مسلسل ليلى ومجنون…دراما تركية لكن من دون ملل هذه المرة!
الدراما التركية كما عوّدت جمهورها من المتابعين، تبدأ بشحنة حماسية في الحلقات الأولى، وبكثرة الحركة والأحداث بسرعة انتقال لطيفة بين المشاهد، فمن المفترض بالعرف الدرامي أن تُسخّن الأحداث صعوداً إلى درجة الغليان إن جاز التعبير، بمعنى أدق من الهدوء إلى الذروة التي تمثّل عادة العقدة، التي تلهب حماسة الجمهور، إلا أنّ الدراما التركية تفعل العكس في كثير من الأحيان، فلابدّ من ضريبة الملل وكثرة الكلام دون تطور في الأحداث، بما لا يقل عن عشر حلقات من 80 دقيقة إلى ساعتين في متوسط مدة الحلقة الواحدة، وهو ما لم يكن في مسلسل ليلى ومجنون التركي!
وقد انتقى فريق كوزال نت، لمتابعيه هذا المسلسل التركي الذي يجمع بين الفكاهة والحركة وسرد القصة، ولا نبالغ في القول: إن مسلسل ليلى ومجنون كسر القاعدة هذه المرة، وإن بدا للوهلة الأولى باسم تقليدي لا يدل على قصة الحب المشهورة.
وبالمعنى المعاصر براند الحب، لكن من الأفضل هنا عدم التسرع بالحكم قبل قراءة موجز مقدم من فريق كوزال حول المسلسل.
مسلسل ليلى ومجنون ” Leyla ile Mecnun”
يحكي المسلسل قصة نشأة الابن الوحيد لعائلة من الطبقة المتوسطة، يكبر مجنون مع تجاربه مع عائلته، وعلاقاته مع أصدقائه، وصعوبات الحياة، ولكن الأهم من ذلك كله أنه ينمو بالحب، يقع مجنون في الحب، ويخسر، ويخطئ، ويحزن، ويتغير باستمرار.
القصة مبنية على أسطورة عربية كلاسيكية( طبعًا بحسب النقاد الأتراك) فهي حقيقية بالثقافة العربية، عندما لا يتمكن كل من ليلى ومجنون من الالتقاء، يصاب مجنون بالجنون! ويلقي بنفسه في الصحراء ويكتسب اسم مجنون، لكن في مسلسل ليلى ومجنون، تجري الأحداث في كيرتش بورنو بإسطنبول، ويرمي مجنون نفسه مرة على الشاطئ، ومرة عند البقال إردال متذمراً، وأخرى على الأريكة
وربما لهذا السبب بدت شخصية مجنون صادقة للجمهور.
يوضح مجنون أنه درس إدارة الأعمال في التعليم المفتوح، لكن لم يُكتب في الدبلوم أنه تعليم مفتوح، يطلب من والده مصروف الجيب اليومي ليس لأنّه مدلل، ببساطة لخوفه من الدخول في الحياة التجارية وتحمل المسؤولية.
لماذا انتهى مسلسل ليلى ومجنون “Leyla ile Mecnun“؟
هذا السؤال يجعلنا جميعا نتساءل: لماذا انتهت مسلسل ليلى ومجنون؟ لأن المسلسل انتهى بسرعة دون أن يصل إلى نهاية في حد ذاته، ويزعم المنتج إن المسلسل أوقفته قناة “TRT“.
ولكن هذا القرار المفاجئ قد لا يكون مفاجئا للغاية، لأنه من الأساس كان من المثير للاهتمام أن يجري بث مسلسل نقدي مثل ليلى ومجنون على قناة “TRT”.
ولعل تركيز المسلسل على العنف ضد المرأة وحقوق الحيوان والتلوث البيئي وحماية الطبيعة يمكن أن يكون مقبولاً أيضًا، لكن انتقادات المسلسل لم تقتصر على هذا، فالمسلسل تطرق إلى العديد من القضايا مثل ارتفاع أسعار البنزين والصعوبات الاقتصادية والظلم الاقتصادي، وفي إحدى الحلقات تعرض الجمود البيروقراطي في “TRT” للانتقاد.
ما رأيكم أن نقيسَ المسلسل بمسلسل دكتور هو ؟
أعتقد أن المسلسلين التلفزيونيين “ليلى ومجنون” و”دكتور هو” لديهما ميزات مماثلة، حاولت العناصر الدرامية في مسلسل ليلى والمجنون أن تحكي قصة حب دون المبالغة أو التقليل من جرعة الفكاهة، حدثت هذه القصة في إسطنبول الحديثة ما يجعلها تحاكي الواقعَ فعلاً في تصويره المشكلات الطبقة المتوسطة اليوم.
