هاكان فيدان: نرغب في رؤية إدارة شاملة في سوريا

أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال كلمته في مؤتمر ميونيخ للأمن في دورته الـ61، أن هناك إجماعًا بين دول المنطقة بشأن الأزمة السورية، مشددًا على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها السياسية، ومؤكدًا رغبة تركيا في رؤية إدارة شاملة في سوريا تمثل جميع الأطياف.

ووفقاً لما نقله وترجمه فريق تحرير منصة كوزال نت نقلاً عن موقع صحيفة “gazeteoksijen” التركية، أشار فيدان إلى أن دول المنطقة متفقة على ضرورة إنهاء التهديدات التي تستهدف الدول المجاورة، ومنع الإرهاب من إيجاد موطئ قدم له، والتصدي لأي ممارسات تمييزية أو انتهاكات بحق الأقليات.
وأضاف: “نسعى لضمان استقرار الأوضاع وإرساء إدارة شاملة في سوريا بجميع مكوناتها، بما يحقق الأمن والازدهار للمنطقة بأسرها”.

جاءت تصريحات فيدان خلال مشاركته في ندوة “فجر جديد لدمشق: آفاق المرحلة الانتقالية في سوريا”، ضمن فعاليات مؤتمر ميونيخ للأمن (MSC 2025)، حيث كشف عن أن الحكومات الإقليمية اجتمعت عقب سقوط نظام الأسد لمناقشة مستقبل سوريا والتحديات التي تواجهها القيادة الجديدة في دمشق. وأكد فيدان أن هذه التطورات توفر فرصة تاريخية لحل المشكلات العالقة في سوريا بعد أكثر من عقد من الاضطرابات وعدم الاستقرار.

فيدان: دول المنطقة متفقة بشأن سوريا ونرغب في رؤية إدارة شاملة في سوريا

وأكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، على وجود إجماع بين دول المنطقة حول المبادئ الأساسية المتعلقة بسوريا، موضحًا أن هذه المبادئ تشمل عدم السماح بوجود أي تهديد للدول المجاورة، ومنع انتشار الإرهاب وترسيخه، وضمان عدم تعرض الأقليات لأي معاملة سيئة، إضافة إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها السياسية، والسعي نحو إقامة إدارة شاملة في سوريا تضم جميع مكونات المجتمع السوري.

وأشار فيدان إلى أن الإدارة الجديدة في سوريا تتجاوب بشكل إيجابي مع تطلعات المجتمع الدولي والإقليمي، لافتًا إلى أنه لم يتلقَ شكاوى كبيرة من نظرائه والمسؤولين الدوليين حول أداء القيادة السورية الجديدة، مؤكدًا في الوقت ذاته أن التحديات التي تواجه سوريا لا تزال قائمة، إلا أن هناك وعيًا دوليًا وإقليميًا بضرورة العمل على تجاوزها.

“يجب أن يكون لكل دولة قوة مسلحة قانونية واحدة فقط”

شدد هاكان فيدان على أن إحدى القضايا الأكثر أهمية في تحقيق الاستقرار في سوريا هي توحيد الفصائل المسلحة، مشيرًا إلى أن الإدارة الجديدة في سوريا تتعامل مع هذا الملف بشكل شامل.

وأشاد فيدان بالخطوات التي تتخذها الحكومة السورية في هذا الصدد، قائلًا: “وفقًا لمفهومنا، فإنهم يتخذون حاليًا الخطوات الصحيحة نحو توحيد الفصائل المسلحة، لأننا نؤمن بأن أي دولة يجب أن تكون لديها قوة مسلحة قانونية واحدة فقط”.

وأكد فيدان أن السماح بوجود أي فصيل مسلح خارج إطار الدولة أمر غير مقبول، موضحًا أن التجارب السابقة أثبتت أن ذلك يجلب الفوضى وعدم الاستقرار للمنطقة. وأضاف أن إعادة تنظيم القوات المسلحة تحت قيادة جيش وطني موحد يعد شرطًا أساسيًا لضمان الأمن والاستقرار في البلاد.

“نعيد حساب كل خطوة نتخذها في سوريا”

أشار فيدان إلى أن العملية في سوريا لا تزال مستمرة، قائلًا: “بطبيعة الحال، نقوم بإعادة تقييم كل خطوة نتخذها في سوريا. في الوقت الحالي، تركيزنا الأساسي ينصب على كيفية المساعدة في إعادة الإعمار، واستعادة الاقتصاد إلى سابق عهده، ثم إعادة بناء مؤسسات الدولة ضمن رؤية إدارة شاملة في سوريا”.

