دخلت الحرب بين إسرائيل وفلسطين، -التي بدأت بهجوم كتائب القسام على جنوب ما يُسمى بـ “إسرائيل” في 7 تشرين الأول/أكتوبر ورد دولة الإحتلال عليه-، يومها الرابع عشر.
ومنذ بداية الحرب، تتابع تركيا مجريات الحرب بين إسرائيل وفلسطين عن كثب تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان، حيث ينفذون دبلوماسية نشطة.
وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحدث أردوغان هاتفيًا مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس.
وقد سبق للرئيس التركي أيضًا أن اتصل برئيسي فرنسا إيمانويل ماكرون ورئيس روسيا فلاديمير بوتين.
و قد زار وزير الخارجية التركي فيدان بلدان المنطقة، بما في ذلك مصر، بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأجرى محادثات هاتفية مرتين مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وقبل 3 أيام زار فيدان لبنان أولاً، ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي.
وزير الخارجية التركي تحدث هاتفيًا مع رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، يوم الاثنين الماضي.
ووفقاً لما ترجمه فريق كوزال نت نقلاً عن “BBC” البريطانية المعروفة بانحيازها للاحتلال الإسرائيلي، فإن هذه الاتصالات والخطوات والرسائل التي قدمتها تركيا تكشف عن أن السياسة المتبعة تستند إلى ثلاثة أولويات رئيسية.
سياسة تركيا في الحرب بين إسرائيل وفلسطين
أولاً: “يجب حماية المدنيين”
وأولويات تركيا تشمل في المقام الأول حماية المدنيين خلال الحرب بين إسرائيل وفلسطين ومنع المزيد من فقدان الأرواح.
وقد جرى التأكيد عبر البيانات التي أُصدرت من أنقرة منذ 7 أكتوبر /تشرين الأول على ضرورة عدم استهداف المدنيين.
وفي تصريح نُشر في بعض الصحف التركية قبل أيام، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: “بالطبع، نحن لا نوافق على أي عمل يستهدف المدنيين، سواء في 7 أكتوبر/تشرين الأول أو خلال الفترة التالية. بالعكس، نحن نستنكر استهداف المدنيين. قد أكد الرئيس ونحن ذلك على كل المنصات. نحن نُبقي على هذه القضية في جدول المباحثات التي نجريها مع الأطراف المعنية.”
وتراقب تركيا عن كثب الأحداث التي تجري في غزة التي تعرضت لهجمات جوية كثيفة من الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأشار فيدان إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لم يحترم التمييز بين المدنيين والمقاتلين في العمليات السابقة التي قامت بها، قائلاً: “من غير المقبول أن تقوم إسرائيل بقصف غزة بشكل غير مسبوق حتى الآن، مما أدى إلى وفاة العديد من المدنيين، وقطع الكهرباء والماء والوقود وجعلها تعيش في حالة من العوز والجوع.”
وأكد وزير الخارجية التركي أنه “لا يمكن قبول نقل السكان المدنيين من مواقعهم بوسائل تخويف، خاصة من شمال غزة إلى الجنوب”.
وكان الرئيس أردوغان قد لفت الانتباه الأسبوع الماضي إلى أن غزة تقع على مساحة تبلغ 365 كيلومتر مربع فقط، وأشار إلى أن حرمان إسرائيل لأكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة من الكهرباء والماء والوقود والطعام يتعارض مع حقوق الإنسان.
وتشير التقارير إلى أن فيدان أكد خلال المحادثات التي أجراها مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وغيره من المسؤولين على أهمية عدم استهداف المدنيين، وأن توجيه دمار أكبر لغزة سيؤدي إلى عواقب أكثر خطورة.
وتسعى تركيا أيضًا للتعاون مع الدول المجاورة، بما في ذلك مصر، للاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وفي الختام، قامت تركيا في نهاية الأسبوع بإرسال ثلاث طائرات تحمل مساعدات إنسانية إلى مصر، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الاحتلال الإسرائيلي ومصر حول كيفية توزيع هذه المساعدات على سكان غزة بعد.
“احتمال توسع الصراع يدعو للقلق”
من جانب آخر، لا تزال تركيا تسعى في اتصالاتها مع الدول الغربية والدول في المنطقة إلى واحدة من الأهداف، وهي تقليل مخاطر توسع الصراع في المنطقة، على ضوء الحرب بين إسرائيل وفلسطين.
إذ أن هناك قلق بشأن احتمال التدخل الذي قد يقوم به حزب الله الذي يسيطر على جنوب لبنان ومجموعات الميليشيات الإيرانية في سوريا بهدف تشتيت انتباه دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تركز على غزة.
ومن المعروف أن حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي قاما بحشد قواتهما العسكرية على الحدود اللبنانية.
وتشير كل من إسرائيل والعديد من المسؤولين والخبراء الأمريكيين إلى أن هناك تورطًا إيرانيًا خلف هجمات حماس، ويقولون إنه إذا قامت حزب الله والمجموعات المرتبطة بإيران بشن هجمات على إسرائيل، فإنه سيُعتبر أن الأمر صدر بتوجيهات من طهران.
يُشير إلى أن السفن الحربية التي أرسلتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى المنطقة، والدعم العسكري الذي قدموه لما يُسمى بـ “إسرائيل”، يهدف إلى ردع إيران والمجموعات المرتبطة بها.
وتركز الاجتماعات بين أردوغان ورئيس إيران والاتصالات التي قام بها وزير الخارجية فيدان في لبنان على رسالة التحلي بالمسؤولية من قبل الجميع لتجنب انتشار الصراع.
“صيغة الضمان”
وبحسب “BBC” بالتركية، تعتقد الحكومة التركية أن الحرب بين إسرائيل وفلسطين اندلعت بسبب عدم التوصل إلى حل دائم يشمل اتفاق سلام مستدام بين الدولتين.
وفقًا للتصريح الذي نُشر في الصحف اليوم، يشير ذلك إلى رغبة تركيا في أن يتدخل المجتمع الدولي بـ “فهم جديد” بعد انتهاء النزاع للعثور على حلا دائما للمشكلة.
ويشير هذه النهج المعروف بـ “صيغة الضمان” إلى أن الدول التي ستكون ضامنة لإسرائيل وفلسطين ستشارك في العملية بشكل مشترك لضمان تحقيق اتفاق بين الأطراف وتنفيذه.
وأكد وزير الخارجية فيدان أن تركيا وبعض الدول الأخرى في المنطقة يمكن أن تكون ضامنة لفلسطين.
وأضاف فيدان: “لنكن ضامنين لإسرائيل أيضًا. بمجرد التوصل إلى اتفاق يتفق عليه الجانبان، يجب على الدول الضامنة تحمل المسؤولية في تنفيذ متطلباته. إذا كانت إسرائيل ترغب في السلام المستدام في المنطقة وفي أمانها، يجب أن يكون للفلسطينيين دولة. سيكون الفلسطينيون والدول الأخرى مستعدين لذلك. ولكن فقط من خلال مثل هذه الشروط يمكن تحقيق سلام دائم.”
وأشار فيدان إلى أن تركيا قدمت مقترحًا لتحقيق سلام دائم، وأنهم سيقومون بمراجعة أي اقتراحات أخرى إذا كانت متاحة، وأضاف: “لكن المهم هو أن نتخذ خطوة نحو تنفيذ الحل الثنائي عبر الاستفادة من هذه الأزمة. الهدف هو إحضار السلام المستدام إلى المنطقة.”
إعداد وتحرير: عبد الجواد حميد