وفي الوقت نفسه، تطورت جميع الشخصيات في المسلسل طوال السلسلة، حيث اصطدم كل منهم بالظلال وخطوط الصدع في حياتهم، قدمت السلسلة أيضًا إيماءات للثقافة متعددة وغنيّة، وشاركت شخصيات تاريخية مثل دوستويفسكي وفضولي وإديسون في المسلسل، بالإضافة إلى مسرحيات شكسبير وقصائد أخرى لا حصر لها.
ولم يكن هناك سوى قوتين يمكنهما تجميع مثل هذه القصة الضخمة معًا، وإذا كانت الأولى من هذه الفكاهة، فإن الثانية كانت السخافة، وأظهر ليلى ومجنون أن المسلسلات التلفزيونية التركية الشهيرة لا يجب أن تظل عالقة في روايات قديمة مبنية على محتوى مُتكلف وعنيف.
القصة الحقيقية لليلى والمجنون
ما هي قصة ليلى ومجنون الحقيقية ؟ هل ليلى ومجنون حكاية شعبية ؟ كيف نُقلت هذه الحكاية الشعبية إلى مسلسل ليلى ومجنون؟
ليلى والمجنون واحدة من أشهر قصص الحب في أدب الشرق الأوسط وغالباً ما تعتبر أسطورة ترمز إلى طبيعة الحب الغامضة والعاطفية، تعود أصول قصة ليلى ومجنون إلى القرن السابع.
ومع ذلك، فقد أعيد سرد القصة وبنسخ مختلفة من قبل شعراء وكتاب متنوعين على مر القرون، إحدى أشهر النسخ كتبها الشاعر الفارسي نظامي الكنجوي في القرن الثاني عشر.
في أي ثقافات ظهرت قصة ليلى ومجنون؟
الشرق الأوسط: القصة شائعة بشكل خاص في العالم العربي والثقافة الفارسية والعالم الإسلامي بشكل عام، وتعرف باسم “ليلى والمجنون” باللغة العربية.
الثقافة الفارسية: النسخة المكتوبة باللغة الفارسية لنظامي الكنجوي هي من أشهر نسخ القصة ولها مكانة مهمة في الأدب الفارسي.
جنوب آسيا: تحظى القصة بشعبية كبيرة أيضًا في الهند وباكستان، وقد أعيد سردها عدة مرات بلغات هذه المناطق.
الثقافة التركية: تحظى القصة أيضًا بشعبية كبيرة في تركيا وأذربيجان ويوجد العديد من الإصدارات المختلفة باللغة التركية.
مميزات القصة:
الحب والفراق: تحكي القصة عن الحب العميق بين ليلى ومجنون والعقبات الاجتماعية التي تواجههما. تفصلهم عائلاتهم ومجتمعهم عن بعضهم البعض، مما يترك “مجنون” يتجول في الصحراء كعاشق مجنون، بينما تتعامل “ليلى” مع آلامها الداخلية.
نقطة الالتقاء مع المسلسل التركي “Leyla ile Mecnun”
ظلت ليلى ومجنون قصة انتشرت في العديد من الثقافات واللغات على مر القرون، ويجري إعادة تفسيرها وإعادة سردها باستمرار، لدرجة أنّها استُهلكت أكثر مما ينبغي، إنها قصة تعكس الاهتمام العالمي للناس بالحب والتضحية والسعي الروحي في مناطق جغرافية وأزمنة مختلفة.
تظهر عدم قدرة ليلى ومجنون على الالتقاء معًا، ويتعرف مجنون على نفسه بشكل أفضل وينضج بفضل آلام الحب التي عانى منها، والجد الغامض ذو اللحية البيضاء الذي يساعده؛ إنه يذكرنا بقصة ليلى ومجنون الحقيقية.
خاطرة فريق كوزال مستوحاة من المسلسل
الألم بلا شك يصنع الإنسان الحقيقي، والمظهر الفكاهي لا يعني بالضرورة الاستهتار واللامبالاة، وعدم تحمّل المسؤولية، في الحقيقة إنّه تحدي مبطن لمشكلات الحياة، تؤتي أُكلها أكثر مما يحققه العنف، والحب ليس مجرّد تعلّق بالطرف الآخر فحسب، فقد يكون صورة قوية من صور الانتصار.
التعليقات مغلقة.