هل سيدعم بشار الأسد حزب الله اللبناني في حرب شاملة مع الاحتلال الإسرائيلي؟

جميع الأنظار تتجه إلى دمشق لفهم موقف رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي لا يزال غير واضحاً حيال التصعيد العسكري المتصاعد بين الجيش الصهيوني وقوات حزب الله اللبناني الشيعي منذ 9 أشهر.

فريق كوزال نت ترجم لكم مقالة للكاتب السوري حايد حايد نقلاً عن موقع “Independent Türkçe” تناول فيها احتمالات تدخل نظام الأسد في الصراع الجاري بين الكيان الصهيوني وحزب الله اللبناني.

وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها الولايات المتحدة وفرنسا، فإن التوتر بين الكيان الصهيوني وحزب الله اللبناني يستمر في التصاعد.

وتشهد المناطق الحدودية بين فلسطين المحتلة ولبنان اشتباكات شبه يومية منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي شنتها القوات الصهيونية على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد أصبحت الاشتباكات مؤخرًا أكثر كثافة وشدة.

بالإضافة إلى ذلك، بدأ المسؤولون الصهاينة في الحديث بشكل متزايد عن احتمال شن هجوم واسع النطاق على طول الحدود الشمالية مع لبنان في المستقبل القريب.

هذا الأمر أدى إلى زيادة التكهنات حول إمكانية وقوع عملية عسكرية صهيونية كبيرة قبل نهاية الصيف.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه العالم التحركات المقبلة، تتجه الأنظار إلى دمشق لفهم موقف رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي لا يزال غير واضح المعالم.

فسوريا، وهي حليف رئيسي لحزب الله ولها حدود مشتركة مع لبنان، يمكن أن تلعب دوراً استراتيجياً في التأثير على نتيجة هذا الصراع.

وهذا يطرح السؤال الجوهري التالي:

هل سيذهب الأسد إلى حد تزويد حزب الله بالدعم العسكري واللوجستي نفسه الذي قدمه له في حرب تموز/يوليو 2006 مع الكيان الصهيوني، بل سيذهب إلى حد فتح جبهة دعم; أم سيتبنى موقفاً أكثر حياداً، كما رأينا في حرب الإبادة الجماعية على غزة؟ .

التوتر بين الكيان الصهيوني وحزب الله اللبناني في تصاعد مستمر

التقارير التي تحذر من إمكانية بدء هجمات واسعة النطاق على طول الحدود الفلسطينية المحتلة واللبنانية مرتبطة بتصاعد التوتر العسكري في الفترة الأخيرة.

وتشير البيانات الحالية إلى أن حزب الله نفذ أكبر عدد من هجماته على الكيان الصهيوني منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في شهر مايو/آيار 2024.

حزب الله نفذ 325 هجومًا في مايو/آيار بمعدل يومي يبلغ 10.8 هجمات مقارنة بـ 238 هجومًا في أبريل/نيسان 2024 بمعدل يومي بلغ 7.8 هجمات.

كما أن استخدام حزب الله اللبناني للصواريخ المضادة للدبابات والطائرات بدون طيار (الدرون) تضاعف في الفترة الأخيرة مقارنة بشهر أبريل الماضي.

في المقابل، كثفت طائرات الاحتلال الصهيوني غاراتها الجوية على جنوب لبنان، مستهدفة عناصر وقدرات ومرافق حزب الله اللبناني بالصواريخ والطائرات بدون طيار والطائرات الحربية.

تهديدات الكيان الصهيوني

المسؤولون الصهاينة يصرحون بشكل متزايد عن استعدادهم لشن هجوم واسع النطاق على طول الحدود الشمالية مع لبنان.

وفي 4 يونيو/حزيران 2024، قال رئيس الأركان الصهيوني هرتسي هاليفي إن الكيان الصهيوني يستعد لعملية عسكرية على طول الحدود الشمالية مع لبنان وأنهم يقتربون من اتخاذ قرار بعد مراجعة شاملة.

حزب الله اللبناني الشيعي، الذي ضاعف استخدامه للصواريخ المضادة للدبابات والطائرات بدون طيار (الدرون) في الفترة الأخيرة مقارنة بشهر أبريل/نيسان، استمر في هجماته المكثفة في يونيو/حزيران 2024.

تصريح هاليفي كان واحدًا من عدة تصريحات أدلى بها المسؤولون الصهاينة مؤخرًا تشير إلى احتمال شن عملية عسكرية كبيرة في لبنان.

كما صرح رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، بعد الهجوم الكبير الذي شنه حزب الله اللبناني على بلدة حرفيش في الجليل الأعلى، خلال زيارته الأخيرة للحدود الشمالية مع لبنان قائلاً: “لقد أتممنا استعداداتنا لعملية مكثفة جدًا في الشمال”.

