الاشتباكات بين ميليشيات قسد والعشائر العربية في سوريا: هل هناك أسباب أخرى للصراع؟

لا تزال الاشتباكات بين ميليشيات قسد والعشائر العربية، مستمرة رغم مرور أكثر من أسبوع على بدئها، لا سيما في أرياف الحسكة والرقة ومنبج.

ووفقاً لمتابعة فريق كوزال نت، ما زالت الاشتباكات مستمرة بين ميليشيات قسد أو ما يعرف بـ قوات سوريا الديمقراطية، التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تتشكل أساسًا من قبل وحدات حماية الشعب الكردية “YPG” والتي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية، وبين قبائل عربية منذ 27 أغسطس/آب 2023 في محافظة دير الزور في شرق سوريا.

الاشتباكات التي شهدت مشاركة متزايدة من قبائل عربية تستمر بشكل خاص في ريف الحسكة والرقة ومنبج.

وبحسب موقع “euronews” الأوروبي، فإن الاشتباكات الأخيرة تهدد التوازنات الحساسة في المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية بشكل جدي.

وتُعرف ميليشيات قسد باعتبارها قوة مهمة تم تصويرها على وجه الخصوص من قبل الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة في عام 2019 بأنها قوة هزمت تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” الإرهابي.

الأوضاع في دير الزور ما قبل اندلاع الاشتباكات بين ميليشيات قسد والعشائر العربية

وتقع محافظة دير الزور، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية والتي تضم أغلبية عربية، على الحدود مع العراق وتُقسم إلى قسمين بواسطة نهر الفرات.

وتستضيف هذه المحافظة عددًا كبيرًا من القبائل العربية، ومعروف أن بعضها شارك في صفوف ميليشيات قسد في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي “داعش”.

الأسباب الكاملة وراء اندلاع الاشتباكات بين ميليشيات قسد والعشائر العربية

وعند السؤال عن القوى العسكرية المتواحدة في دير الزور، نجد أن السيطرة على دير الزور تنقسم بين ميليشيات قسد المدعومة من الولايات المتحدة شرق نهر الفرات ووكلائها، وقوات النظام السوري المدعومة من إيران في الغرب ومقاتلين من العراق وأفغانستان وباكستان.

كما أن المنطقة الحدودية تبرز كجزء من طرق تهريب مهمة للمقاتلين والأسلحة والمخدرات والسلع الاستهلاكية.

ميليشيات قسد، والتي تتألف من مقاتلين أكراد وعرب وأرمن وغيرهم، انتزعت معظم مدينة دير الزور بعد سلسلة من العمليات التي نفذتها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.

وتسيطر هناك الإدارة الكردية شبه الذاتية على مناطق شمال وشمال شرق سوريا من خلال مجالس محلية وعسكرية محلية بهدف تلبية احتياجات العرب المقيمين في المنطقة.

وعلى إثر ذلك، كانت هناك اجتماعات منتظمة حتى الآن بين مسؤولي ميليشيات قسد والقبائل العربية وزعمائها.

وقد بدأت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة،-التي دخلت سوريا في عام 2014 لدعم مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية-، في إقامة قواعد عسكرية في شرق نهر الفرات.

وتنفذ خلايا تنظيم داعش في المحافظة هجمات بشكل خاص من ملاذاتها في الصحراء ضد ميليشيات قسد وقوات جيش نظام بشار الأسد.

الحدث الذي دفع إلى اندلاع الاشتباكات بين ميليشيات قسد والعشائر العربية

في 27 أغسطس/آب، اعتقلت قوات “YPG”رئيس مجلس دير الزور العسكري المرتبط بقوات ميليشيات قسد، والمعروف أيضًا باسم أحمد الخبيل والمعروف باسم أبو خولة.

ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من لندن مركزاً له ويمتلك شبكة إعلامية واسعة في المنطقة، بدأت ميليشيات غاضبة تابعة للخبيل بشن هجمات على ميليشيات قسد وأدت هذه الهجمات إلى اندلاع اشتباكات في العديد من القرى والبلدات.

ووفقًا للمرصد السوري، تصاعد التوتر في المنطقة بعدما عبرت بعض الميليشيات الموالية لنظام الأسد نهر الفرات وانضمت إلى الاشتباكات.

