في قلب سوريا الزراعي، تشهد السهول الشرقية من ريف حلب كارثة إنسانية وزراعية تنذر بعواقب وخيمة على الأمن الغذائي في البلاد إذ أن المنطقة تعتبر سلة سوريا الغذائية.
ووفقاً لمتابعة فريق تحرير منصة كوزال نت، ففي مشهد مأساوي، جفت الأراضي وذبلت المحاصيل بسبب انقطاع مياه الري المتعمد، وسط تجاهل مريب من مديرية زراعة حلب، ما يهدد مصدر رزق مئات الآلاف من المزارعين الذين يعتاشون على سلة سوريا الغذائية، كما قد يقود المنطقة نحو مجاعة صامتة.
سلة سوريا الغذائية تنهار
لم تكن حلب مجرد مدينة صناعية، بل كانت تمثل ما يقارب 30% من الإنتاج الزراعي الوطني السوري، وتُغذّي المحافظات الأخرى بمحاصيل القمح، والشعير، والخضروات الصيفية، والبقوليات، والقطن، وحتى الذرة الصفراء، إلى أن عُرفت بلقب سلة سوريا الغذائية.
فريفها الشرقي – الممتد من السفيرة إلى دير حافر ومسكنة – كان يعجّ بالحياة على امتداد عشرات الآلاف من الهكتارات، ويُتوقع أن يؤمّن قوتًا لما يزيد عن نصف مليون إنسان.
لكن كل ذلك أصبح ذكرى، فمنذ الربع الأول من 2025، توقفت قناة الفرات المغذية للمنطقة عن العمل، لتبدأ رحلة الجفاف والخسائر التي تُقدر بملايين الدولارات.
تفجير متعمد وصمت قاتل
الكارثة لم تكن طبيعية. فخلال فترة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على المنطقة، جرى تفجير الجسور التي تمر عبرها مياه نهر الفرات إلى الحقول، في عمل عسكري متعمد.
ورغم انسحاب قسد لاحقًا، لم يتم إصلاح الأضرار، مع أن اتفاق تسليم سد تشرين للحكومة كان يفترض إصلاح القناة بشكل فوري، إذ أن التبريرات حول “اشتباكات” تعيق الإصلاح مجرد أعذار، في ظل إمكانية التعاون السياسي والعسكري.
مديرية زراعة حلب: بين العجز والتقصير
التقاعس الأكبر يقع على عاتق مديرية زراعة حلب، التي لم تتحرك حتى اليوم لإعلان المنطقة منكوبة زراعيًا، ولم تطلق أي خطة طوارئ لدعم المتضررين، فلا مشاريع إصلاح، ولا تعويضات، ولا حتى بيانات إعلامية لشرح ما يحدث. المياه الجوفية تهبط بشكل كارثي، والمزارعون يُتركون لمصيرهم المجهول، ما يهدد سلة سوريا الغذائية.
الإنقاذ ليس مستحيلًا
حل الأزمة لا يحتاج إلى موازنات ضخمة أو سنوات من العمل، بل إلى قرار سياسي وإداري جريء:
- إصلاح قناة الري يمكن أن يتم في أسبوع واحد.
- إعادة ضخ المياه تنقذ ما تبقى من الخضروات الصيفية.
- التحرك السريع قد يُعيد الأمل للريف قبل أن يتحول الجفاف إلى مجاعة.
مطالب عاجلة من أجل حياة الناس:
- تفعيل الصندوق الوطني للكوارث وتعويض المتضررين كما حصل في حالات مشابهة على الساحل السوري.
- إعلان ريف حلب الشرقي منطقة منكوبة زراعيًا دون تأخير.
- تنفيذ مسح ميداني شامل للأضرار وتعويض المزارعين خلال مدة أقصاها 60 يومًا.
- إصلاح الجسور والقنوات المدمرة فورًا.
- ضخ المياه لإنقاذ شتول الخضار الصيفية والباقي من المحاصيل.
- تجهيز خطة زراعية لصيف 2025 تشمل البذار والوقود المدعوم.
- فتح تحقيق شفاف لمحاسبة المقصرين، من قسد إلى مدير زراعة حلب.
هذا نداء لا يحتمل التأجيل
ريف حلب ليس ساحة للرهانات السياسية ولا صحراء نُسيَت في الحرب، بل هو الحياة لعشرات الآلاف من العائلات، ولأمن غذائي وطني بأكمله، بل هو سلة سوريا الغذائية.
السكوت شراكة في الجريمة. والتاريخ لن يرحم من تجاهل هذه الكارثة.
أنقذوا ريف حلب… قبل أن يتحول العطش إلى مجاعة.