موقف الأسد الغامض

وعلى الرغم من أن دمشق قدّمت نفسها تاريخياً على أنها رأس محور المقاومة، فإن النظام السوري لم يبيّن بوضوح كيف سيتصرف في حال تحقق هذا السيناريو، على الرغم من تهديد الكيان الصهيوني بشن هجوم عسكري واسع النطاق على طول حدودها الشمالية مع لبنان.

وهناك بعض التكهنات بأن الأسد قد يستمر في البقاء على الحياد، كما فعل خلال حرب الإبادة الجماعية في غزة.

ووفقًا لهذه التكهنات، قد يبقى الأسد على الحياد بسبب عوامل مثل قدرته العسكرية المستنفدة، واقتصاده المتعثر، وخوفه من الانتقام الصهيوني، وعلاقاته المتوترة مع حليفته السابقة حماس، التي كانت على خلاف مع دمشق بسبب دعمها للثورة في سوريا.

ومع ذلك، فإن علاقة الأسد بحزب الله أكثر استراتيجية وأقوى من علاقته بحماس.

وقد تجلى ذلك في دعم سوريا الكبير لحزب الله في حربه مع الكيان الصهيوني عام 2006، فمن خلال تقديم دعم عسكري ولوجستي واسع النطاق، بما في ذلك نقل الأسلحة، عزز نظام الأسد إلى حد كبير قدرة حزب الله العسكرية.

حسابات مختلفة

من المؤكد أن الوضع المالي والعسكري لنظام دمشق يختلف كثيراً عما كان عليه في عام 2006.

فقواته العسكرية مبعثرة على مساحات واسعة وعلى طول خطوط التماس مع أعدائه، كما أن 12 عاماً من الصراع المسلح استنزفت معداته العسكرية وقللت من عتاده العسكري، واقتصاده في حالة يرثى لها، مع انخفاض الرواتب وارتفاع معدلات التضخم وعجز كبير في الميزانية وعدم كفاية الخدمات التي تقدمها الدولة.

وعلى النقيض من علاقة الأسد المتوترة مع حركة حماس خلال الحرب على غزة، تعززت علاقاته مع حزب الله بشكل كبير.

وقد لعب تدخل حزب الله اللبناني الشيعي العسكري في سوريا، إلى جانب جماعات أخرى مدعومة من إيران، دوراً مهماً ليس فقط في إبقاء الأسد في السلطة، بل أيضاً في السماح للنظام باستعادة السيطرة على جزء كبير من البلاد.

ويشعر الأسد الآن بأنه مدين ليس فقط لحزب الله، بل أيضاً لإيران، التي ترى في حزب الله رصيداً استراتيجياً مهماً في شبكتها الإقليمية.

ليس خياراً!

إذا تُرك القرار لرئيس النظام بشار الأسد، فمن المؤكد أنه كما هو متوقع وكما فعل طوال الصراع في سوريا، سيستمر في اعتبار بقائه في السلطة أولوية قصوى.

وفي حال اندلاع حرب مباشرة بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيوني، قد يتجنب الأسد المشاركة المباشرة في الجبهة ويركز بدلاً من ذلك على تسهيل الدعم العسكري الإيراني لحزب الله.

تدخل حزب الله العسكري في سوريا، إلى جانب الجماعات الأخرى المدعومة من إيران، لعب دوراً مهماً ليس فقط في بقاء الأسد في السلطة، بل أيضاً في استعادة الحكومة السيطرة على جزء كبير من البلاد.

العامل الذي سيؤثر على قرار الأسد قد يكون مرتبطاً بالضغط الإيراني على نظام دمشق وبكيفية إدراك دور الأراضي السورية في الصراع.

ورغم ميل الأسد للنأي بنفسه عن الصراع في غزة، فإن الجماعات المدعومة من إيران تستخدم الأراضي السورية لشن هجمات، حتى لو كانت محدودة، على المناطق الخاضعة للسيطرة الصهيونية.

وهذا يشير إلى أن دمشق وطهران ربما توصلتا إلى اتفاق أو أن الأسد غض الطرف على مضض عن هذه الأنشطة.

التقارير التي تشير إلى تزايد التوترات بين الحليفين في الأشهر الأخيرة، والتي قد تكون ناجمة عن هذه التطورات وعوامل أخرى، تبرز مدى قوة العلاقة بينهما.

هذا قد يكون مرتبطاً بفهم إيران لموقف الأسد أو قبولها له، وبدلاً من الضغط لإحداث تحول كامل، قد تكتفي بفرض ضغط كافٍ للتأثير عليه.