وذكّر فيدان بأن التدخل العسكري تم لحماية السكان الذين كانوا يعيشون تحت سيطرة المعارضة، مضيفًا: “في ذلك الوقت، كنا نتحدث عن حوالي 5 ملايين شخص. كان هذا نتيجة لمسار أستانا. وأعتقد أن كل أولئك الذين سعينا لحمايتهم، بفضل الله، يشاركون الآن في إدارة البلاد. ونأمل أن يكون مستقبلهم مشرقًا”.

 

“ليست مشكلة لنا فقط، بل للمنطقة بأكملها”

أكد هاكان فيدان أن تركيا تتوقع من سوريا أن تكون إلى جانبها في محاربة التنظيمات الإرهابية، مشيرًا إلى أن حزب العمال الكردستاني (PKK) ووحدات حماية الشعب (YPG) يشكلان تهديدًا كبيرًا لسوريا والمنطقة بأسرها، تمامًا كما هو حال تنظيم داعش.

وأوضح فيدان أن الإرهابيين الدوليين القادمين من تركيا والعراق وإيران يتجمعون حاليًا في شمال سوريا، حيث يتلقون الدعم والتمويل، بينما يختبئون خلف ذريعة محاربة داعش.

وتطرق فيدان إلى دور الجيش الأمريكي في المنطقة، قائلًا: “الولايات المتحدة تقدم خدمات أشبه بإدارة السجون هناك، لأن لا مكان آخر يُحتجز فيه سجناء داعش. لذلك، تم اختيار هذه المنطقة كسجن فعلي. لكن لا يمكن السماح لهؤلاء بالسيطرة على ثلث البلاد، والاستيلاء على حقول النفط والغاز، ونهب الموارد، في حين تحرم الحكومة المركزية وملايين السوريين من الاستفادة من هذه الثروات. يجب وضع حد لهذا الوضع فورًا، لأنه لا يشكل تهديدًا لأمننا القومي فحسب، بل يمثل مشكلة خطيرة للمنطقة بأكملها”.

وأشار فيدان إلى أن هذه القضية نوقشت سابقًا مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موضحًا: “في الواقع، أجرينا محادثات مفصلة مع الإدارة السابقة في أواخر فترة ولايتها. أما الآن، فإن إدارة ترامب بدأت تتشكل حديثًا. لقد عقدت بالأمس أول لقاء مباشر لي مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وزملائي يواصلون محادثاتهم مع نظرائهم. نأمل أن نتوصل إلى اتفاق”.

 

“علينا ترسيخ ثقافة الالتزام بسيادة بعضنا البعض”

وشدد فيدان على أن الدعم الذي قدمته تركيا على مدار 14 عامًا في المنطقة لا يعني أنها تسعى للهيمنة على السيادة السورية، قائلًا: “هذا تحديدًا ما نتجنب حدوثه، بل إننا لا نريد حتى أن نعطي هذا الانطباع”.

وأضاف فيدان أن المشكلة الحقيقية التي تعاني منها المنطقة منذ زمن طويل هي ثقافة السيطرة والهيمنة، موضحًا: “لطالما راودت شعوب منطقتنا مخاوف وتساؤلات حول من ستكون له الهيمنة؟ هل ستكون تركيا؟ إيران؟ أم الدول العربية؟ أعتقد أننا بحاجة إلى تجاوز هذه الذهنية. يجب علينا تأسيس ثقافة التعاون والاحترام والتضامن والالتزام بسيادة بعضنا البعض. أرى أن هذا الهدف بات قريبًا جدًا، ونحن قادرون على تحقيقه. لقد تعلمنا دروسًا مهمة مما شهدته منطقتنا، وهذا ما يوجه سياستنا اليوم”.

وأكد فيدان في ختام حديثه أنه متفائل بمستقبل لا سيما إذا جرى وفق رؤية إدارة شاملة في سوريا، معربًا عن أمله في أن تشهد البلاد مرحلة من الاستقرار والنمو المستدام.

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

إدارة شاملة في سورياإعادة إعمار سورياإعمار سورياتركياتركيا ترغب برؤية إدارة شاملة في سورياتشكيل إدارة شاملة في سورياتطلعات تركيا من سوريارؤية إدارة شاملة في سورياسورياسوريا وتركيامؤتمر ميونيخ للأمنندوة "فجر جديد لدمشق: آفاق المرحلة الانتقالية في سوريا"هاكان فيدانوزير الخارجية التركيوزير الخارجية التركي فيدانوزير الخارجية التركي هاكان فيدانوزير الخارجية التركيةوزير الخارجية التركية فيدانوزير الخارجية التركية هاكان فيدان