وزير الإعلام السوري يقيم توقف الاشتباكات في السويداء وغارات الاحتلال

وزير الإعلام السوري يقيم توقف الاشتباكات في السويداء وغارات الاحتلال الإسرائيلي

في تعقيب له على توقف الاشتباكات في السويداء، قال وزير الإعلام السوري حمزة مصطفى إن الكيان الصهيوني يسعى إلى إنشاء كيان يشبه الكانتون في السويداء عبر الزعيم الدرزي المدعوم من قبلها حكمت الهجري، مؤكداً أن “الكيان الصهيوني لا يريد لسوريا أن تكون موحدة ومستقرة”.

ووفقاً لما نقله فريق تحرير منصة كوزال نت، جاءت تصريحات مصطفى في سياق تقييمه بشأن توقف الاشتباكات في السويداء الذي تم التوصل إليه في محافظة السويداء جنوبي البلاد، بالإضافة إلى تدخلات الكيان الصهيوني، والمباحثات الجارية مع ميليشيا “قسد” (التي تُعد امتدادًا لتنظيم PKK/YPG الإرهابي) في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه، فضلاً عن استعراضه لموقف الحكومة السورية، وذلك في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية الرسمية.

“التدخل العسكري في السويداء لم يكن مخططًا له”

وأوضح وزير الإعلام السوري، حمزة مصطفى، أن توقف الاشتباكات في السويداء جرى التوصل إليه بوساطة عدد من الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن “الهجمات الصهيونية الأخيرة على دمشق أوجدت أرضية للبحث عن حل سياسي. أما الحلول السياسية المطروحة في السويداء فكانت جميعها من مقترحات الدولة”.

وأكد مصطفى أن الحكومة السورية لم تكن تنوي إطلاق عملية عسكرية في السويداء، وأنه خلال الأشهر الستة الأخيرة أُجريت مفاوضات مع عدد من المجموعات السياسية والعسكرية، بما في ذلك مجموعة الهجري، وقد تم تقديم بعض التنازلات خلال هذه العملية، من بينها السماح لشباب السويداء بالمشاركة في ضبط الأمن.

وأشار إلى أن التوترات الاجتماعية المستمرة منذ سنوات بين الدروز والقبائل البدوية فجّرت الأزمة، مما وضع الحكومة أمام خيارين: إما التدخل، أو التزام الحياد وتحمل النتائج المحتملة. وأضاف: “في هذا السياق، لم تكن العملية العسكرية في السويداء عملية مخططة مسبقًا قبل التوصل إلى توقف الاشتباكات في السويداء”.

وشدد مصطفى على أن توقف الاشتباكات في السويداء لا يعتمد فقط على اتفاق مكتوب، بل يقوم بالأساس على تفاهم متبادل، موضحًا تفاصيل المراحل الثلاث للاتفاق:

  1. المرحلة الأولى: وقف الاشتباكات وسحب القوات الأمنية من مركز المدينة.
  2. المرحلة الثانية: إخراج الجماعات القبلية من المدينة، وإعادة تموضع الدولة في المناطق الريفية.
  3. المرحلة الثالثة: تلبية الاحتياجات الأساسية، مثل توفير الوقود والغذاء، وصيانة البنية التحتية للاتصالات والإنترنت.

وأشار إلى أن العناصر التابعة للهجري حاولت خرق الاتفاق في الأيام الأولى، إلا أن توقف الاشتباكات في السويداء بات أكثر استقرارًا في اليومين الثاني والثالث.

وأكد مصطفى أن الدولة تتعامل مع جميع المواطنين على قدم المساواة، وأنها واصلت إيصال المساعدات الإنسانية إلى السويداء رغم الخطابات العدائية، مضيفًا أن الدولة تتصرف من منطلق وطني وليس بعقلية الجماعات أو الطوائف.

وقال: “المجموعات مثل الهجري تسعى إلى فرض سرديتها الخاصة من خلال مواقف انفصالية وضيقة الأفق، وتتظاهر وكأنها تتحمل مسؤولية إيصال المساعدات، لكن المساعدات الإنسانية لم تتوقف رغم بعض المصاعب التجارية”.

وأضاف مصطفى أن الهجري يحتكر المساعدات الإنسانية بعد توقف الاشتباكات في السويداء ويوظفها لتحقيق مصالحه الشخصية، محذرًا من أن ذلك “يعرّض مستقبل السويداء للخطر”.

