريا سيظل بنداً محورياً في الاجتماعات القادمة للاتحاد الأوروبي، خاصة في ضوء التحولات السياسية والأمنية المتسارعة في البلاد.
استمرار بعض العقوبات
رغم الانفتاح الاقتصادي اللافت الذي أبداه الاتحاد الأوروبي، فإن هذا التوجه لا يشمل جميع أنواع العقوبات الأوروبية على سوريا.
فالعقوبات المفروضة على بشار الأسد والمقربين منه، وكذلك على من دعموا النظام السابق، ستبقى سارية.
كما ستستمر العقوبات الأمنية التي تشمل حظراً على الأسلحة والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها في قمع الداخل.
وأكد الاتحاد الأوروبي عزمه على مواصلة فرض تدابير تقييدية إضافية موجّهة، تستهدف الأفراد والكيانات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان وزعزعة الاستقرار داخل سوريا.
السياق العام للعقوبات الأوروبية على سوريا
ومنذ اندلاع الثورة الشعبية ضد النظام في سوريا عام 2011، فرض الاتحاد الأوروبي حزمة من العقوبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية على النظام السوري.
ومع بدء التغيرات في بنية السلطة، خفف الاتحاد تدريجياً بعض العقوبات في قطاعات الطاقة والطيران والتمويل.
وقد حرصت بروكسل على تصميم العقوبات بطريقة لا تعيق إيصال المساعدات الإنسانية إلى أي منطقة داخل سوريا.
وخلال الفترة الممتدة منذ 2011، حرّك الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء ما يزيد عن 37 مليار يورو لصالح الشعب السوري.
وفي مارس الماضي، تعهدت دول الاتحاد مع شركائها الدوليين بتقديم مساعدات لسوريا بقيمة 5.8 مليار يورو.
إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد