تشهد أسعار القهوة في العالم ارتفاعاً ملحوظاً، لا سيما سعر فناجين القهوة الذي يزداد في المدن الكبرى يوماً بعد يوم.
ووفقاً لما نقله وترجمه فريق تحرير منصة كوزال نت عن موقع “BBC Türkçe” فإن العوامل الاقتصادية والبيئية في أكبر مناطق إنتاج القهوة حول العالم هي المسؤول الرئيسي عن ذلك.
ونتيجة لأزمة المناخ، قد يتناقص إنتاج القهوة مع مرور السنوات الأمر الذي سيؤثر على أسعار القهوة في العالم.
تقول المحللة جودي غينيس إن تكلفة حبوب القهوة غير المحمصة التي يتم تداولها في الأسواق العالمية قد وصلت الآن إلى مستويات قياسية.
فكيف وصلنا إلى هذه النقطة، وكيف سيؤثر ذلك على قهوتك الصباحية؟
ارتفاع أسعار القهوة في العالم.. جذور المشكلة!
في عام 2021، تسبب صقيع مفاجئ في البرازيل، أكبر منتج لحبوب أرابيكا في العالم، في إتلاف المحاصيل.
وكما تعلمون فإن أرابيكا هي واحدة من الحبوب التي تستخدمها الباريستا بشكل رئيسي.
ونتيجة لهذا النقص في الحبوب، اتجه المشترون إلى دول مثل فيتنام، التي تعد المنتج الرئيسي لحبوب روبوستا المستخدمة عادة في الخلطات الجاهزة.
لكن المزارعين هناك واجهوا أيضاً أسوأ جفاف شهدته المنطقة منذ ما يقرب من عقد.
ووفقاً لمستشار القهوة ويل فيرث من مدينة هو تشي منه في فيتنام، فإن تغير المناخ يؤثر على نمو نباتات القهوة، مما يؤثر بدوره على إنتاج الحبوب.
وبالتالي، اتجه المزارعون الفيتناميون نحو زراعة فاكهة دوريان العطرية الصفراء.
المخزون “يكاد ينفد”
وقد حظرت تايلاند واليابان وسنغافورة وهونغ كونغ استخدام فاكهة الدوريان في وسائل النقل العامة بسبب رائحتها، لكنها أصبحت شائعة في الصين.
المزارعون الفيتناميون، بدلاً من زراعة البن، اتجهوا إلى زراعة الدوريان للاستفادة من هذا السوق المتنامي.
وقد تضاعفت الحصة السوقية لفيتنام في سوق الدوريان الصيني تقريباً بين عامي 2023 و2024، ويُقدّر البعض أن المحصول يمكن أن يكون أكثر ربحية بخمس مرات مقارنةً بالقهوة.
ووفقاً لمنظمة البن الدولية، انخفضت صادرات البن “روبوستا” في يونيو بنسبة 50% مقارنةً بالعام السابق، والمخزونات الآن “تكاد تنفد”.
وقد برز المصدّرون في كولومبيا وإثيوبيا وبيرو وأوغندا، لكنهم لم يتمكنوا من إنتاج ما يكفي لتخفيف الضغط على السوق.
وتقول المحللة جودي غانيس إن هذا يحدث في وقت بدأت فيه الطلبات على روبوستا في الارتفاع، حيث تسعى الأسواق العالمية لزيادة العرض.
هذا يعني أن حبوب البن روبوستا وأرابيكا تُتداول الآن بالقرب من مستويات قياسية في أسواق المواد الخام.
“القهوة، إذا صنعتها في المنزل، لا تزال رخيصة جداً”
هل تؤثر هذه التحولات في الاقتصاد العالمي للقهوة على مختلف أسعار القهوة في العالم؟
من الممكن ذلك.
ويقول بول أرمسترونغ، بائع الجملة، إننا سنضطر لدفع المزيد من الأموال للقهوة قريباً. ويضيف أنه مع انتهاء بعض عقوده في الأشهر المقبلة، سيكون على المقاهي التي يتعامل معها أن تقرر ما إذا كانت سترفع التكاليف على عملائها.
ومع ذلك، يشير فيرث إلى أن بعض قطاعات الصناعة ستتعرض للخطر أكثر من غيرها.
أرمسترونغ يوضح أن القهوة التي تُنتج بكميات تجارية هي الأكثر تأثراً، لكنه يضيف أن ارتفاع الأسعار في السوق لا يعني بالضرورة ارتفاعاً في الأسعار بالنسبة للمستهلكين.
يقول فيليبي باريتو كروسي، الرئيس التنفيذي لشركة FAFCoffees في البرازيل، إن المستهلك يشعر بارتفاع الأسعار.
لكنه يرى أن هذا الارتفاع يعود بشكل أساسي إلى ارتفاع التكاليف مثل الإيجار والعمالة، وليس إلى تكلفة حبوب البن.
كما يشير إلى أن الفجوة السعرية بين البن عالي الجودة والبن منخفض الجودة أصبحت أقل بسبب ارتفاع تكاليف الأخير.
مساحات زراعة القهوة تتناقص
ووفقاً لكروسي، يُنتظر حصاد الربيع المقبل في البرازيل، التي تنتج ثلث القهوة في العالم، بترقب شديد، مشدداً أن الأمطار ضرورية لصحة النباتات ولعملية التزهير.
ولكن إذا كانت الأمطار قليلة، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض توقعات الإنتاج للموسم المقبل واستمرار الضغط على السوق.
وعلى المدى الطويل، يخلق تغير المناخ تحديات كبيرة لزراعة القهوة، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار القهوة في العالم.
ووفق دراسة أجريت في عام 2022 خلصت إلى أنه حتى لو قللنا بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة، فإن المساحات المثالية لزراعة القهوة قد تنخفض بنسبة 50% بحلول عام 2050.
إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد