أحمد الشرع في أنقرة: “تركيا ستقدم الدعم اللازم لسوريا”!

التقى أمس الرئيس السوري أحمد الشرع في أنقرة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد توجيه الأخيرة له دعوة رسمية لزيارة البلاد.

ووفقاً لما نقله وترجمه فريق تحرير منصة كوزال نت عن موقع “BBC Türkçe“، خلال مؤتمر صحفي مشترك عقب لقائهما، أكد أردوغان أن سياسة تركيا تجاه سوريا تقوم على “الحفاظ على وحدة أراضيها وسيادتها”، مشيرًا إلى مناقشة “الخطوات المشتركة الممكنة لتحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادي” في البلاد.


أردوغان: سعيد برؤية الرئيس أحمد الشرع في أنقرة والتوافق الكامل معه في وجهات النظر

وأضاف أردوغان: “سررت برؤية أحمد الشرع في أنقرة لا سيما بعد التوافق الكامل في وجهات النظر بيننا بشأن مختلف القضايا”. كما تناولت المباحثات مسألة وجود قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق سوريا.

وفي هذا السياق، شدد الرئيس التركي على أن بلاده مستعدة لتقديم الدعم اللازم لسوريا في “مكافحة جميع أشكال الإرهاب، سواء كان تنظيم داعش أو حزب العمال الكردستاني”، معبرًا عن تقديره “للنهج الحازم الذي يتبناه أحمد الشرع في مواجهة الإرهاب”.

وأكد أردوغان أن تركيا جاهزة لتقديم الدعم لسوريا في جهود إعادة الإعمار إلى جانب المساعدات الإنسانية، لافتًا إلى أن تحسين الظروف الاقتصادية سيسهم في تشجيع عودة اللاجئين السوريين طوعًا.

من جانبه، أعرب أحمد الشرع عن رغبته في تعزيز العلاقات مع تركيا وتحويلها إلى “شراكة استراتيجية عميقة”، مشددًا على أهمية التعاون في المجالات الإنسانية والاقتصادية والثقافية، إلى جانب التنسيق الأمني لمواجهة التهديدات المشتركة.

كما دعا أحمد الشرع في أنقرة إلى ممارسة ضغط دولي على إسرائيل، مطالبًا بعودتها إلى حدود عام 1967. وتأتي هذه الدعوة في ظل التطورات الأخيرة التي شهدت دخول قوات إسرائيلية إلى المنطقة منزوعة السلاح في مرتفعات الجولان ومواقع أخرى داخل سوريا، عقب سيطرة المعارضة السورية على الحكم في البلاد.

محطة الرئيس السوري أحمد الشرع في أنقرة الثانية بعد الرياض!

يُذكر أن الشرع، الذي أُعلن رئيسًا مؤقتًا لسوريا في 29 يناير/كانون الثاني2025 ، لم يُعامل وفق البروتوكولات الرسمية لرؤساء الدول خلال زيارته. وقد وفرت تركيا طائرة خاصة لنقله إلى أنقرة، في خطوة تعكس أهمية هذه الزيارة.

وتُعتبر تركيا ثاني محطة دولية للشرع بعد زيارته للسعودية، وهو ما فُسر على أنه إشارة واضحة إلى أهمية العلاقات بين أنقرة والإدارة الجديدة في دمشق.

وكان من المتوقع أن تتناول المحادثات بين الجانبين مستقبل المرحلة السياسية في سوريا، والتعاون الأمني، ومساعي تحقيق الاستقرار في البلاد.

وفي هذا السياق، صرّح رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، بأن لقاء أحمد الشرع في أنقرة بالرئيس التركي يهدف إلى بحث خطوات مشتركة لتعزيز التعافي الاقتصادي والاستقرار في سوريا، معربًا عن ثقته في أن هذه الزيارة ستساهم في “تعزيز العلاقات التركية السورية وإعطائها بعدًا جديدًا”.

قام بأول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية

أحمد الشرع، الذي قاد الهجوم الذي شنته المجموعات المعارضة السورية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، والذي أسفر عن هروب بشار الأسد من سوريا في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، قام بأول زيارة رسمية له إلى الخارج في 2 فبراير/شباط 2025 إلى المملكة العربية السعودية.

