هجرة عكسية من النازحين الفلسطينيين في رفح وسط خوف من هجمات جديدة للاحتلال

يشهد جنوب قطاع غزة حركة هجرة عكسية من النازحين الفلسطينيين في رفح في الأيام الأخيرة، حيث كثفت مؤخرا قوات وطائرات الاحتلال الصهيوني قصفها الجوي وهددت بشن هجمات برية على المدينة.

ووفقاً لما نقله وترجمه فريق كوزال نت عن وكالة الأناضول التركية، يتوجه آلاف النازحين الفلسطينيين في رفح، الذين اضطروا للهجرة إلى المناطق الجنوبية من قطاع غزة، التي ادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أنها “آمنة” بعد الهجمات التي شنها على المنطقة قبل 4 أشهر، إلى المناطق الوسطى من قطاع غزة، حيث تعاني المنطقة نقص في الاحتياجات المعيشية الأساسية، وذلك خوفاً من الهجمات العشوائية التي تهدد قوات الاحتلال الصهيوني بشنها على رفح.

خوف النازحين الفلسطينيين في رفح يدفعهم للهجرة العكسية داخل حدود قطاع غزة

الآلاف من الفلسطينيين الذين هربوا من هجمات القوات الصهيونية في المناطق الشمالية والوسطى إلى رفح خلال اليومين الماضيين يتجهون إلى مخيمات دير البلح والبريج والمغازي والنصيرات في وسط قطاع غزة، حيث يعيشون الآن في خوف من هجمات الاحتلال الفاصلة ونقص حاد في الاحتياجات الأساسية للحياة في هذه المناطق.

وذكر شهود عيان أن الفلسطينيين يغادرون رفح عبر شارع الرشيد الذي يربط قطاع غزة من الشمال إلى الجنوب ، وذلك باستخدام السيارات وعربات الحمير.

“هذه هي المرة الخامسة التي يتم فيها تهجيرنا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية الصهيونية على قطاع غزة”

أحد النازحين الفلسطينيين في رفح عمر زين الدين البالغ من العمر 33 عامًا والذي نزح من مكانه في غزة قال في تصريحات لمراسل وكالة الأنباء الأناضول إنه قرر الانتقال إلى مدينة دير البلح مع عائلته بسبب تزايد القصف وخوفًا من هجمات برية في رفح.

وقال زين الدين: “هذه المرة هي المرة الخامسة التي يتم فيها نزوحنا منذ بداية الهجمات الصهيونية على قطاع غزة. أولاً من مدينة غزة إلى منطقة الزوايدة (وسط قطاع غزة)، ثم إلى دير البلح، ومن ثم إلى خان يونس، وبعد ذلك إلى رفح على الحدود المصرية، والآن سنعود إلى دير البلح”.

وقام زين الدين بفك خيمته في رفح التي كان يعيش فيها بجوار الحدود المصرية مع زوجته وخمسة أطفال، وقام بتحميل جميع الأشياء التي يمكن أن يحملها على عربة الحمير بما في ذلك الحطب الذي يمكن استخدامه للتدفئة، استعدادًا لرحيله مجددًا إلى دير البلح.

“أخشى أن تحدث مذبحة هناك”

نعيم الصفدي، أحد الفلسطينيين الذين انتقلوا من رفح إلى مخيم النصيرات قرر العودة بعد شهر من رحيله عن منطقة سكنه، وهو أحد الفلسطينيين الذين تشردوا بسبب الهجمات الصهيونية في غزة.

الصفدي قال: “تم تدمير منزلي في النصيرات، وسأعود إلى هناك لأقيم خيمتي فوق أنقاض منزلي. أخشى من وصول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى رفح في وقت قصير وخوفًا من أن يقوموا بمجزرة هناك”.

وأوضح الصفدي أنه استطاع العثور على شاحنة يديرها صاحبها بزيت الطهي بسبب نقص الوقود، ورغم كون التكلفة العالية فإن ذلك ساعد في تسريع رحيلهم من مكانهم.

الصفدي، أثناء تحدثه عن انتقاله إلى النصيرات، أشار إلى أنه دفع حوالي 450 دولارًا لصاحب الشاحنة لنقله، قائلاً: “هذا المبلغ 25 مرة أكثر من السعر الذي كان عليه قبل الحرب، ولكن ليس هناك خيار آخر لأن زوجتي مريضة ولا يمكنني نقلها بواسطة عربة الحمار.”

