في لقاء مع الصحفي التركي راميس سالام بمدينة ازمير، قال العامل السوري عبد الستار قادر إنه لا يتقاضى راتباً من الدولة التركية ؛ “لا أحد يهتم بأحد دون عمل. أنا أعمل وأكسب قوت يومي حتى أعيل عائلتي”.
على الرغم من أن العدد الدقيق للاجئين في تركيا غير معروف, إلا أن التقديرات تشير إلى أن عدد اللاجئين الذين هاجروا منذ 15 مارس, 2011 قد وصل إلى 3 مليون 754 ألف لاجئ سوري ، ويشمل هذا العدد الأطفال السوريين المولودين في تركيا.
العديد من الادعاءات والاتهامات طالت اللاجئين السوريين حتى الآن في تركيا. وقد شارك كتاب الأعمدة الشهيرة في الصحف ورؤساء البلديات ونواب الحكم والمعارضة في هذه الادعاءات. وبعد فترة ، بدأت هذه الادعاءات في التحول إلى حقد وكراهية في المجتمع.
يقول الصحفي سالام ،تحدثنا مع عبد الستار قادر حول حياته وآماله ، وهو الذي أجبر على اللجوء إلى تركيا منذ حوالي 10 سنوات.
تخرج عبد الستار قادر من كلية الهندسة الكهربائية والإلكترونية في جامعة حلب ، ثاني أكبر جامعة حكومية في سوريا.
يصف قادر مشاعره في تلك الأيام بعينيه التي شاحت بعيداً: “بعد تخرجي من الكلية ، كنت أنظر إلى الحياة بأمل ، ففي البداية, حلمت بالحصول على وظيفة, ثم الزواج, إنجاب الأطفال ، بالطبع ، كنت أحلم بهذه الأشياء في بلدي ، على أرضي.”
تأجلت أحلامي مع الحرب !
وقال قادر ، مشيراً إلى أن خططه للمستقبل قد تبددت بسبب الحرب ،” مثل ملايين السوريين ، انقلبت أحلامي بالمستقبل رأسا على عقب ، وكان علينا أن نغادر لحياة جديدة غير معروفة، لقد تم تأجيل دراستي الجامعية والشهادة الجامعية وآفاق المستقبل في بلدي “.
عندما سألته كيف تعلمت التحدث باللغة التركية جيدا ، قال قادر: “كنت أشاهد أفلام كمال سونال بحب ،وأصبح لدي بنية لغوية مع الأغاني والمسلسلات التلفزيونية والأفلام التركية ، لكنني تعلمت اللغة التركية حرفيا في العمل بالإنشاءات هنا”.
قادر ، أشار إلى أنه لم يستطع القيام بالهندسة التي تلقى تعليمه فيها لأنه ليس مواطنا تركياً ، وقد بدأ العمل بنظام اليومية في أعمال البناء وصب المواد الخام دون تمييز بعد مجيئه إلى تركيا.
أنا لا آخذ المال من الدولة ، بل أكسب مالي بجهدي
عندما سألت قادر عن ما إذا كان يتلقى راتبا من الدولة ، رد بابتسامة مريرة على وجهه ،وقال حول مساعد الضمان الاجتماعي الممولة من الاتحاد الأوروبي: “لم أتلق أي أموال من الدولة حتى الآن. تمنح الدولة 155 ليرة فقط شهريا للمحتاجين الذين يستوفون الشروط. بخلاف ذلك ، لا يتم إعطاء أي أموال “.
وأضاف قادر: “لن يعتني أحد بأي شخص بدون عمل ، أنا أعمل ، أخرج قوت يومي وأكسب لقمة العيش لعائلتي ،و أنا أعيش من عملي الخاص ، وألبي احتياجاتي ، وأدفع ثمن الكهرباء والماء”.
لقد دمرت الحرب كل ما لدينا !
خلال تنظيفه للبقع على قفازات عمله ،استذكر قادر ما عاشه مع عائلته في حلب خلال الحرب قائلاً، “تم تدمير منزلنا ، الذي بنيناه مع عائلتي ، بعد الحرب ، مثلي تماما ، دُمرت الآمال المستقبلية لأولئك الذين دمرت منازلهم ، ومثلنا واحداً تلو الآخر ، كل شيء أصبح سيئاً ، لو تعود الطروف إلى ما كانت عليه قبل الحرب ، فسأعود إلى بلدي دون تفكير“.
وقال قادر إنه يعتبر تركيا بلده الثاني ، “أفتقد دائما بلدي ، الأرض التي ولدت فيها. فهناك قبور والدي وأجدادي. و على الرغم من أنه قد أتيحت لي الفرصة للذهاب إلى أوروبا, اخترت البقاء هنا. أولئك الذين ذهبوا إلى أوروبا ذهبوا إلى هناك من أجل حياة أفضل. لم أفكر أبدا بالرحيل. تركيا هي وطني الثاني الوحيد “.
أنا أبني حياة جديدة وآمالاً وأحلاما
وقال قادر بأنه لم يتعرض لاعتداءات عنصرية ، لكن في أحد المرات طرقت بابه جارتهم التركية وقالت ” الأسعار ارتفعت بسببكم ، أنتم أتيتم والاقتصاد تراجع ، فقلت أنا : أنا لاجئ هنا أيضا. أم لم يكن هناك رفع للأسعار هنا قبلنا?. وعندما قلت أننا جميعاً مسلمون, و جميعنا بشر, عادت المرأة من حيث جاءت “.
وقال قادر ، الذي قال إنه تزوج في تركيا ولديه طفلان: “تستمر الحياة ، وآمالنا فيها. أعمل بعرقي وأبني حياة جديدة وآمال جديدة وأحلام جديدة. لدي زوجتي وأطفالي وبلدي في داخل أحلامي”.