يُعتبر اختيار الشرع تركيا كوجهته الثانية بعد السعودية خطوة ذات أهمية رمزية وتاريخية، حيث تسلط الأضواء على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين.

تركيا تعد من أبرز الدول التي قدمت الدعم للمجموعات المعارضة خلال الحرب الداخلية السورية التي اندلعت عقب الانتفاضة الشعبية في 2011، وهي واحدة من الدول التي دعمت الانتفاضة ضد نظام الأسد.

بعد سقوط نظام الأسد، قام وزير الخارجية التركي هاقان فيدان ورئيس وكالة الاستخبارات التركية (MIT) إبراهيم كالين بزيارة العاصمة دمشق، حيث ناقشوا الخطوات التي يمكن أن تتخذها تركيا في مرحلة الانتقال السياسي، والأماكن التي يمكن تقديم الدعم فيها خلال هذه المرحلة.

دعم الخبراء من أنقرة

في المباحثات التي جرت  خلال تواجد أحمد الشرع في أنقرة، جرى التركيز على العناصر الأساسية التي ستقوم عليها النظام السياسي الجديد في سوريا، ومناقشة الدعم الذي يمكن أن تقدمه تركيا في هذا السياق.

من أبرز الموضوعات التي تم تناولها كانت الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، وضمان استمرار الهيكل السياسي الموحد للبلاد تحت اسم جمهورية سوريا العربية.

في وقت سابق، أشار أحمد الشرع في تصريحاته إلى أن العملية السياسية قد تستغرق من 4 إلى 5 سنوات، موضحاً أن العملية السياسية ستبدأ بمشاركة جميع المجموعات المختلفة في البلاد وستسير في إطار منهج شامل يتضمن جميع الأطراف.

كما أشار المسؤولون في أنقرة إلى أن العملية ستكون مستقلة بالكامل و سيتم اتخاذ جميع القرارات من قبل السوريين أنفسهم، وهو ما سيُعتبر مبدأً أساسياً في هذا المسار.

أما بالنسبة للقضايا القانونية مثل كتابة الدستور وتنظيم العملية السياسية، فقد أكد المسؤولون في أنقرة استعدادهم لتقديم الدعم الفني في هذه المجالات، بالإضافة إلى استمرار الدعم لسوريا في مجالات أخرى خارج نطاق هذه المواضيع.

التعاون الأمني: عرض دعم القوات المسلحة التركية للجيش الجديد

موضوع آخر بالغ الأهمية تم بحثه خلال تواجد أحمد الشرع في أنقرة، الذي تطور بالتوازي مع العملية السياسية، هو التعاون الأمني.

قال وزير الدفاع الوطني التركي يشار غولر إنه في حال طلب الجانب السوري ذلك، فإن القوات المسلحة التركية قد تقدم الدعم في تشكيل جيش جديد في البلاد.

وكانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه قد أُتخذت في نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2025 من خلال زيارة وفد عسكري رفيع المستوى من تركيا إلى سوريا.

وكان من المتوقع أن يتم تناول هذا الموضوع في المباحثات بين أحمد الشرع و رجب طيب أردوغان.

وفي المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع، لم يتم الإعلان عن أي تصريح من الزعماء بشأن هذا الموضوع.

إن حجم وتطبيق التعاون العسكري يحمل أهمية كبيرة أيضًا في ما يتعلق بمستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على منطقة مهمة شرق الفرات في سوريا. تُعتبر قسد الشريك المحلي الأهم في مكافحة داعش التي تقوم بها الولايات المتحدة.

تُصنف تركيا وحدات حماية الشعب (YPG)، التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، كـ “منظمة إرهابية”، وتدعو إلى تسليم أسلحتهم.

نفس الدعوة تُوجهها أيضًا حكومة دمشق.

من المتوقع أن يتم تناول وجود قوات سوريا الديمقراطية والتطورات المحتملة في المنطقة في المباحثات.

