تسجيلات يلدز رمضان أوغلو عن اللاجئين السوريين والفلسطينيين!

تعد الكاتبة “يلدز رمضان أوغلو” من الكتاب والناشطين الذين لطالما اهتموا بقضايا اللاجئين وساهموا في الجهود المتعلقة بهذا المجال، حيث قام بزيارة المخيمات والتعرف على قصص اللاجئين ونقلها. 

ووفقاً لما نقله وترجمه فريق تحرير منصة كوزال نت عن صحيفة “يني شفق التركية”، في كتابها الجديد “سجلات”، تجمع يلدز رمضان أوغلو أحداثاً تتعلق بالسوريين والفلسطينيين على مدار العشرين عاماً الماضية.

ربما يكون الثمن الأثقل للعيش في هذه المنطقة هو الشهادة على الحروب المستمرة، والصراعات، والمجازر، والإبادات الجماعية، والهجرات التي تجري أمام أعيننا. 

كما يقول الشاعر إسماعيل أوزال: “كل شيء حدث وأنا أعيش، وليعلم الناس هذا/ العاصفة اندلعت وأنا أعيش”. ورغم ذلك، يواصل الكثير من الناس حياتهم بلا مبالاة، غير مكترثين بالعجز والبؤس القريبين منهم، متجاهلين أولئك الذين يكافحون ليعيشوا بكرامة.

يلدز رمضان أوغلو، كاتبة وناشطة، اشتهرت منذ زمن بمتابعتها لهذه الحروب والصراعات المرعبة، وقضايا التهجير واللاجئين، حيث تساهم في الأعمال التي تتناول هذا الموضوع وتوثق قصصهم وتدافع عنهم.

في كتابها الجديد *سجلات*، الصادر عن دار نشر إيز، جمعت أحداثًا مؤلمة أثرت في قلوبنا على مدى العشرين عامًا الماضية. الكتاب يحمل عنوانًا فرعيًا “الفلسطينيون والسوريون”، ويغطي في جزء خاص منه جذور الاحتلال في فلسطين وتاريخه الممتد على مدى 75 عامًا.

وتختصر يلدز نيتها من تأليف الكتاب بقولها: “تبوأت تركيا المرتبة الأولى كأكثر دولة تستضيف اللاجئين. نسأل الله أن يعودوا إلى ديارهم، ولكن حتى مع تحسن الأوضاع، من المتوقع أن يبقى عدد كبير منهم هنا. ينبغي أن نحوّل عملية الاندماج هذه إلى مكسب دون فقدان قيمنا الإنسانية، وذلك عبر الاستماع إلى بعضنا البعض، والتعمق في حقيقة الآخر وقصته. 

وتهدف السجلات في هذا الكتاب إلى تعزيز فهمنا ومعرفتنا ببعضنا البعض، وإلى المساهمة، ولو بقدر بسيط، في نشر السلام والإنسانية والتعايش المشترك في مواجهة القوى الإمبريالية، وإلى الوقوف ضد الكراهية والأحكام المسبقة والأفكار المترسخة في أذهاننا من الخارج.”

الكاتبة التركية يلدز رمضان أوغلو

 

يلدز رمضان أوغلو في كتابها: الوعي بالتوحيد هو الطريق الوحيد الذي سيقودنا إلى الخلاص!

*سجلات* هو كتاب يهدف إلى تجديد الذاكرة.
وتبدأ يلدز رمضان أوغلو حديثها بتذكيرنا بكيفية النظر إلى اللاجئين وأهمية الالتزام بمفاهيم *الأنصار* و*المهاجرين*، ولماذا يجب أن لا نتخلى عن هذه النظرة. وتواجه القارئ بحقيقة مفادها: “الإنسان فانٍ في هذا العالم، وليس مستقرًا بقدر ما نتصور. فكل إنسان في الدنيا ضيف ولاجئ مقارنة بأبدية دار الآخرة”.

وتُشير الكاتبة إلى أهمية وعي التوحيد لوقف نزيف الدم في الشرق الأوسط وإرساء مناخ السلام، حيث تقول: “أثار كتاب *صدام الحضارات* للمفكر السياسي الأمريكي هنتنغتون الكثير من الجدل، إلا أن مقالته *عصر الحروب الإسلامية* لم تُناقش كثيرًا، لكنها أصبحت واقعًا ملموسًا تقريبًا. يتطلب الأمر تفعيل الحوارات بين الفروقات الإثنية والمذهبية والثقافية في العالم الإسلامي، وبدء جهود لمنع الصراعات لتجنب الانجراف خلف الأحداث. إن تحويل هذه الاختلافات إلى تعاون وسلام من خلال وعي التوحيد وثقافة التسامح هو السبيل الوحيد لنجاتنا.”

