ما الخيارات المتاحة لحماية المجال الجوي السوري من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وإيران؟
مع تفاقم التوتر بين إيران والكيان الصهيوني وبلوغه مستويات غير مسبوقة من التصعيد، تتزايد المخاوف من انحدار المنطقة نحو مواجهة عسكرية شاملة، في وقت تعاني فيه السيادة والمجال الجوي السوري من انتهاكات متكررة ومتزايدة.
ووفقاً لما نقله فريق منصة كوزال نت عن تقرير أعده موقع تلفزيون سوريا، إثر الصراع المستمر بين إيران والكيان الصهيوني منذ الجمعة الماضي، تحول المجال الجوي السوري إلى ساحة مفتوحة لعمليات عسكرية تنفذها طهران وتل أبيب دون تفويض دولي أو إطار قانوني، في خرق سافر لمبادئ السيادة الوطنية وللقانون الدولي الذي يضمن حرمة أراضي الدول ويحظر الزج بها في الصراعات الإقليمية.
وفي ظل هذا الواقع، تواجه الحكومة السورية تحديًا متصاعدًا يتمثل في ضرورة بلورة استراتيجية قانونية ودبلوماسية محكمة، تتيح لها الدفاع عن سيادتها ومصالحها وعن المجال الجوي السوري أمام المجتمع الدولي، وتفرض قواعد واضحة تحمي المجال الجوي السوري من الاستخدام العسكري المتكرر، مع التأكيد على التزام دمشق التام بالحياد، واتخاذ خطوات عملية لتحصين أراضيها من تبعات هذا الصراع المتفجر.
وقد شهدت الأيام الأربعة الماضية تصاعدًا لافتًا في حدة المواجهات الجوية، لا سيما في الجنوب السوري، حيث تصدت الدفاعات الجوية الصهيونية لسلسلة من المسيّرات والصواريخ التي أُطلقت من إيران، وسقط عدد منها في محافظتي درعا والسويداء، إضافة إلى ريف طرطوس الساحلي، ما أسفر عن إصابات بين المدنيين وأضرار مادية جسيمة، ما يعكس اتساع رقعة الاستهداف ويزيد من هشاشة الوضع الإنساني والأمني في تلك المناطق.
توصيات قانونية لمواجهة انتهاكات المجال الجوي السوري
في هذا الصدد، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، في تصريح لموقع “تلفزيون سوريا”، إن ما تشهده سوريا اليوم يُعد انتهاكًا فاضحًا لسيادتها من قبل الطرفين، الإيراني والصهيوني، مؤكدًا أن كليهما نفذ عمليات عسكرية في الأجواء السورية دون أي تفويض رسمي من السلطات السورية، وهو ما يُعد سلوكًا مرفوضًا تمامًا ولا يمكن تبريره تحت أي ذريعة.
ودعا عبد الغني الحكومة السورية إلى إطلاق تحرك فوري وشامل عبر قنوات قانونية متعددة، وفي مقدمتها التوجه إلى مجلس الأمن الدولي استنادًا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تنص على حق الدول في الدفاع عن النفس، والمادة 35 لطلب إدراج هذه الانتهاكات ضمن جدول أعمال المجلس، نظرًا لما تشكله من تهديد مباشر للسلم والأمن الدوليين.
كما طالب الحكومة بالتقدم بطلب رسمي لعقد جلسة طارئة لمجلس منظمة الطيران المدني الدولي، من أجل بحث تداعيات عسكرة الأجواء السورية، والعمل على إنشاء ممرات جوية إنسانية محايدة تضمن سلامة حركة الطيران المدني وتحمي المسارات الجوية من المخاطر المتزايدة.
مطالبات بإقرار قرار دولي يُحيد سوريا عن النزاع
وأكد عبد الغني ضرورة أن تتقدم الحكومة السورية بمشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يكرّس حياد سوريا في هذا الصراع الإقليمي، ويُلزم جميع الدول بالامتناع عن استخدام أراضيها أو المجال الجوي السوري لشن أي أعمال عدائية.
كما دعا دمشق إلى مطالبة الأمم المتحدة بتفعيل اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974، واتخاذ إجراءات حازمة لمنع أي وجود أو نشاط عسكري أجنبي على الأراضي السورية، مشددًا على أهمية ملاحقة جميع الانتهاكات التي ترتكبها كل من إيران والكيان الصهيوني أمام الجهات القانونية الدولية المختصة، لضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب.
أردوغان يوصي الشرع بالوقوف على الحياد
وكشف موقع ميدل إيست آي، نقلاً عن مصدرين مطّلعين في أنقرة، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجّه نصائح إلى الرئيس السوري أحمد الشرع تدعوه إلى تجنّب الانخراط في التصعيد الدائر بين إيران والكيان الصهيوني.
ووفقًا للمصادر، شدّد أردوغان في اتصاله على ضرورة التزام الحذر والجاهزية، تحسبًا لأي تهديدات محتملة أو هجمات قد تنفذها جماعات إرهابية في ظل التوتر الإقليمي المتزايد.
وتتطابق هذه المعلومات مع ما أعلنته الرئاسة التركية قبل يومين، حيث أكدت أن أردوغان شدّد خلال اتصال هاتفي مع الشرع على أن دوامة العنف التي يتسبب بها الكيان الصهيوني تهدد أمن واستقرار المنطقة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أهمية بقاء سوريا خارج هذا الصراع.
دعوات لتحرك دبلوماسي أكثر فاعلية
من جانبه، اعتبر فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن التحركات الدبلوماسية السورية ما تزال دون المستوى المطلوب، ولا ترقى إلى حجم الانتهاكات والتحديات الراهنة.
ودعا عبد الغني إلى توسيع دائرة التنسيق مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، والعمل على تعبئة دعم دولي أوسع للضغط على جميع الأطراف المنتهكة للسيادة السورية.
ما تداعيات النزاع على المدنيين والاقتصاد السوري؟
وعن الأثر المباشر للتصعيد العسكري على الأراضي السورية، أوضح عبد الغني في تصريح لموقع “تلفزيون سوريا” أن المدنيين كانوا في قلب الخطر، حيث سُجلت إصابات في صفوفهم نتيجة سقوط طائرات مسيّرة، إلى جانب أضرار مادية لحقت بالممتلكات السكنية في مناطق مثل إنخل والصنمين بريف درعا، ما أثار حالة من الذعر بين سكان محافظتي السويداء ودرعا.
كما أشار إلى أن العمليات العسكرية أدت إلى اضطرابات ملحوظة في حركة الطيران المدني في المجال الجوي السوري، شملت إغلاق مسارات جوية تمر عبر العراق والأردن وصولًا إلى مطار دمشق الدولي، ما اضطر شركات طيران كبرى، منها الخطوط القطرية والإماراتية و”لوفتهانزا” و”إير إنديا”، إلى تغيير مسارات رحلاتها، متسببًا في خسائر للقطاع السياحي وتقييد حركة الزوار القادمين من دول الخليج.
ولفت إلى أن تعطل الملاحة الجوية أثّر سلبًا على إيصال المساعدات الإنسانية إلى الداخل السوري، في وقت تشير فيه بيانات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 16.7 مليون سوري، أي ما يقارب 70% من السكان، يحتاجون إلى شكل من أشكال الدعم الإنساني، ما يجعل استمرار هذه الاضطرابات الجوية عائقًا خطيرًا أمام تلبية الاحتياجات العاجلة للسكان.
أعاد تحريرها: عبد الجواد حميد
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.