
تعهدت دول الاتحاد الأوروبي، إلى جانب شركاء دوليين آخرين، بتقديم مساعدات بقيمة 5.8 مليار يورو (6.3 مليار دولار) لدعم سوريا، في خطوة تهدف إلى الاستجابة للاحتياجات الملحّة في البلاد، خلال مؤتمر بروكسل حول سوريا.
ووفقاً لما نقله وترجمه فريق تحرير منصة كوزال نت عن موقع “BBC Türkçe“، أعلنت كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، التي ترأست مؤتمر بروكسل حول سوريا، عن هذا الالتزام عبر حسابها على منصة “إكس”، مشيرةً إلى أن هذه المساعدات تأتي في مرحلة حساسة لدعم سوريا والاستجابة للاحتياجات الميدانية العاجلة.
وخلال افتتاح مؤتمر بروكسل حول سوريا، كشفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن رفع التزامات الاتحاد الأوروبي المالية المخصصة لعامي 2025 و2026 إلى 2.5 مليار يورو، لدعم السوريين في كلٍّ من سوريا وتركيا والعراق ولبنان والأردن.
وأكدت فون دير لاين أن السوريين، سواء في الخارج أو ممن يقررون العودة إلى بلادهم، بحاجة إلى مزيد من الدعم.
مؤتمر بروكسل حول سوريا.. الأول الذي تشارك به الحكومة السورية رسمياً منذ 9 سنوات!
وعلى خلاف المؤتمرات السابقة، شهد مؤتمر هذا العام، الذي عُقد في بروكسل، مشاركة رسمية من الحكومة السورية، حيث حضر وزير الخارجية السوري، أسعد حسن شيباني، ممثلاً عن دمشق.
وتُعد هذه المشاركة خطوة مهمة باتجاه تعزيز الشرعية الدولية للإدارة الجديدة في سوريا، كما تُنظر إليها كإحدى أولى المؤشرات على دخول البلاد في مرحلة ما بعد الحرب.
وتناول المؤتمر، الذي انعقد تحت شعار “الوقوف إلى جانب سوريا: تلبية الاحتياجات لتحقيق انتقال ناجح”، مناقشات حول العقوبات الأوروبية المفروضة على دمشق، وسط مطالبات من تركيا برفع هذه العقوبات دون شروط أو جدول زمني.
وعلى عكس النسخ السابقة، التي ركّزت على تقديم المساعدات للسوريين داخل البلاد وفي دول الجوار، تميز مؤتمر هذا العام بتوجيه الدعم ليس فقط للسوريين، بل أيضًا للدولة السورية نفسها، في خطوة تعكس تغيرًا ملحوظًا في النهج الدولي تجاه الأزمة السورية.
كالاس: ”يجب ألا ندخر جهداً
وقد عُقد مؤتمر بروكسل حول سوريا في وقت لا تزال فيه البلاد تواجه تحديات المرحلة الانتقالية، وسط استمرار الهشاشة على الصعيدين السياسي والاجتماعي. وتركزت المناقشات على آخر التطورات في سوريا، والخطوات الأولى في مسار الانتقال، والاحتياجات الضرورية لتحقيق تحسن اقتصادي واجتماعي، إلى جانب قضايا المساعدات الإنسانية ودور المجتمع الدولي في دعم البلاد.
وأكدت كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، التي ترأست المؤتمر، قبيل انعقاده، أن الاتحاد الأوروبي لا يزال ملتزماً بالوقوف إلى جانب الشعب السوري.
وشددت كالاس على أهمية المؤتمر باعتباره “لحظة تحمل مسؤولية كبيرة”، مضيفة: “يجب علينا بذل كل جهد ممكن لدعم عملية انتقال شاملة، تمنح جميع السوريين فرصة لإعادة بناء بلدهم بما يتماشى مع تطلعاتهم”.
وشهد المؤتمر مشاركة واسعة، لم تقتصر على دول الاتحاد الأوروبي، إذ حضر ممثلون عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بالإضافة إلى عدد من الدول الإقليمية، من بينها تركيا. وبلغ إجمالي الدول والمنظمات الدولية المشاركة أكثر من 40 جهة، ما يعكس الاهتمام الدولي بمستقبل سوريا ومرحلة ما بعد الحرب.