وأفاد المرصد حبأن العديد من الأشخاص قتلوا في الاشتباكات، بما في ذلك أعضاء ميليشيات قسد بما في ذلك المقاتلين الموالين للخبيل والقبائل العربية.

وفيما يتعلق بالوضع الحالي، أعلنت ميليشيات قسد حظر التجول لمدة 48 ساعة في المنطقة منذ يوم السبت، وفي إعلان جديد صدر عنها أمس، طالبت المدنيين بمغادرة آخر بلدة تم تحديدها حيث ينتشر فيها مسلحون صنفوا على أنهم أعداء.

وأعلنت سفارة الولايات المتحدة في سوريا، التي تعمل خارج البلاد، في بيان لها الأحد أن اثنين من كبار المسؤولين أجروا اجتماعًا مع ممثلي ميليشيات قسد وقادة العشائر العربية في المنطقة بهدف تهدئة التوتر في أقرب وقت ممكن.

لماذا اندلعت الاشتباكات مع القبائل العربية؟

تنفي ميليشيات قسد وجود أي خلاف مع قبائل عربية في المنطقة وترى أن معظم الاشتباكات بدأت من قبل “عناصر من نظام الأسد وبعض الأشخاص الذين يستفيدون من الحبيل”. 

كما تدعو قيادة المليشيات سكان المنطقة إلى “عدم الانجراف إلى الصراعات”.

وبينما تشير وسائل الإعلام الحكومية السورية إلى أن الاشتباكات تقع بين ميليشيات قسد وقبائل عربية، وتصف صحيفة الوطن اليومية، المقربة من النظام السوري، الميليشيات المحلية بأنها “قوى قبلية عربية”.

أكد الناشط عمر أبو ليلة، الذي يدير منصة إعلامية تحمل اسم “دير الزور24“، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية (AFP) أنه في الواقع لا توجد أي مجموعة معروفة باسم “قوى قبلية عربية”، وأن بعض قادة القبائل يعملون مع قسد بينما يتعاون آخرون بصمت مع النظام السوري.

وأضاف عمر أبو ليلة: “ما يجري اليوم هو نتيجة لتحريض أطراف داخلية وخارجية معينة على إشعال الفوضى، فلو كانت جميع القبائل العربية قد توافقت حقًا على معارضة قسد، لما كانوا ما زالوا يتواجدون في دير الزور”.

وأكد أبو ليلة أن الصراع  بدأ بشكل خاص على يد الأشخاص المقربين من الخبيل، والذين استفادوا من التهريب، وخاصةً من الأشخاص المقربين منه.

من المستفيد من الاشتباكات بين ميليشيات قسد والعشائر العربية؟

وقال أحد موظفي منظمة القرن الدولية أرون لوند، أن جميع الأسباب مثل القرية والأسرة والعشيرة والتجارة والتهريب قد تكون ممكنة لاندلاع الصراع، ولكن بالإضافة إلى ذلك، فإن الجانب الإثني “عربي-كردي” الذي قد يؤدي إلى تصاعد الصراع السياسي مهم أيضًا.

ووصف لوند المنطقة بأنها “برميل بارود”، وأشار إلى أنه إذا انتشرت الاشتباكات وتدهورت العلاقات بين العرب والأكراد، فلن يكون هناك نقص في الجهات المهتمة بزيادة الفوضى.

ووفقًا لوكالة فرانس برس (AFP)، انتقلت الاشتباكات أيضًا إلى محافظة الحسكة المجاورة بعد دعوة القوات العسكرية المدعومة من تركيا لدعم المعارضين لقوات YPG في دير الزور.

وفيما يتعلق برئيس النظام السوري بشار الأسد، فإنه يرفض التواصل مع الإدارة الكردية الذاتية في المنطقة ويتهمها بـ “الانفصالية”.

وفي ختام حديثه لوكالة فرانس برس، لخص لوند آرائه قائلاً: “لدى (تركيا والنظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية) مصالح مشتركة في تقويض النظام السائد حالياً في المنطقة.”

إعداد وتحرير: عبد الجواد حميد

التعليقات مغلقة.