أجرت منصة “dogrulukpayi” التركية -المعروفة بكشف الأخبار المضللة-، تحقيقاً حول منشور نُشر على حساب إنستغرام بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر 2023، وتناول بعض الادعاءات التي تزعم أنه جرى توظيف 830 مدرساً سورياً في تركيا.
وقد جرى تداول هذا الادعاء منذ عام 2019 وقد حصل المنشور على ما يقرب من 1000 اعجاب في حينه.
ووفقاً لما نقله فريق كوزال نت عن المنصة، بعد الثورة السورية التي بدأت في عام 2011، اضطر السوريون الفارين من الحرب إلى الهجرة إلى مختلف دول العالم بشكل إجباري.
في تركيا، وصل عدد السوريين المسجلين بصفة مؤقتة تحت بند الحماية المؤقتة إلى حوالي 3.5 مليون شخص.
ومنذ سنوات طويلة، تتداول أخبار غير صحيحة حول اللاجئين السوريين، والذين هم في صلب القضايا الحساسة للسياسة التركية في كل فترة.
وتتعلق هذه الشائعات بمواضيع متنوعة، حيث يتصدر بعضها عناوين الدفعات المالية والمنح الدراسية للسوريين، ويمكن القول إن المواضيع العامة لهذه الأخبار الخاطئة تشير إلى أن السوريين يتمتعون ببعض الامتيازات التي لا تمنح للمواطنين التركيين.
لقد قمنا كموقع “دورولوك باي” على مر السنين بمراقبة هذه المعلومات الخاطئة حول السوريين ونشر تحاليل متنوعة حولها.
وأفادت المنصة أن الادعاء الذي تناولته في هذا التحليل ليس الأول من نوعه، بل جرى طرحه لأول مرة في تغريدة نشرها عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري في أضنة أورهان سومر، على حسابه الشخصي على تويتر في 5 ديسمبر/كانون الأول 2019.
وفي هذه التغريدة، ادعى سومر أن وزارة التعليم التركية بدأت في تعيين عدد كبير من الأشخاص القادمين من سوريا كمعلمين في المدارس.
وبعد كلمة سومر في البرلمان حول هذا الموضوع، قامت بعض القنوات الإعلامية بنشر أخبار تؤيد هذا الادعاء، ومنذ ذلك التاريخ، استمرت مثل هذه الادعاءات في التداول بشكل دوري على وسائل التواصل الاجتماعي.
الادعاء حول توظيف 830 مدرساً سورياً لا أساس له من الصحة!
وكانت وزارة التعليم التركية قد نفت هذه الادعاءات في بيان صحفي صادر في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019.
وأوضحت المنصة أن 830 مدرساً سورياً مُتطوعاً قاموا بأداء مهام مؤقتة في بعض المجالات كجزء من مشروع يسمى “PIKTES” لدعم عملية التكيف في المدرسة لدى الأطفال السوريين.
وأشارت المنصة إلى أن مُرتبات المدرسين السوريين المتطوعين قد دُفعت من قبل اليونيسيف.
وزارة التعليم التركية نفت تعيين 830 مدرساً سورياً
وبعد انتشار الادعاءات على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، قامت وزارة التربية والتعليم التركية بتاريخ 19 ديسمبر/كانون الأول 2019 بإصدار بيان صحفي ينفي فيه صحة الأخبار المتداولة، مشيرة إلى أن شروط توظيف المعلمين في المؤسسات التعليمية التابعة للوزارة تم تحديدها وفقًا للقوانين واللوائح ذات الصلة، وبالتالي فإن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة.
وأوضحت الوزارة في بيانها في حينه “الأشخاص الذين زُعم أنهم جرى تعيينهم كمعلمين في المدارس هم مدربون سوريون متطوعون كانوا يعملون في المراكز التعليمية المؤقتة. وقد جرى اختيار هؤلاء الأشخاص من بين الأشخاص الذين حصلوا على شهادات بعد دورات تدريب المدربين واجتيازهم للاختبارات، ويعمل هؤلاء الأشخاص بشكل مؤقت في مجالات محددة مثل الأنشطة خارج الفصل الدراسي والأنشطة الميدانية والترجمة والتوعية الأسرية لدعم عملية التكيف مع المدرسة لدى الأطفال السوريين، وذلك في إطار “وثيقة التزام المدربين المتطوعين السوريين”.