هذا النهج المعقول قد ينبع من رؤية إيران لسوريا كعنصر لم يعد يغير قواعد اللعبة، نظراً لمشاركة حلفاء آخرين في محور المقاومة مثل حزب الله والجماعات المسلحة في العراق والحوثيين.

علاوة على ذلك، قد تفضل إيران تجنب تصعيد التوتر مع الأسد بسبب التداعيات الاستراتيجية المحتملة.

مخاطر أعلى

لكن في حالة حدوث صراع كبير مع الكيان الصهيوني، فإن المخاطر على إيران ستزداد، والسبب الرئيسي في ذلك هو أن حزب الله يعتبر ذو أهمية حيوية لطهران.

من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل التأثير المحتمل لنظام الأسد والأراضي السورية على نتيجة الحرب المتوقعة.

لكن فتح جبهة ثانية ضد الكيان الصهيوني من نظام الأسد، بغض النظر عمن يبدأها، سيلفت انتباه الكيان الصهيوني وربما يقلل من قدراتها العسكرية وعدد قواتها في لبنان في مواجهتها مع حزب الله.

إذ أن الهدف من مثل هذه الخطوة الاستراتيجية لن يكون لتحقيق مكاسب إقليمية أو لمساعدة حزب الله على تحقيق نصر عسكري تقليدي، فالتفوق العسكري للكيان الصهيوني يضعف احتمال تحقيق مثل هذه الأهداف.

الهدف بالأحرى سيكون دعم حزب الله اللبناني لفترة كافية لتمكينه من التفاوض على وقف إطلاق نار دائم، إذ أن ذلك سيتيح لحزب الله تبني خطاب النصر بغض النظر عن التكلفة الفعلية.

نقطة البداية

ولكن طالما أن طهران والمجموعات المدعومة من إيران يمكنها استخدام الأراضي السورية كنقطة انطلاق لشن هجمات ضد الكيان الصهيوني، فقد لا تحتاج إيران إلى الضغط على نظام الأسد للدخول في صراع مباشر مع الكيان الصهيوني.

الوجود الكبير للمقاتلين المدعومين من إيران في سوريا، سواء كانوا أجانب أو محليين، يكفي تمامًا لفتح جبهة أخرى ضد الكيان الصهيوني من الأراضي السورية دون الحاجة لمشاركة نشطة من الأسد.

هذا النهج يسمح للنظام السوري بالاستمرار في موقفه الحالي المتمثل في عدم الانخراط في الصراع دون تصعيد التوتر مع إيران وحزب الله.

لكن لهذا الموقف عواقبه، فقد أوضح الكيان الصهيوني بطرق مختلفة للأسد أن أفعاله وأفعال حلفائه في الأراضي السورية سيكون لها عواقب وخيمة.

إذا شارك الأسد بشكل نشط في أي عمل مؤيد لحزب الله، فمن المحتمل أن تغير تل أبيب موقفها تجاهه وتكثف الهجمات على مصالح النظام للضغط عليه لتقييد الأعمال العدائية ضد الكيان الصهيوني من سوريا.

مدى تورط النظام السوري في مثل هذا السيناريو، رغم أنه يبدو خيارًا الآن، لن يكون ثابتًا بالتأكيد، فمن المتوقع أن تتغير الديناميكيات العسكرية المتغيرة والمتطورة على الأرض، بما في ذلك الضغط على حزب الله، والحاجة إلى الدعم الخارجي، وكثافة الهجمات الانتقامية الصهيونية داخل سوريا.

هذه الديناميكيات المتغيرة من المتوقع أن تؤدي إلى مفاوضات متكررة ومكثفة تشمل الأسد وإيران والكيان الصهيوني، إذ أن العديد من هذه المفاوضات قد تتجاوز التواصل اللفظي.

 

وفي الوقت نفسه، تستمر سوريا وشعبها في البقاء كبيادق في لعبة الشطرنج الجيوسياسية التي تتجاوز قدرتهم على التأثير.

 

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

260 يوماً على حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزةأذرع إيران في الشرق الأوسطإيرانالتوتر بين حزب الله اللبناني وإسرائيلالتوتر بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيونيالحرب بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيونيالكيان الصهيونيالمواجهة العسكرية الكبرى بين حزب الله اللبناني وإسرائيلالمواجهة بين حزب الله اللبناني وإسرائيلالمواجهة بين حزب الله وإسرائيل 2024بشار الأسدحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزةحزب اللهحزب الله اللبنانيحزب الله اللبناني الشيعيرئيس النظام السوري بشار الأسدموقف الأسد من الصراع بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيونيموقف بشار الأسد من الحرب بين حزب الله وإسرائيلموقف نظام الأسد من المواجهة بين حزب الله وإسرائيلهل سيشارك الأسد في الحرب بين الكيان الصهيوني وحزب الله