 وأضاف: “شعارات مثل ’حصار المساعدات‘ لا يمكن لأي سوري حقيقي أن يقبل بها. فهو يسيطر على المساعدات الحكومية ويستخدمها لشراء الولاءات ومعاقبة المعارضين”.

“بعد توقف الاشتباكات في السويداء..الطرف الذي يمنع دخول المساعدات بالكامل هو مجموعة الهجري”

أكد مصطفى رفضهم القاطع للخطابات الطائفية والدعوات التحريضية التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل الجماعات غير الشرعية، قائلاً: “رسالتنا واضحة. لا يجوز استغلال حياة المدنيين لتحقيق أي مكاسب سياسية. ويجب أن تبقى الخلافات السياسية خارج نطاق الحياة المدنية”.

وتعليقًا على الادعاءات بأن الحكومة السورية تفرض حصارًا على السويداء، أوضح مصطفى: “نحن ندعو المنظمات الدولية للدخول إلى المنطقة، ويتم إيصال المساعدات بالتنسيق معها. أما الطرف الذي يمنع دخول المساعدات بالكامل، فهو مجموعة الهجري. وما يسمى بـ’الحصار‘ يُستخدم لتحقيق أهداف سياسية انفصالية”.

 

“نتنياهو خاطر بالمنطقة من أجل مستقبله السياسي”

وفيما يتعلق بموقف “الكيان الصهيوني” من قضية السويداء، قال مصطفى: “(بنيامين) نتنياهو خاطر بمستقبل المنطقة من أجل مصالحه السياسية. قضية غزة أوصلت علاقات الكيان الصهيوني مع حلفائها الغربيين إلى حافة الانهيار الإنساني”.

وأضاف أن موقف “الكيان الصهيوني” من سوريا ليس جديدًا بل يمثل سياسة مستمرة منذ سنوات، قائلًا:

“الكيان الصهيوني لا ينظر بإيجابية إلى وجود سوريا جديدة، ولهذا تستمر في سياسة إبقاء سوريا في حالة تفكك وعدم استقرار. للأسف، بعض الأطراف الداخلية تدعم هذه السياسات الصهيونية بدوافع سياسية ضيقة. ولم يتدخل الكيان الصهيوني يومًا لحماية الدروز”.

وشدد مصطفى على أن الكيان الصهيوني، رغم دعمه لبعض الجماعات الدرزية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإنه يمارس عمومًا سياسة قمع تجاه الدروز، وقال: “يحاول الكيان الصهيوني نقل تجربته مع دروز الكيان الصهيوني إلى سوريا عبر هذه الجماعات”.

وأوضح أن الغالبية العظمى من الدروز السوريين لم تحوّل أنظارها عن دمشق، مؤكدًا: “كانوا يرون في الكيان الصهيوني دائمًا كيانًا محتلًا”.

“دور الولايات المتحدة في السويداء هو دور داعم”

أشار مصطفى إلى أن اهتمام الولايات المتحدة باستقرار سوريا يعود إلى المصالح المشتركة مع دمشق، مثل الهزيمة النهائية لتنظيم داعش، والحد من النفوذ الإيراني.

وأوضح أن سوريا دائمًا ما سعت للحفاظ على سيادتها، وتصر على التعامل مع الآخرين على أساس الاحترام المتبادل، قائلاً: “دور الولايات المتحدة في السويداء هو الدعم والمساعدة فقط”.

“بعد توقف الاشتباكات في السويداء الحكومة تملك الشجاعة والقدرة على الاعتراف بأخطائها”

وفيما يخص الانتهاكات التي وقعت خلال الاشتباكات بين العشائر والمجموعات الدرزية المسلحة في السويداء، صرّح مصطفى: “معظم مقاطع الفيديو المتداولة لا تتعلق بقوات الحكومة، لكن إذا ثبت وجود انتهاكات من جانب الدولة، فإن الكشف عنها أمر في غاية الأهمية. كل مواطن سوري له قيمة في سوريا الجديدة، وفقدانه يعني خسارة للوطن بأكمله”.

وأشار إلى أنه بناءً على توجيهات الرئيس أحمد الشرع، يُبحث إنشاء “لجنة لتقصي الحقائق” للتحقيق في تلك الانتهاكات، وقال: “الحكومة تملك الشجاعة والقدرة على الاعتراف بأخطائها”.