وبينما بدأ الصفدي رحلته المحفوفة بالمخاطر مع الأمتعة التي حملها في الشاحنة، أعرب عن قلقه من نقص الغذاء في النصيرات ووسط قطاع غزة.

وتعتبر كثرة عدد النازحين الفلسطينيين في رفح والتي وصلت إلى 1.4 مليون نسمة، جنبًا إلى جنب مع قيود الاحتلال الصهيوني على دخول المساعدات إلى قطاع غزة، سببًا في عدم توجيه مساعدات كافية إلى منطقة وسط  قطاع غزة.

إذا قرر جميع الفلسطينيين النازحين من رفح الانتقال إلى وسط قطاع غزة، فإن المنطقة، التي تتألف بشكل كبير من مخيمات اللاجئين الضيقة والتي تتسم بمساحة صغيرة، لن تكون كافية لاستيعاب عدد كبير من الأفراد.

بالإضافة إلى نقص المساحة، قد يتعرض وسط قطاع غزة لضغط كبير في حالة وجود تدفق عكسي للهجرة من رفح، حيث لن يكون من الممكن توفير الخدمات لعدد كبير من الأفراد.

وشهدت مدينة رفح هجمات إسرائيلية عنيفة في 12 فبراير، أسفرت عن وفاة وإصابة العديد من الفلسطينيين.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت من وقوع هجمات على رفح

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد حذرت من أن هجوم الكيان الصهيوني المحتمل على مدينة رفح قد يكون له آثار خطيرة على النازحين الفلسطينيين في رفح، وشددت على أهمية حماية المدنيين.

وفي البيان، جاء التنويه بأن “الكيان الصهيوني كقوة احتلال تحمل مسؤولية ضمان تلبية احتياجات السكان المدنية وفقًا للقانون الدولي.”

وأُشير في بيان اللجنة إلى أن التهجير القسري يعتبر ممنوعًا وفقًا للقانون الإنساني الدولي، وأن استخدام الأفراد كدروع بشرية والهجمات العشوائية التي تؤدي إلى الوفيات والإصابات، ومقتل العديد من المدنيين، تعد مخالفة للقانون الإنساني الدولي أيضًا.

وشدد البيان على ضرورة ضمان سلامة وصول المدنيين خلال عمليات الإجلاء، وتوفير الشروط الضرورية من حيث التنظيف والصحة والأمان والغذاء، وأهمية عدم فصل أفراد العائلة عن بعضهم البعض، مع التأكيد على ضرورة عودة النازحين إلى منازلهم عند انتهاء الهجمات.

ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، بلغت السكان النازحين الذين يبحثون عن مأوى آمن بمدينة رفح في الفترة الأخيرة 1.4 مليون نسمة، بما في ذلك معظمهم من الفلسطينيين الذين نزحوا هربًا من هجمات الاحتلال الصهيوني.

الخطة الصهيونية لمهاجمة منطقة رفح

قوات الاحتلال الصهيوني، التي قتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين في هجماتها واحتلالها لقطاع غزة، أجبرت معظم سكان المناطق الشمالية والوسطى في المنطقة على التجمع في مدينة رفح عند الحدود مع مصر.

وكانت سلطات الاحتلال قد أعلنت أن المنطقة الجنوبية آمنة للسكان الشماليين خلال هجماتها، فيما تسعى الآن إلى احتلال المنطقة الجنوبية من البر وتجبر السكان على مغادرتها بالقوة.

وحذر المجتمع الدولي الكيان الصهيوني من أن هجومًا شاملاً على رفح سيؤدي إلى مأساة جديدة وكبيرة.

ومنذ حرب الإبادة الجماعية التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتلت القوات الصهيونية ما لا يقل عن 28 ألفاً و663 فلسطينيًا، بينهم 12 ألفاً و300 طفل و8 آلاف و400 امرأة، فيما أصيب 68 ألفاً و395 شخصًا.

 ورغم الإبلاغ عن وجود آلاف الشهداء تحت الأنقاض، فإن المستشفيات والمؤسسات التعليمية التي يلجأ إليها الناس تتعرض للقصف ويتم تدمير البنية التحتية المدنية.

إعداد وتحرير: عبد الجواد أمين حميد

التعليقات مغلقة.