وتذكر رمضان أوغلو أولئك الذين ينزعجون من وجود اللاجئين بتدفقات الهجرة التي شهدتها تركيا في القرن الأخير، فتقول: “بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، لجأ العديد من إخواننا الذين شعروا بالوحدة والظلم تحت الضغوط، إلى تركيا، آخر القلاع المحيطة بالعاصمة. ولم تقتصر الهجرات على بلاد محددة، إذ جاءت موجات من بلغاريا، البلقان، القرم، جزيرة كريت، القوقاز، أوزبكستان، وقيرغيزستان، وغيرهم كثيرون. 

وتوضح أن تركيا، خاصة في مناطق إيجة، والبحر المتوسط، ومرمرة، استقبلت مهاجرين من مختلف الأراضي العثمانية السابقة لأسباب متعددة. ومن الطبيعي أن يتوقع الناس في هذه الأرض كرم الضيافة والعطف، لأن إسطنبول هي عاصمة الجميع، والوطن الأم. لقد تعززنا وازداد تنوعنا بفضل القادمين، وأصبحنا أمة متكاملة بدلاً من أن نحصر أنفسنا في مفهوم ضيق للأمة. لكن عندما يتعلق الأمر باللاجئين السوريين، نجد أن معظم ردود الفعل السلبية تصدر من الجيل الذي وصل في الخمسين عاماً الماضية. لطالما تحدثوا عن الحياة الهادئة التي عاشوها في كريت، ومقدونيا، والبوسنة، ومدن أخرى، وعن تركهم لأراضي الأجداد وممتلكاتهم الثمينة. فهل ندرك ما تركه اللاجئون خلفهم من جمال وعمق وتاريخ في مدن مثل دمشق، وحلب، ودرعا، وحماة، وحمص، والبصرة؟ هل ندرك كيف يتألمون بداخلهم؟”

وتدعو رمضان أوغلو من خلال كلماتها إلى تجنب تهميش اللاجئين، بل إلى تذكّر المصير المشترك والتفاهم المتبادل بيننا.

كما تقدم رؤى مهمة حول ما يجب القيام به بخصوص اللاجئين السوريين، وتطرح بعض التقييمات الجوهرية حول كيفية التعامل مع هذه القضية.

اللاجئ من من منظور الفن

في كتابها، توثق رمضان أوغلو العديد من الأحداث والشخصيات التاريخية، بدءًا من موقف الرئيس أردوغان الشهير “وان منت” (دقيقة واحدة)، ومرورًا بقافلة الضمير، وصولًا إلى الطفل آيلان وأيضًا الطفل الحلبي عمران دقنيش، الذي بقيت صورته محفورة في الذاكرة وهو يجلس على كرسي الإسعاف البرتقالي بعد إنقاذه من القصف، وكذلك حادثة مافي مرمرة، وحتى السيدة الفلسطينية فوزية صدقي جابر، التي نصبت خيمة أمام منزلها في القدس الشرقية رافضة التخلي عنه للمحتلين، لتصبح رمزًا لحراسة القدس.
وتقدم يلدز رمضان أوغلو كذلك للقراء أعمالًا فنية مثل المعارض والكتب والأفلام السينمائية والمؤتمرات، التي ساهمت في إبقاء قضايا اللجوء وفلسطين حاضرة.

وتشير مرة أخرى بصوت عالٍ إلى ازدواجية معايير أوروبا، مهد الفاشية، دون أن تتجاهل الجهود الصادقة لبعض الأوروبيين الذين يمتلكون ضميرًا حيًّا. 

تتناول أيضًا حركة *الطريق مفتوح إلى فلسطين* التي قادها البرلماني البريطاني جورج غالاوي وأصدقاؤه، الذين انطلقوا من لندن في 6 ديسمبر/كانون الأول 2010، وزاد عددهم في كل محطة عبر أوروبا حتى وصلوا إلى إسطنبول في غضون عشرة أيام، ليصبحوا صوت الضمير ضد سياسات بلدانهم التي تؤجج النار في الشرق الأوسط.

وتسرد أيضًا هجمات إسرائيل على غزة في أغسطس/آب 2014، وكأنها كانت بروفة لما سيحدث بعد عشر سنوات. كما تشير إلى فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية في يناير/كانون الثاني 2006، الذي كان ذريعة للاحتلال للقيام بمزيد من الهجمات والمجازر. 

وعلى الرغم من تغير التواريخ، فإن الظلم الواقع على الفلسطينيين، وكذلك صمت دول العالم، لا يزال مستمرًا بنفس الوتيرة.

 

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

التعليقات مغلقة.