“يجب ألا يُستثنى الإعلام من المشهد”

أكد مصطفى على حق وسائل الإعلام في الوصول إلى الأحداث والمناطق، وقال:

“استبعاد الإعلام أو التعامل معه بانتقائية خلال الأحداث قد يخدم بعض الجماعات على المدى القصير، لكنه غير فعال على المدى الطويل. نحن حكومة منبثقة من الشعب وتعمل من أجله، ونؤمن بحرية الصحافة والتغطية الصادقة. وقد وثّقت وسائل الإعلام الانتهاكات التي حصلت”.

وأشار إلى أن سوريا تمر بمرحلة انتقالية صعبة، والدولة والجيش النظامي في طور إعادة البناء، وأضاف: “نُدرك أن الانقسامات المجتمعية تولد الكراهية والعداوة، ولهذا شجبنا الانتهاكات بشكل واضح، ودعونا إلى المحاسبة الفورية، وفعّلنا آليات المساءلة”.

“لا مكان لكانتونات طائفية في سوريا”

لفت مصطفى الانتباه إلى مساعي الجماعات غير الشرعية لإنشاء كانتونات ذات طابع طائفي، قائلًا: “هذه القضية لا تخص الحكومة وحدها، بل تهم الشعب السوري بأسره، ولا يمكن أن تكون محل مساومة. فقد حافظ الشعب السوري خلال الثورة على وحدة البلاد الجغرافية والاجتماعية دائمًا”.

وأضاف أن الدولة لا تزال متمسكة بإيجاد حل لأزمة السويداء، مؤكدًا: “فصل السويداء عن سوريا أمر غير ممكن، لا من الناحية التاريخية ولا من الناحية الاجتماعية”.

اندماج الشمال الشرقي

تحدث مصطفى عن الاجتماعات التي عُقدت في باريس مع تنظيم PKK/YPG الإرهابي، الذي يستخدم اسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مشيرًا إلى أن الهدف منها كان الضغط على التنظيم للالتزام باتفاق 10 آذار، قائلًا: “وفقًا لهذا الاتفاق، كان من المقرر اتخاذ خطوات تدريجية. وقد أوفت الدولة السورية بالتزاماتها شرق الفرات كما فعلت في السويداء”.

وأضاف: “تقول قوات قسد إنها ما زالت ملتزمة بالاتفاق، لكن لا يوجد أي تقدم على الأرض حتى الآن”.

وتطرق إلى موقف تركيا الداعم لوحدة سوريا ورفضها لوجود التنظيم الإرهابي في الشمال السوري، قائلًا: “هذا الموقف ليس موقفًا عابرًا، بل هو موقف دائم لحكومات تركيا. ولهذا، هناك فرصة سياسية لقسد. يجب التوصل إلى اتفاقات تضمن دورًا فعّالًا لها في مستقبل سوريا. ويتطلب ذلك ثلاثة شروط أساسية: دولة واحدة، حكومة واحدة، وجيش واحد”.

واختتم قائلًا: “رغم التعبير عن ’نوايا حسنة‘ خلال الاجتماعات، فإن التطبيق العملي لا يزال ضعيفًا. المفاوضات لم تنتهِ بعد، لكن لم يتحقق أي تقدم ملموس”.

 

“يجب دائمًا الإصغاء لصوت العقل”

كما أوضح مصطفى أن زوال الأنظمة القمعية يكشف عن أفضل وأسوأ جوانب المجتمعات، وقال: “نحن نكافح اليوم آثار الانفجار المجتمعي السلبي. ولهذا، من الضروري دائمًا التوجه إلى الحلول السياسية والإصغاء لصوت العقل”.

وأضاف أن نضال الشعب السوري من أجل الحرية أتاح فرصة تاريخية، مؤكدًا: “لن تكون سوريا يومًا حكرًا على فئة أو طائفة أو لون واحد. هذه حقيقة لا نقاش فيها”.

وشدد مصطفى على أن الطريق نحو سوريا موحدة لا يمر إلا عبر الحلول السياسية، وقال: “هذه المسألة ليست مجرد سياسة حكومية أو استراتيجية وزير أو حتى اتفاقات دولية، بل ترتبط مباشرة بوجود الشعب السوري واستمرار الدولة”.

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.