ما هي الصيغ المطروحة على الطاولة في الحرب ضد داعش؟

زيارة أحمد الشرع تأتي في وقت حساس، حيث كان الحديث يدور حول سحب القوات الأمريكية من سوريا في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تولت منصبها في 20 يناير/كانون الثاني، مما يجعل هذه الزيارة ذات أهمية خاصة.

ولم تتخذ واشنطن بعد قراراً رسمياً بشأن هذا الموضوع. ومن جهته، أشار ترامب إلى أن الموضوع قيد التقييم، لكنه أكد أن الوضع في سوريا لا يشكل اهتماماً كبيراً بالنسبة للولايات المتحدة.

وأكدت المصادر الدبلوماسية أن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة يعتمد على شرطين أساسيين:

  1. عدم التأثير على مكافحة داعش، بما في ذلك الحفاظ على سيطرة السجون والمخيمات التي تحتجز عناصر داعش وعائلاتهم.
  2. عدم استهداف وحدات حماية الشعب (YPG) بعد الانسحاب الأمريكي.

وكانت هناك مزاعم بأن تركيا تخطط لاستمرار مكافحة داعش بالتعاون مع الدول العربية الرئيسية في المنطقة، وقد ناقش وزير الخارجية التركي هاكان فيدان هذا الموضوع في آخر لقاءاته مع مسؤولي الأردن، العراق، وقطر.

حتى الآن، لم يتم إصدار أي تصريحات رسمية من أنقرة بشأن هذا الموضوع.

أما فيما يتعلق بـ وحدات حماية الشعب (YPG)، فقد أعلن وزير الخارجية فدان أن أنقرة تنوي حل المشكلة بطرق سلمية وبدون اللجوء إلى الدماء.

وتُعتبر المفاوضات الجارية بين دمشق وYPG عملية تتابعها أنقرة عن كثب، كونها تشكل نقطة حاسمة في تحديد المرحلة المقبلة.

ومن المتوقع أن توفر المباحثات مع أحمد الشرع فرصة لأنقرة لمعرفة آخر تطورات عملية انسحاب YPG وتسليم الأسلحة وانضمامها إلى الهيكل الأمني الجديد في البلاد.

التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والنقل

الانخراط التركي في سوريا يتضمن أيضاً مواضيع تقنية تتجاوز تلك التي تم تناولها سابقاً.

تطوير التعاون الاقتصادي وزيادة التجارة يعدان من القضايا ذات الأهمية الكبيرة، خاصة فيما يتعلق بـ تنمية سوريا.

عودة الحياة إلى طبيعتها في سوريا وبدء عمل الاقتصاد بشكل فعال يمثلان نقطة حرجة لعودة السوريين في الداخل والخارج، وبالخصوص أولئك الموجودين في تركيا.

من المتوقع أن يتناول أردوغان وأحمد الشرع العلاقات الاقتصادية بين البلدين ويبحثان خريطة الطريق التي ستتبع في هذا الصدد.

تشمل المجالات التي ستدعمها تركيا في المدى القصير النقل والطاقة. وقد تم تأكيد أن أردوغان قد أعطى توجيهاته لوزير النقل ووزير الطاقة من أجل إجراء التحسينات الضرورية على البنية التحتية في سوريا.

من المنتظر أن يتم تقييم التقدم المحرز في هذه المجالات خلال الاجتماعات في أنقرة، وسيتم مناقشة السبل المستقبلية للمضي قدماً في هذه القطاعات الحيوية.

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

أحمد الشرعأحمد الشرع في أنقرةأحمد الشرع في تركياأحمد الشرع وأردوغانأردوغان والشرعالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرعالشرع وأردوغانالعلاقات السورية التركية 2025العلاقات السورية التركية بعد سقوط الأسدتحسن العلاقات السورية التركيةتركيا وسورياتطور العلاقات السورية التركيةرئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرعزيارة أحمد الشرع إلى تركيازيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيازيارة الرئيس السوري أحمد الشرع لتركيالقاء أحمد الشرع في أنقرة بأردوغانلقاء أحمد الشرع وأردوغانلقاء أردوغان وأحمد الشرعلقاء أردوغان والشرعنمو العلاقات السورية التركية