تركيا تريد رفع العقوبات
وقد مثَّل نائب وزير الخارجية نوح يلماز تركيا في مؤتمر بروكسل حول سوريا، حيث كان من المتوقع أن تركز أنقرة رسائلها حول ثلاثة محاور رئيسية.
ترى تركيا أن تحقيق الأمن الاقتصادي في سوريا يعدّ عنصراً أساسياً لاستقرار البلاد وأمنها، ومن هذا المنطلق تطالب برفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي خلال فترة حكم بشار الأسد. وتؤكد أنقرة ضرورة تنفيذ هذه الخطوة دون ربطها بأي شروط أو جدول زمني.
ومن المنتظر أن تنقل تركيا هذا الموقف خلال المؤتمر في بروكسل، إلى جانب التأكيد على أهمية إعادة إعمار سوريا كعامل رئيسي لتشجيع عودة اللاجئين إلى وطنهم، مع التشديد على الحاجة إلى دعم مالي واسع النطاق لهذا الغرض.
كما ستؤكد تركيا خلال المؤتمر على أهمية تحقيق الاستقرار والأمن المستدام في سوريا، مشيرة إلى أن أحد الشروط الأساسية لذلك هو تطهير البلاد بالكامل من أي وجود للعناصر الإرهابية.
هل سيرفع الاتحاد الأوروبي جميع العقوبات على الفور؟
وبعد انهيار نظام الأسد، أعاد الاتحاد الأوروبي النظر في سياسته تجاه سوريا، متبنياً نهج “خطوة مقابل خطوة”، وبدأ في تخفيف بعض العقوبات المفروضة منذ 14 عاماً.
وجاء قرار اتخاذ هذه الخطوة في يناير الماضي من قبل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، حيث كان القرار ذا طابع مبدئي وسياسي. وبعد استكمال الجوانب الفنية، تم اتخاذ أولى الخطوات الملموسة في نهاية فبراير، مع التركيز على قطاعات الطاقة والنقل والتمويل والمصارف.
يواصل الاتحاد الأوروبي اتباع خارطة الطريق الخاصة بالعقوبات المفروضة على سوريا، متبعاً نهج التخفيف التدريجي وفق شروط محددة.
وسيظل هذا النهج قائماً طالما استمرت الإدارة السورية الجديدة في اتخاذ خطوات إيجابية تتماشى مع توقعات الاتحاد الأوروبي. أما في حال تجاهلت سوريا هذه التوقعات أو اتخذت خطوات معاكسة، فمن المتوقع أن يتبنى الاتحاد الأوروبي موقفاً متشدداً، قد يشمل إعادة تفعيل العقوبات المخففة بالكامل.
يواصل الاتحاد الأوروبي فرض حظر الأسلحة على سوريا، ولا توجد في الوقت الحالي أي خطط لتخفيف هذه العقوبات.
كما ينطبق الأمر ذاته على الدائرة المقربة من الرئيس المخلوع الأسد ونظامه، إذ لا يزال الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 318 شخصاً ضمن هذا الإطار.
7.5 مليار يورو تم جمعها للسوريين العام الماضي
خلال المؤتمر الذي عُقد العام الماضي، تم جمع 7.5 مليار يورو لدعم السوريين.
وبالنظر إلى التغيرات الجذرية التي شهدتها البلاد، كانت توقعات الاتحاد الأوروبي من مؤتمر هذا العام أعلى مقارنة بالسنوات السابقة.
مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط، دوبرافكا سويتسا، صرّحت قبل انعقاد المؤتمر قائلة: “نحن أكثر تصميماً من أي وقت مضى على دعم السوريين في مرحلة الانتقال من المساعدات إلى التعافي”.
وأكدت سويتسا على أهمية المؤتمر هذا العام في تحفيز الجهود الدولية، ومساعدة السوريين على النهوض وإعادة بناء بلادهم.
ويُشدّد مسؤولو الاتحاد الأوروبي في كل مناسبة على أن الأزمة الإنسانية الحادة في سوريا لم تنتهِ بسقوط نظام الأسد.
من جانبها، قالت المفوضة الأوروبية لشؤون المساواة والاستعداد وإدارة الأزمات، هادجا لحبيب: “لدينا اليوم فرصة تاريخية للبدء من جديد، والتعافي، وإعادة الإعمار”.
وقدّم الاتحاد الأوروبي منذ عام 2011 أكثر من 37 مليار يورو لدعم السوريين داخل البلاد وفي دول الجوار.
إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.