وأكدت الوزارة أنه لا يمكن للمدربين المتطوعين السوريين أن يكونوا جزءًا من هيكل المعلمين في الوزارة، مشدداً على أنه جرى دفع مكافآت التشجيع لهؤلاء المدربين المتطوعين وفقًا للاتفاقيات الموقعة مع منظمة اليونيسيف (UNICEF).
وأكدت الوزارة أن الـ 830 مدرساً سورياً الذين تستهدفهم الادعاءات هم أشخاص يعملون مؤقتًا في بعض المجالات لدعم عملية تكيف الأطفال السوريين مع المدرسة وتدفع اليونيسف رسومهم التحفيزية.
المشروع الذي ذكرته وزارة التربية والتعليم التركية في البيان الصحفي: PIKTES
وبحسب المنصة، فقد بدأ مشروع دعم دمج الأطفال السوريين في نظام التعليم التركي بميزانية تبلغ 300 مليون يورو في 3 سبتمبر/أيلول 2016، ويُعرف هذا المشروع بـ “مشروع دعم دمج الأطفال السوريين في نظام التعليم التركي: PIKTES”.
ووفقًا لتقرير المشروع في سبتمبر/أيلول 2022، اكتملت المرحلة الأولى لمشروع “PIKTES” في عام 2018، وجرى تنفيذ المرحلة الثانية كمشروع لثلاث سنوات بميزانية تبلغ 400 مليون يورو في ديسمبر/كانون الأول 2018.
وهدف هذا المشروع هو دعم وصول الأطفال الأجانب إلى التعليم في تركيا والمساهمة في اندماجهم الاجتماعي.
ويهدف المشروع، في هذا السياق، إلى دعم جهود وزارة التربية والتعليم التركية في زيادة التسجيل في النظام التعليمي الرسمي والحفاظ على الحضور المدرسي وتسهيل الانتقال إلى المراحل العليا للأطفال الأجانب في 29 ولاية تركية تشهد كثافة سكانية من الأجانب.
وفقًا لتقرير المشروع،جرى التواصل مع 63 ألفاً و725 طفلًا سوريًا منذ بدء البرنامج في عام 2018، وحتى يونيو/حزيران 2021، جرى تسجيل 29 ألفاً و37 طفلا في البرنامج.
في مقال أكاديمي نُشر حول مشاكل المعلمين السوريين العاملين في المدارس الحكومية في تركيا، صدر بيان حول هؤلاء المعلمين الذين يعملون بهذه الطريقة، على الشكل التالي:
“بعد إغلاق المراكز التعليمية المؤقتة، جرى توظيف المعلمين السوريين الذين تخرجوا من الجامعات السورية بدرجة البكالوريوس في المدارس الحكومية في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية في تركيا بصفة “معلم متطوع” بدعم من اليونيسيف.
وابتداءً من العام الدراسي 2017-2018، عملوا كمشرفين في المدارس دون دخول الفصول الدراسية”.
الادعاء حول توظيف 830 مدرساً سورياً أُعيد إلى الواجهة من جديد بواسطة أوميت أوزداغ
وعندما قام رئيس حزب النصر المعادي للسوريين واللاجئين أوميت أوزداغ بتكرار ادعاء مماثل في إطار حملته الانتخابية، في تغريدة نشرها في 11 سبتمبر/أيلول 2022، أعيدت قضية المعلمين السوريين الذين تم تعيينهم إلى الواجهة مرة أخرى.
فيما لا تزال ادعاءات مماثلة مستمرة في الانتشار على منصات التواصل الاجتماعي.
النتيجة:
الادعاء بأن 830 مُدرساً سوريًا جرى تعيينهم غير صحيح.
إعداد وتحرير: عبد الجواد حميد