تقرير: تدني الأجور وانعدام الأفق يفاقمان أزمة اقتصاد نظام الأسد

نشرت وكالة الأناضول الرسمية التركية أمس تقريرا تناولت فيه آخر مستجدات الحالة الاقتصادية الخانقة في مناطق سيطرة نظام الأسد في سوريا.

ووفقاً لما نقلته كوزال نت، فإن حياة السوريين في مناطق سيطرة النظام تزداد تعقيدا ،خاصة وأن معدل الأجور في مناطق سيطرة النظام، يبلغ ما يعادل 35 دولار فقط، وهو ما يشكل عجزا كبيرا أما متوسط النفقات الكلية للعائلات السورية والذي يقدر ب600 دولار شهريا.

الأزمة تفاقمت بعد أن تجاوز سعر الدولار عتبة ال 5 آلاف ليرة سورية، وهو ما انعكس على أسعار الوقود التي ارتفعت وأدت إلى ارتفاع مرافق لها في أسعار السلع، مما أدى إلى زيادة العبء الاقتصادي على كاهل المواطنين  في مناطق النظام.

ونوهت الأناضول إلى أن المواطن السوري يعاني أساساً من بُخس الأجور والرواتب بشكل كبير، إذ دفعت هذه الأزمات السكان إلى كارثة اقتصادية خانقة جعلتهم أمام عجز كبير عن توفير أبسط  حاجاتهم.

وقد أدى انخفاض قيمة الليرة السورية إلى هبوط معدل الرواتب إلى  أقل من 35 دولارا، كما أن  الأزمة الاقتصادية وما رافقها من غياب الاستثمارات وتراجع الصناعات تسبب في انعدام فرص العمل بشكل كبير.

نظام الأسد عاجز من خلق حلول لانهيار الليرة السورية

في المقابل، يقف نظام الأسد عاجزا دون تقديم أية حلول عملية أو علمية لتحسين الوضع الاقتصادي، رغم محاولته طيلة الأعوام الماضية وقف تدهور سعر صرف الليرة السورية عبر تشديد قبضته الأمنية والحصول على  العملات الأجنبية بطرق غير شرعية.

وفي حديثه للأناضول، قال الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، إن انخفاض قيمة العملة السورية تسبب في تدني معدل الرواتب إلى ما  بين 20 إلى 35 دولار، وهو مبلغ لا يذكر أمام الحد الأدنى الذي تحتاجه العائلات السورية لتوفير احتياجاتها الأساسية البالغ 600 دولار.

وشدد يونس  الكريم على أن هذه الفجوة  الضخمة بين متوسط الأجور الفعلي والمبلغ المطلوب لتلبية الاحتياجات الأساسية لا يمكن تغطيتها بالمساعدات الإنسانية، مؤكدا على أن تعثر عجلة الاقتصاد في البلاد لا تسمح للمواطن أن يلتحق في عمل ثان، للحصول على دخل إضافي لسد  هذا العجز ولو جزئياً.

وأشار الكريم إلى أن جميع الأرقام والإحصاءات الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية ومؤسسات المجتمع المدني، تشير إلى أن الوضع في سوريا أصبح كارثيا.

مؤسسات نظام الأسد تتجه إلى الإنهيار

وبحسب الخبير الاقتصادي السوري، فإن سوريا تتجه نحو المجاعة، في وقت تتجه فيه مؤسسات الدولة للانهيار بسبب عدم الرغبة في العمل الناجمة عن انخفاض الرواتب .

كما أدى افتقار النظام إلى حلول اقتصادية  عملية ولجوئه الدائم إلى تشديد القوانين المنظمة  للحوالات المالية بالعملات الأجنبية، إلى زيادة الضغط  والعبء على المواطنين.

وبحسب الكريم ، فقد دفع ت الأزمة الاقتصادية  بعض المواطنين إلى التوجه للانضمام إلى الميليشيات العسكرية  التابعة لروسيا بهدف المشاركة في حرب أوكرانيا، أو إلى  السفر إلى خارج البلاد بعد بيت بيوتهم وأملاكهم في سوريا.

وكشف الكريم النقاب عن عزم النظام  طرح موازنته للعام القادم البالغ قيمتها 16 تريليون ليرة سورية (3.2 مليارات دولار) من خلال قبضته الأمنية، عبر التشديد على التجار، وفرض قيود على طلب الدولار.

كما يعلق نظام الأسد آمالا كبيرة على قرار الفيتو الروسي الذي يهدف لإيقاف آلية المساعدات الأممية  التي تدخل البلاد عبر معبر باب الهوى الخارج عن سيطرته شمالي سوريا، من خلال تحويل تلك المساعدات للدخول عبر مناطق سيطرته لتسهم في تحقيق تحسنٍ على قيمة العملة السورية المحلية.

وأوضح الكريم، أن  نظام الأسد يجبر موظفيه على العمل تحت رقابة شديدة، وقد أدى ذلك إلى عمل الموظفين في الدوائر الحكومية  دون رغبة في ظل سطوة السلطة الأمنية، وهذا يعني أن العمل يسير بشكل سيء في مؤسسات الدولة الحكومية.

نظام الأسد يحاول حل المشكلة بطرق غير مشروعة وبتجارة المخدرات

وأضاف الكريم أن النظام يلجأ إلى حلول غير قانونية وغير شرعية، في ظل عجزه عن إيجاد الحلول المناسبة، مشيرا إلى أن نظام الأسد قد سمح  بضخ دولارات مزورة بدقة كبيرة، إذ يمكنها المرور من آلات عد النقود، وذلك بهدف زيادة كمية عرض الدولار في السوق، وبالتالي محاولة خفض قيمته أمام الليرة السورية.

ونوه الكريم إلى أن  نظام الأسد يعتمد على تجارة المخدرات وعلى رأسها مادة الكابتغون كأحد  الموارد التي تجلب العملات الأجنبية والصعبة، كما أن النظام يلجأ لمشاريع  يسميها بـ”مشاريع التعافي المبكر”، يقوم فيها باستقبال المشاهير من الفنانين وصناع المحتوى ويستعين  بأصحاب الأموال والتجارة  بهدف جذب الاستثمارات لمناطق سيطرته.

وأفاد أنه لا يمكن توقع مصير قيمة الليرة إلا بعد رصد كيفية تعامل النظام مع موازنته للعام المقبل، بالإضافة إلى وضع المعابر الحدودية وموارد التجارة بينها وبين المناطق الخارجة عن سيطرته في البلاد.

و في نهاية المطاف ،لم يستبعد الكريم أن يقف النظام بين خيارين رئيسيين أولهما السماح بتداول الدولار والعملات الصعبة بحرية أو التعرض لانهيار اقتصادي سيتسبب في وقوع مجاعة.

التعليقات مغلقة.